بدأ المرشحون لخلافة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يترك السلطة بعد ولايتين متتاليتين بتسجيل ترشيحهم اليوم الثلاثاء للانتخابات المقررة بعد أسبوع. ويتقدم الكثير من المرشحين من صفوف المحافظين في غياب مرشحين إصلاحيين بارزين. ويحظر الدستور على أحمدي نجاد الترشح لولاية ثالثة.
وأثارت إعادة انتخاب أحمدي نجاد المحافظ في يونيو/حزيران 2009 موجة تظاهرات احتجاجاً على نتائج الانتخابات، وعمدت السلطات إلى قمعها بالقوة مندّدة بمؤامرة مدعومة من دول أجنبية.
ورفض آنذاك المرشحان الإصلاحيان رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي نتائج الانتخابات، داعيين إلى التظاهر، وقد وُضِعا فيما بعد قيد الإقامة الجبرية.
وسيرث خلفه وضعاً اقتصادياً في تدهور شديد لاسيما بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة من الغرب على خلفية الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني الذي يشتبه في أنه يخفي شقاً عسكرياً يهدف إلى حيازة السلاح النووي، رغم نفي طهران المتواصل.
كما سيترتب على الرئيس الجديد التعامل مع الأزمة السورية في وقت يتدهور الوضع في هذا البلد الذي يعتبر حليف إيران الرئيسي في المنطقة، وحيث يدور نزاع دامٍ مستمر منذ أكثر من سنتين.
وأمام المرشحين خمسة أيام لتسجيل ترشيحهم لدى وزارة الداخلية، وبعدها يقوم مجلس صيانة الدستور المُكلّف الإشراف على الانتخابات والذي يسيطر عليه رجال الدين المحافظون بإعلان قائمة المرشحين الذين قبلت ترشيحاتهم ويحق لهم خوض الانتخابات، وذلك في مهلة تمتد حتى 23 مايو.
وأعلن العديد من المحافظين عزمهم على التقدم للانتخابات، المقررة في 14 يونيو/حزيران، ومن بينهم وزير الخارجية السابق (1981-1997) علي أكبر ولايتي، المستشار الحالي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في الشؤون الدولية، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، ورئيس مجلس الشورى السابق غلام علي حداد عادل، وقد شكّل الثلاثة ائتلافاً من أجل التقدم.
ومن المحتمل أن يدعم أحمدي نجاد الذي واجه انتقادات صارمة من المحافظين، مستشاره اسفنديار رحيم مشائي المتهم بالانحراف عن مبادئ الثورة والسعي لتعزيز القومية الإيرانية، لكن من المستبعد – برأي الخبراء – أن يُصادق مجلس صيانة الدستور على ترشيحه. كما تقدم مرشحون آخرون محافظون لاسيما وزير الخارجية السابق منوشهر متكي.
أما في صفوف الإصلاحيين والمعتدلين، فمن المتوقع أن يترشح عدد من الشخصيات لاسيما نائب الرئيس السابق محمد رضا عارف وحسن روحاني المفاوض الإيراني في الملف النووي في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي.
وحذر وزير الاستخبارات حيدر مصلحي الأسبوع الماضي خاتمي ورفسنجاني من الترشح، مؤكداً أن السلطة لم تنسَ دورهما في الحركة الاحتجاجية التي تلت الانتخابات الرئاسية عام 2009. وشارك مئات الآلاف في تلك الفترة في تظاهرات حاشدة تنديداً بعمليات تزوير مكثفة تخللت الانتخابات، استجابة لدعوات المرشحين الإصلاحيين موسوي وكروبي.
وسيعلن مجلس صيانة الدستور في 23 مايو القائمة النهائية للمرشحين الذين تكون أمامهم ثلاثة أسابيع لخوض حملتهم الانتخابية. وفي 2009 سجَّل حوالى 475 شخصاً ترشيحهم، لكن مجلس صيانة الدستور لم يُصادق سوى على أربعة مرشحين بينهم محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري الذي يترشح مجدداً هذه السنة.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية ، زاد رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني هاشمي رفسنجاني من حدة لهجته بخصوص حيثيات الانتخابات، موجهاً تهديداً مبطناً للمرشد الأعلى للنظام بقوله: "لو سادت ظروف نشب فيها النزاع والخلاف بيني وبين المرشد لخسرنا جميعاً".
وأكد رفسنجاني في خطاب أمس أمام عدد من طلاب الجامعات الإيرانية أنه لن يرشّح نفسه في حالة عدم موافقة المرشد على ترشيحه، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية، حسب تعبيره، مشدداً على أن ما وصفهم بأعداء بلاده ليسوا بحاجة لشنّ حرب على إيران، لأن الظروف السائدة في البلاد كفيلة بدفعها نحو "الهاوية".
وذكرت وكالة "مهر" للأنباء شبه الرسمية أن رفسنجاني كان يتحدث مساءً في طهران وعبّر الحاضرون عن استيائهم إزاء الوضع السائد، ودعوه لترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، حيث ردّ عليهم قائلا إنه يدرس إمكانية خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، التي يبدأ تسجيل المرشحين لخوضها غداً الثلاثاء.
التيارات المتحجرة
وكشف رفسنجاني عن استياء كبار مسؤولي النظام تجاه "الكبت" السائد، متهماً ما وصفه بـ"التيارات المتحجرة" بالوقوف وراء هذا الكبت، "خلافاً للدستور ومبادئ الثورة وإرادة المسؤولين الرئيسيين للنظام"، مشدداً على أن الشعب سيشقّ طريقه بالرغم من الصعاب، حسب قوله.
وفي معرض ردِّه أضاف رفسنجاني :"أنتم الجيل الثالث للثورة لذا ينبغي أن تتحلّوا بالأمل أكبر من جيلنا، فأنا لا أتوقع أن أسمع حديث اليأس والإحباط منكم. فبنفس الوتيرة التي تتحدثون عن الحرية يدعو البعض إلى العبودية.. الهجوم يبدأ دائماً من قبل الباطل والظالم وهكذا هو ديدن الاستبداد الذي يريد تضييع الحقوق".
إيران نحو الهاوية
وفي معرض إشارته إلى العقوبات المفروضة على بلاده أكد أن ما وصفهم بأعداء بلاده ليسوا بحاجة لشنّ حرب على إيران لأنه – حسب تعبيره – فإن الظروف السائدة في البلاد كفيلة بدفعها نحو "الهاوية" تلقائياً. وحذر من الأخطار المحدقة التي باتت تلوح في الأفق مرة أخرى وتنذر بظروف أسوأ من مثيلاتها في السابق، مضيفاً أن السنوات الثماني الماضية، أي فترة حكم أحمدي نجاد، شهدت ظلماً وإجحافاً بحق الثورة والوطن والشعب وتاريخ البلاد.
وأكد رفسنجاني أن الإسلام لا يوافق على فرض الدين؛ لأن الله خلق الانسان حراً، "ودستورنا خصص 40 مادة حول حقوق الشعب، وشدد كثيراً على حقوق العامة". وفي الوقت نفسه بشّر بأن "أصوات الشعب ستقول كلمتها في نهاية المطاف، وأن الإصلاحات ستسود شاء مَنْ شاء وأبى مَنْ أبى".
اضف تعليق