اعتقلت الشرطة البلجيكية الخميس رجلا حاول دهس حشد وهو يقود سيارته بسرعة فائقة في منطقة تسوق بمدينة انفير، كما أعلن ناطق باسمها، مؤكدا أنه تم العثور على أسلحة وسكاكين داخل سيارته.
وقال سيرج مويترز قائد شرطة انفير إن الرجل فرنسي من أصل شمال أفريقي واستخدم سيارة بلوحات تسجيل فرنسية.
وأضاف في مؤتمر صحافي في انفير نقله التلفزيون أن “سيارة تحمل لوحات تسجيل فرنسية حاولت دهس حشد بسرعة فائقة في مير” وهو شارع تسوق. وتم توقيف رجل كان يرتدي زيا يشبه الزي العسكري”، موضحا أن “المشاة اضطروا إلى القفز إلى جانب الطريق”.
وقال بارت دي ويفر رئيس بلدية انفير “أتوجه بالامتنان باسم مدينة انفير للجنود الذين تدخلوا وجهاز الشرطة وقوة التدخل الخاص”.
ويأتي هذا الهجوم غداة مقتل ثلاثة أشخاص في هجوم على البرلمان البريطاني إضافة إلى المهاجم، وفي الذكرى الأولى لهجمات بروكسل التي تصادف الثاني والعشرين من مارس/اذار والتي أدت إلى مقتل 32 شخصا.
وتزايد اتجاه المتطرفين لتنفيذ عمليات دهس المشاة بالعربات مثل العملية التي نفذها شخص قرب البرلمان البريطاني الأربعاء لأنها رخيصة التكاليف سهلة التنفيذ ومن الصعب منعها، وهو ما يشكل كابوسا يؤرق دولا أوروبية وغيرها من دول العالم.
ويقول خبراء إن أسلوب دهس الناس لا يستلزم الحصول على متفجرات أو أسلحة ويمكن أن ينفذه مهاجم بمفرده دون استخدام شبكة من المتطرفين وكل ذلك يقلل خطر تنبيه الأجهزة الأمنية.
وقال سباستيان بيتراسانتا النائب الاشتراكي الفرنسي والخبير في شؤون الإرهاب “هذا النوع من الاعتداءات لا يحتاج لاستعدادات خاصة فهو منخفض التكلفة جدا وفي متناول أي شخص.”
وأضاف “هي في كثير من الأحيان عمل فردي. ومن الممكن أن تكون تلقائية جدا.”
ولقي أربعة أشخاص أحدهم المهاجم مصرعهم وجرح حوالي 40 شخصا في لندن بعد أن دهست سيارة المشاة وطعن المهاجم شرطيا بالقرب من البرلمان البريطاني فيما وصفته الشرطة بأنه هجوم إرهابي.
واستخدم مهاجمان شاحنتين العام الماضي في دهس المارة في برلين وفي مدينة نيس الفرنسية على خلاف ما شهدته باريس ومدريد بل ولندن نفسها عام 2005 من هجمات أكثر تنظيما استخدمت فيها فرق من المفجرين والمسلحين.
وقد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم نيس الذي وقع في يوليو/تموز 2016 ونفذه مهاجم فرنسي من أصل تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال بشاحنة مخلفا 86 قتيلا خلال احتفالات بيوم الباستيل وعن هجوم برلين الذي وقع في ديسمبر/كانون الأول 2016 وقتل فيه 12 شخصا عندما اقتحم سائق شاحنة يدعى أنيس العامري وهو أيضا مهاجر تونسي، سوقا في عيد الميلاد.
وأعلن التنظيم المتطرف الخميس مسؤوليته عن هجوم لندن أيضا.
وكان التنظيم شجع قراء مجلته الالكترونية رومية عام 2016 على استخدام السيارات في القتل والإصابة.
والاعتداءات بالشاحنات أو السيارات ليست بالأسلوب الجديد في الشرق الأوسط، ففي عام 2008 صدم فلسطيني سيارات بشاحنة يقودها في أحد شوارع القدس قبل زيارة باراك أوباما أثناء خوضه انتخابات الرئاسة الأميركية فجرح 16 شخصا على الأقل.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي دهس فلسطيني آخر مجموعة من الجنود الإسرائيليين في القدس فقتل أربعة منهم في عملية وصفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنها على الأرجح من وحي تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال بول بيلار المحلل السابق بالمخابرات المركزية الأميركية إنه رغم تركز القلق لفترة طويلة على “الوسائل المتطورة أو المتقدمة لشن هجوم إرهابي فإن أسهل الوسائل المتاحة لقتل عدد كبير من الأبرياء كانت على الدوام بسيطة ولا تستلزم تطورا أو تدريبا.”
وأضاف “من هذا دهس الناس بعربة في أي شارع مزدحم من شوارع المدينة. وربما يتم اختيار المواقع التي لها أهمية سياسية أو دينية مثل سوق عيد الميلاد أو القرب من البرلمان الوطني لكن توجد على الدوام أماكن عامة معرضة للهجوم وفيها كثير من الناس.”
وعن هجوم الأربعاء قال جان شارل بريسار رئيس مركز تحليل الإرهاب وهو من مراكز الأبحاث الأوروبية “بسيارة يوقعون عددا من القتلى أكبر كثيرا من استخدام السكين أو المنجل.”
وتابع “تتزايد اليوم صعوبات التنبؤ بالهجمات بأسلحة بدائية بالمسدسات والسكاكين والعربات.”
وقالت آن جوديسيلي رئيسة شركة تروريسك للاستشارات الأمنية في باريس إن اليقظة الزائدة في المدن الكبرى ساهمت في تغيير نهج المتطرفين.
وأضافت “في كل مرة تطبق فيها إجراءات جديدة بعد هجوم أو إحباط هجوم يتكيف المهاجمون للالتفاف عليه وإيجاد الثغرات.”
وقال تايسون باركر مدير البرامج لدى معهد آسبن في ألمانيا إن هجوم لندن يؤكد صعوبة حماية الأهداف “الرخوة” وتحقيق التوازن بين الأمن والحرية في المجتمعات الأوروبية المفتوحة.
وأضاف “لا يمكن القضاء تماما على احتمال وقوع هجوم” وأن من السابق لأوانه التنبؤ بعواقب أحداث الأربعاء غير أن هجوما شنه متعاطفان مع الدولة الإسلامية في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا عام 2015 كان سببا في إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعهدا خلال حملته الانتخابية بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
وأدى الهجوم الذي وقع في برلين إلى تغييرات كبيرة في السياسات الألمانية فيما يتعلق بأعمال المراقبة بكاميرات الفيديو والقدرة على احتجاز طالبي اللجوء ممن تحوم حولهم الشبهات.
وقال منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية الموجود في باريس ضمن وفد لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين حول مكافحة الإرهاب، إن هزيمة جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة يمكن أن تؤدي إلى تفتت خطر الإرهاب بما يمثل مشاكل جديدة للحكومات.
وتابع “عندما يُهزمون في سوريا والعراق سنواجه جميعا صعوبات ولا أحد يعرف أين سيذهب مقاتلو التنظيم.”
وأضاف “أعتقد أننا سندخل المرحلة التالية من الإرهاب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والذئاب المنفردة.”
اضف تعليق