كشفت مقاتلون لميليشيا "حزب الله" على جبهة القصير بريف حمص أن خلافًا نشب بين جنود الجيش الأسدي ومقاتلي الحزب بسبب تولي قادة حزب الله لإمرة الجبهة في القصير، الأمر الذي دفع جنود الأسد لقتل كثيرين من ميليشيا الحزب على سبيل الانتقام.
ووفق روايات منقولة عن عائدين من الجبهة، فإن غالبية قتلى "حزب الله" أصيبوا من الخلف، على جبهات مشتركة مع كتائب الأسد.
ويروي هؤلاء أن الجنود في كتائب الأسد الذين ساءهم تسليم الإمرة إلى "حزب الله" غدروا بمقاتلي الحزب، وفتحوا عليهم النيران.
ورفض مقاتلون في الجيش السوري الحر التعليق على هذه المعلومات وقال بعضهم: "نحن ثورة، وغالبيتنا منشقون من الجيش، ولنا رفاق لا يزالون في الجيش وحلمهم أن يتخلصوا من النظام الذي يحتله الطائفيون والإيرانيون، وفهمكم كفاية".
وكانت أنباء لم تتأكد لفتت إلى أن أحد الطيارين الذين كلفوا بالإغارة على جوبر فرغ حمولة طائرته على مراكز مشتركة لكتائب الأسد و"حزب الله".
ووفق هذه الروايات، فإن عددًا غير قليل من القتلى قتلوا برصاص الغدر، فيما قتل آخرون برصاص جنود منشقين مستترين داخل جيش الأسد.
"حزب الله" يقود الهجوم في القصير
إلى ذلك، أرسل "حزب الله" تعزيزات الى مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سوريا، حيث تستمر المعارك الضارية بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، مع تزايد قلق الولايات المتحدة من دوره في النزاع السوري، وعزم الاتحاد الأوروبي دراسة طلب لإدراج جناحه العسكري على لائحة "المنظمات الإرهابية".
في غضون ذلك، أعلنت دمشق، لأول مرة، عن تدمير عربة عسكرية إسرائيلية بمن فيها من جنود، قالت إنها "تجاوزت" خط وقف النار في الجولان، وهو ما ردت عليه إسرائيل. لكن إسرائيل نفت مقتل أي من جنودها بتلك النيران، وحذرت في الوقت نفسه من نشوب حرب "مفاجئة" في المنطقة.
يأتي ذلك فيما تستمر العمليات العسكرية في مناطق سورية عدة، وذلك غداة مقتل نحو 115 شخصا في أعمال العنف، غالبيتهم في دمشق وريفها وكذلك في حمص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويصعب التأكد من دقة هذه التقارير من مصدر مستقل، نظرا للقيود الصارمة التي تفرضها السلطات السورية على الصحافيين والإعلاميين.
100 قتيل في 48 ساعة
وأفاد مصدر أمني سوري أن معارك عنيفة دارت أمس في شمال القصير، حيث يتحصن العدد الأكبر من مقاتلي المعارضة، الذين يسيطرون على المدينة منذ أكثر من عام.
وذكرت صحيفة "الوطن" أن الجيش النظامي "سيطر على جميع المباني الحكومية والحيوية في المدينة ورفع فوقها العلم السوري".
من جهته، أفاد المرصد أن القصير التي بدأت القوات النظامية، مدعومة بعناصر من حزب الله اقتحامها (الأحد)، تتعرض لقصف عنيف يستخدم فيه الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، "مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الطرفين".
وأكدت المجموعات المقاتلة المعارضة أنها صدت هجمات جديدة للقوات النظامية وحزب الله "سقط فيها قتلى للطرفين". وتضيف "المقاتلون جهزوا دفاعاتهم منذ أشهر وقاموا بوضع شراك خداعية وألغام وقنابل على جوانب الطرق لمواجهة الهجمات المدرعة وسيارات حزب الله الجيب".
وقال الناشط الإعلامي المعارض الموجود في القصير، هادي العبد الله، إن المدافعين عن القصير صدوا محاولة اقتحام جديدة لعناصر حزب الله من الجهة الشرقية للمدينة، بينما قال الناشط طارق موري إن عدد القتلى بين مقاتلي المعارضة والمدنيين خلال الـ48 ساعة الأخيرة "تجاوز الـ100 شخص"، مؤكدا أن هجوم الجيش السوري وحزب الله "لم ينجح".
