في جنازة شعبية مهيبة أعادت إلى الأذهان مشهد تشييع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في فبراير 2005, سيطرت عليها مشاعر الغضب والاستياء, شيع عشرات آلاف اللبنانيين, أمس, رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء الشهيد وسام الحسن, الذي اغتيل بانفجار سيارة مفخخة الجمعة الماضي, في جريمة إرهابية تحمل بصمات النظام السوري.
وشارك في مراسم التكريم والتأبين الرسمية التي جرت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وكبار الضباط والمسؤولين.
وبعد انتهاء المراسم الرسمية, نقل جثمان الحسن وسط مواكبة أمنية مشددة إلى مسجد محمد الأمين وسط بيروت, حيث جرت الصلاة عليه بمشاركة الآلاف يتقدمهم كبار أركان قوى "14 آذار", ثم ووري الثرى إلى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة الشهداء وسط بيروت.
وفي كلمة نارية له خلال التشييع, حمل رئيس كتلة "المستقبل" النئابية رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الحكومة مسؤولية اغتيال الحسن, مؤكداً أن لا حوار ولا كلام قبل سقوطها.
وقال السنيورة, في خطاب ذي لهجة تصعيدية امام الآلاف في ساحة الشهداء القريبة من مقر رئاسة الحكومة, "لا كلام قبل رحيل الحكومة" و"ليكن واضحا وجليا وسنقولها بصراحة: لا حوار على دم الشهداء ولا حوار على دماء اللبنانيين".
واضاف متوجها الى ميقاتي "اخرج يا دولة الرئيس ميقاتي الى حيث يريدك اللبنانيون, وإلا فأنت متهم بالتغطية على المجرمين والقتلة".
وتابع "اخرج لأن الشعب اللبناني لن يقبل بعد اليوم استمرار حكومة الاغتيال", مكررا ثلاث مرات "الآن أنت المسؤول".
وقال السنيورة "هذه الحكومة هي المسؤولة عن جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ورفاقه الشهداء, فلترحل اذن".
وبرر هذه المسؤولية بوجود "تآمر ومساعدة محلية للقاتل الجبان والذي اصدر الاوامر بالقتل", مضيفا "هناك مساعدة ومؤازرة بدأت من مطار بيروت وصولا الى مكان الجريمة في الاشرفية", في اشارة إلى وصول الحسن إلى بيروت فجر الجمعة الماضي واغتياله بعد ذلك بساعات في منطقة الأشرفية.
وقال السنيورة لميقاتي "لم يعد بإمكانك الاستمرار كما أنت وحيث أنت واستمرارك في موقعك يعني انك موافق على ما جرى", مذكراً بأن الحكومة "ولدت من رحم الانقلاب المسلح الذي نفذه حزب الله والنظام السوري" على حكومة الوحدة الوطنية السابقة برئاسة سعد الحريري في يناير 2011.
وخلص السنيورة إلى القول "لا لحكومة تعمل على تغطية الجريمة. نعم لحكومة إنقاذية محايدة برئيسها وأعضائها يطمئن إليها اللبنانيون وتحمي اللبنانيين وتعبر باللبنانيين الى مرحلة جديدة. هذه هي طريق الإنقاذ".
ويلخص كلام السنيورة موقف المعارضة التي ترفض أي حوار قبل رحيل الحكومة, بعد إعلان ميقاتي اول من أمس أنه ابلغ الرئيس ميشال سليمان رغبته في تقديم استقالته إلا أن الأخير طلب منه التريث حتى يجري مشاورات مع أقطاب هيئة الحوار الوطني, أي الزعماء السياسيين من مختلف القوى.
وعقب كلمة السنيورة, وفي ظل الغضب الذي خيم على المشيعين, توجهت مجموعات منهم إلى السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح المتاخمة لساحة الشهداء وحاولت اقتحامه إلا أن قوات الأمن تصدت لهم فوقعت صدامات بين الطرفين أسفرت عن سقوط جرحى.
وقال شرطي قرب السراي ان "مجموعة من المتظاهرين حاولوا اقتحام الاسلاك الشائكة عند المدخل الرئيسي للسراي الحكومي, واطلقت القوى الامنية النار في الهواء والقنابل المسيلة للدموع لابعادهم".
وأفاد صحافيون أن المتظاهرين ازالوا حاجز الاسلاك الشائكة الذي يعيق الوصول الى السراي, وألقوا باتجاه الحراس والقوى الامنية حجارة وقطعا خشبية ما تسبب باصابة عدد من عناصر الامن بجروح, كما اصيب بعض المتظاهرين بالاختناق نتيجة القنابل المسيلة للدموع.
واعادت القوى الامنية الحاجز بعد ان ابعدت المتظاهرين الذين كرروا محاولة الاقتحام اكثر من مرة.
وبعد مرور أقل من نصف ساعة على المواجهات, وجه رئيس "تيار المستقبل" رئيس الوزراء السابق سعد الحريري, ابرز اركان المعارضة الموجود خارج لبنان, نداء عبر الهاتف بثه تلفزيون "المستقبل" قال فيه "أطلب من جميع المناصرين فك اي اعتصام واي حركة في الشارع والذهاب الى منازلهم. نحن لسنا طالبي عنف بل سلام".
واضاف "نريد ان تسقط الحكومة بطريقة سلمية. أطالب كل المناصرين والموجودين في الطرق بالانسحاب", مؤكدا ان "القوى الامنية موجودة لحمايتكم".
كما صدرت دعوات مماثلة من السنيورة ومفتي طرابلس والشمال مالك الشعار وحزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية".
وفي حين هدأت الامور في محيط السراي, بقي تجمع للمعتصمين قائماً للمطالبة بإسقاط الحكومة.
وبالتزامن مع أحداث بيروت, قطعت الطرقات بالإطارات المشتعلة والسواتر الترابية في عدد من المناطق, سيما في الشمال والبقاع وبعض مناطق بيروت وفي صيدا جنوباً.
كما وقعت اشتباكات في طرابلس شمالاً, بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية, ما تسبب بسقوط جريحين, ما يرفع عدد الاصابات الى اربعة خلال الساعات القليلة الماضية.
اضف تعليق