برز تطور فريد من نوعه في مجال تحدي النظام السوري للمجتمع الدولي وإصراره على تخريب مهمة المراقبين. فقد نفذت قوات السلطة عملية "إعدام ميداني" لتسعة نشطاء كانوا قد التقوا وفد المراقبين الدوليين اثناء زيارتهم لحماة الأحد الماضي. وذكرت الرابطة السورية لحقوق الانسان ان "القوات العسكرية والأمنية وبمرافقة ميليشيات مدنية مسلحة موالية للنظام اقتحمت حي (الأربعين) ومشاع الأربعين واعتقلت العديد من الناشطين وقامت بعمليات اعدام ميدانية بحق تسعة من الناشطين الذين التقوا أعضاء وفد المراقبين الدوليين).
ووزع ناشطون اشرطة فيديو تحدثوا فيها عن "مجزرة" في حي الاربعين، وأظهر احدها شارعا شبه مقفر فيه بقع كبيرة من الدماء. وبدت فتاتان تبكيان وهما تحملان صورة رجل قالت احداهما انه عمها والاخرى انه والدها، بينما كانت امرأة اخرى تجلس ارضا تنتحب حاملة قميصا لاحد افراد عائلتها.
إلى ذلك، هز انفجار عبوة ناسفة العاصمة السورية دمشق، أمس، غداة مقتل نحو 80 شخصا في أعمال عنف متفرقة، خصوصا في حماة. كما واصلت قوات الأمن والجيش عمليات الدهم وإطلاق النار في مناطق متفرقة، رغم مرور 12 يوما على قرار وقف إطلاق النار ووجود المراقبين الدوليين الذين يواصلون جولاتهم في المناطق السورية.
وفي حين أعلن الجيش السوري الحر "تحرير" 70 % من دير الزور، إلا أن تصاعد العنف في عدة مناطق يثير الشكوك تجاه فرص نجاح خطة المبعوث الأممي- العربي كوفي عنان، ما حدا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى تكرار مناشدته الأطراف كافة بالتهدئة، مشددا على ضرورة توفير السلطات السورية حماية تامة للمراقبين الدوليين وضمان حريتهم في التنقل والحركة "وان تؤمن لها وسائل نقل جوية".
وهذا ما كررته الخارجية الأميركية التي أبدت قلقها من استمرار المعارك، بينما حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أي محاولة لعرقلة عمل وفد مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، قائلا إن "عمل المراقبين عنصر إيجابي، وآمل ألا يتمكن الذين يحاولون عرقلة عمل وفد الأمم المتحدة في سوريا، من تنفيذ مشاريعهم".
وكان المبعوث الدولي قد وصف قرار إرسال المراقبين، وبالتالي مهمتهم (مراقبة وقف إطلاق النار) بأنه "لحظة حاسمة" تمهد لبدء حوار. وربما هذا ما يفسر كون الوضع في مدينة حمص "هادئا" نسبيا على عكس المدن الأخرى، وذلك نظرا لوجود مراقبين اثنين بصورة دائمة هناك.
وهذا ما يفسر أيضا قرار البعثة "تثبيت" اثنين من أعضائها في حماة التي تعرضت لقصف عنيف بالمدافع والرشاشات الثقيلة الاثنين (أي بعد يوم واحد من زيارة البعثة إلى هذه المدينة) أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 34 شخصا وإصابة العشرات بجروح.
ميدانيا، جاء في شريط عاجل على قناة "الاخبارية" السورية أن "مجموعة إرهابية مسلحة تفجر عبوة ناسفة بسيارة بالقرب من مجمع يلبغا في منطقة المرجة في دمشق، ما اسفر عن اصابة ثلاثة اشخاص واضرار مادية بالابنية المجاورة".
إلا أن وكالة الانباء الرسمية (سانا) ذكرت أن "مجموعة ارهابية مسلحة" ألصقت العبوة تحت سيارة من جهة السائق ما ادى الى اصابته بجروح.
وبدورها تحدث الهيئة العامة للثورة السورية عن سقوط قتيل جراء الانفجار، الذي قالت إنه وقع قرب المستشارية الإيرانية.
من جهة ثانية، اغتيل مساعد أول في المخابرات في حي برزة الدمشقي، في وقت دارت فيه اشتباكات بين القوات النظامية وعناصر من المجموعات المنشقة، ولم ترد انباء عن سقوط ضحايا بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وأشارت الهيئة العامة للثورة إلى اقتحام قوات االأمن مدينة الضمير في ريف دمشق بالمدرعات الثقيلة وشن حملة مداهمات، إضافة لإطلاق نار عشوائي في دوما ودخول تعزيزات أمنية لبلدة كفر بطنا (ريف دمشق) بعيد منتصف الليلة الماضية.
وفي دوما سمعت صباحا أصوات انفجارات واطلاق نار كثيف. واقتحمت القوات النظامية الاحد هذه المدينة التي تعد مركز الاحتجاجات في الريف الدمشقي بعدد من الدبابات تحت غطاء مدفعي وناري كثيف. وأفاد المرصد السوري بسقوط قتيل في دوما بنيران القوات النظامية خلال اشتباكات.
وفي حمص، افاد المرصد عن تشييع جثامين ثلاثة مواطنين من عائلة واحدة، هم أم وابنها وابنتها قضوا متأثرين بجراح أصيبوا بها اثر اصابة منزلهم بقذيفة في حي القصور. وفي الوقت نفسه، تعرضت الرستن لقصف بالقذائف والاسلحة الثقيلة.
كما اجتاحت قوات الأمن والجيش إدلب. وفي درعا، نفذت قوات الأمن حملة مداهمات بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة انخل اعتقلت خلالها 23 شخصا، فيما سمعت اصوات اطلاق رصاص كثيف في مدينة بصرى الشام، وفق المرصد.
ومساء الاثنين خرجت تظاهرات في عدد من المدن، رفعت فيها لافتات وشعارات تنتقد بطء مهمة المراقبين وعدم التزام النظام بخطة المبعوث الدولي كوفي عنان، منها "الشهداء بالجملة، المراقبون بالتقسيط، من دون دفعة اولى"، واخرى "آخر كذبة نيسان الالتزام بخطة عنان" التي رفعها متظاهرون في حي القابون الدمشقي.
وابع فريق المراقبين، الذي بلغ عدد افراده 11 مراقبا، جولاته في عدد من المناطق السورية، وزار أمس حماة للمرة الثانية، التي تعرضت لليوم الثاني لقصف بالمدفعية والأسلحة الرشاشة ما دفع الأهالي الى إعلان الإضراب العام "احتجاجا".
وقال المسؤول في الوفد نيراج سينغ "إن مراقبين اثنين يمكثان في حمص واثنين في حماة فيما يتابع الآخرون جولاتهم الميدانية".
وتوقع سينغ وصول مراقبين "آخرين في الأيام المقبلة". واشار الى ان الفريق "زار ايضا مناطق متعددة في البلاد"، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
لكن "سانا" أفادت بأن "وفدا من المراقبين الدوليين زار دوما في ريف دمشق"، بعد زيارة تمت الاثنين واستقبلهم فيها آلاف المتظاهرين المناهضين للنظام.
اضف تعليق