"حزب الله" يقود الهجوم
ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن: "من الواضح أن حزب الله هو الذي يقود الهجوم على القصير». ويضيف أن انضمام حزب الله للقتال "يجعل الوضع أكثر دموية"، حيث أن نحو 2000 من مقاتلي المعارضة المسلحة يبدون «مقاومة شرسة، ويرفضون ترك المدنيين"، الذين يقارب عددهم نحو 30 ألف مدني محاصرون تماما.
وعرضت قناة "المنار" التلفزيونية، التابعة لحزب الله، لقطات لتشييع خمسة عناصر من الحزب الاثنين في لبنان، مشيرة الى أن هؤلاء قضوا "خلال أدائهم واجبهم الجهادي".
وأفاد مصدر مقرب من الحزب وكالة فرانس برس، أن العدد الأكبر من عناصره قتلوا بسبب الألغام التي زرعها المقاتلون المعارضون في المدينة.
وأضاف المصدر، الذي رفض كشف اسمه، أن الحزب "أرسل تعزيزات جديدة من عناصر النخبة الى القصير»، مشيرا الى أنه "اعتقل أيضا عددا من مقاتلي المعارضة، بينهم أجانب". وكانت مصادر أخرى من الحزب تحدثت عن سقوط عدد من عناصرها بما اسمته "نيران صديقة"، في إشارة الى جنود سوريين انشقو عن الجيش النظامي ووجهوا نيرانهم الى مقاتلي الحزب، الذين كانوا الى جانبهم في بداية الهجوم على القصير.
وأثار دور حزب الله في معركة القصير قلقا دوليا من احتمال امتداد الحرب الأهلية السورية الى لبنان وأبعد من ذلك. وأمس، أوضح دبلوماسيون أوروبيون أن بريطانيا تقدمت بطلب الى شركائها الأوربيين لوضع الجناح المسلح لحزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية، على ان تنطلق المحادثات بشأن هذه المسألة "مطلع يونيو" المقبل.
واعتبر مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية، بسام أبو عبد الله، أن أحد جوانب معركة القصير يدخل في إطار المؤتمر الدولي (جنيف -2). وقال إن "الصراع السياسي يتم أيضا على الأرض، ولا بد من معطيات ميدانية وعسكرية لإقناع الطرف الآخر (المعارضة السورية وداعموها) بأن مشروعه فشل".
إسرائيل تتوعّد الأسد
وفي جنوب سوريا، قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية إنه "في فجر الثلاثاء دمرت قواتنا المسلحة الباسلة عربة إسرائيلية بمن فيها، بعد أن دخلت من الأراضي المحتلة وتجاوزت خط وقف إطلاق النار باتجاه قرية بئر العجم، التي تقع في المنطقة المحررة من الأراضي السورية".
وبدوره، أفاد الجيش الإسرائيلي أن جنوده أطلقوا النار ليل الاثنين ـــ الثلاثاء على موقع في الأراضي السورية، بعد تعرض آليتهم لاطلاق نار مصدره سوريا، إلا أنه نفى تدمير أي عربة أو وقوع أي إصابات في صفوف جنوده، مضيفا أن معلومات الجيش السوري في هذا الشأن "لا أساس لها".
وقال رئيس الأركان بني غانتس: "لا يمر يوم من دون أن نكون في عملية اتخاذ قرار قد يؤدي الى تدهور مفاجئ واضطراب في الوضع الأمني". وحذر من حرب مفاجئة في المنطقة، قائلا: "هذا وضع سيرافقنا في المستقبل القريب». وتابع: "الأسد سيدفع الثمن إذا شجع عمليات ضدنا عبر الجولان".
وبدوره، قال وزير الدفاع موشيه يعالون: "سياستنا واضحة، فاننا لن نتدخل في الصراع السوري، إنما حينما يتعلق الأمر بالوضع في هضبة الجولان، فاننا لا نسمح ولن نسمح بوابل من الطلقات على أراضينا".
وكان يعالون يشير الى حادثتي إطلاق نار من الأراضي السورية في أقل من 48 ساعة في هضبة الجولان.
"حزب الله" ينفي مقتل صهر نصرالله
نفت قناة المنار، التابعة لحزب الله ما يتردد عن مقتل صهر الأمين العام للحزب، السيد حسن نصرالله، وارتفاع حصيلة القتلى إلى 120.
وقالت "المنار" إن الكثير من الأخبار التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية "عارية عن الصحة" وأصحابها يعتمدون حسابات "وهمية".
ومن جملة الأخبار التي نفتها القناة حصول زيارة لنائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إلى القصير "لرفع معنويات الجنود"، إلى جانب مقتل علي المصري، صهر الأمين العام في معارك القصير، بالإضافة إلى ارتفاع حصيلة قتلى الحزب في المواجهات إلى 120.
اضف تعليق