خرجت إلى النور أمس حكومة الوفاق الوطني في اليمن، برئاسة المعارض محمد سالم باسندوة، بقرار من نائب الرئيس عبدربه منصور هادي، المنقولة إليه صلاحيات الرئيس علي عبدالله صالح، حيث غابت "بصمة صالح" عن مثل هذا القرار التاريخي لأول مرة منذ 33 عاماً هي الفترة التي قضاها في حكم اليمن، كان فيها صاحب القول الفصل في كل قرارات الدولة.
واصدر نائب الرئيس اليمني أمس مرسوما بتشكيل حكومة الوفاق الوطني اليمنية برئاسة باسندوة وبالمناصفة بين الحزب الحاكم والمعارضة، وذلك بموجب اتفاق المبادرة الخليجية لانتقال السلطة في اليمن.
ونشرت وكالة الأنباء اليمنية نص المرسوم الذي تضمن تشكيلة الحكومة المؤلفة من 35 عضوا بينهم رئيسها المعارض، و34 وزيرا ينتمون مناصفة إلى الحزب الحاكم وحلفائه من جهة، وأحزاب اللقاء المشترك من جهة أخرى.
واحتفظ الحزب الحاكم خصوصا بحقائب الدفاع والخارجية والنفط والاتصالات والأشغال.
وبقي ابوبكر القربي وزيرا للخارجية واللواء محمد ناصر احمد وزيرا للدفاع، وهما مقربان من رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح.
أما المعارضة التي تدخل الحكومة بنصف الحقائب فقد حصلت خصوصا على وزارات الداخلية والمالية والإعلام، والتخطيط والتعاون الدولي، وحقوق الإنسان.
وعين اللواء عبد القادر محمد قحطان وزيرا للداخلية، وهو منصب حساس يفترض أن يتعامل مع مسالة رفع المظاهر المسلحة من شوارع اليمن.
وقحطان كان يشغل منصب مدير الفرع المحلي للانتربول الدولي وانضم إلى الحركة الاحتجاجية، كما يعد مقربا من التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي)، وهو المكون الرئيسي للمعارضة.
وعين محمد سعيد السعدي وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي، وهو أيضا ينتمي للإصلاح. وتعد هذه الوزارة أساسية في إطار الحصول على مساعدات دولية لليمن الذي يعد من أفقر دول العالم.
وعين المستقلون المعارضون، صخر أحمد عباس الوجيه وزيرا للمالية، وعلي احمد العمراني وزيرا للاعلام، وحورية مشهور أحمد وزيرة لحقوق الإنسان.
وفي تعليق على تشكيلة الحكومة، قال المتحدث باسم أحزاب المعارضة البرلمانية محمد قحطان لوكالة فرانس برس "اعتقد أن تشكيل الحكومة وفق الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وبوزراء كلهم يحظون باحترام المجتمع اليمني، يعطينا مؤشرا إيجابيا يحملنا على التفاؤل".
وأضاف: "نأمل أن تسير الأمور بشكل افضل لنخرج من النفق المظلم"، إلا أنه شدد على أن الأمن يبقى المسألة الأهم الذي يجب أن تتعامل معها حكومة الوفاق، خصوصا في ظل استمرار أعمال العنف والاشتباكات في صنعاء وتعز، وان بشكل متقطع.
وقال قحطان، وهو شقيق وزير الداخلية الجديد، إن "الأوضاع الأمنية المقلقة على راس أولويات الشرعية الانتقالية الجديدة لإعادة الأمن والاستقرار إلى محافظات".
من جانبه، قال نائب وزير الإعلام المنتهية ولايته عبدو الجندي، ومن ابرز المتحدثين باسم معسكر الرئيس علي عبدالله صالح، إن "الكل يتطلع إلى أن تعمل الحكومة برغبة صادقة لإعادة الأوضاع الاقتصادية والأمنية لمسارها الصحيح".
واعتبر أن ذلك "يتطلب جهدا صادقا من الأحزاب" المشاركة في الحكومة.
وكان رئيس الحكومة التوافقية محمد سالم باسندوة أكد أمس أنه تم تشكيل الحكومة على أن تعلن رسميا في المساء.
وتأتي هذه الحكومة بموجب اتفاق المبادرة الخليجية التي وقعها الرئيس صالح في 23 تشرين الثاني/نوفمبر وبحسب مواعيد إليتها التنفيذية.
وستقوم هذه الحكومة بإدارة المرحلة الانتقالية مع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويتولى هادي بموجب الاتفاق الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية علي عبد الله صالح الذي سيبقى رئيسا شرفيا حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 شباط/فبراير.
ويفترض أن يتم انتخاب هادي رئيسا للجمهورية في هذه الانتخابات كمرشح توافقي بين الحزب الحاكم والمعارضة.
إلا أن تشكيل الحكومة يأتي في ظل استمرار العنف في البلاد، ما يشكل خطرا على الاتفاق، خصوصا في مدينة تعز والعاصمة صنعاء التي شهدت ليل الثلاثاء الأربعاء وصباح الأربعاء اشتباكات في منطقة الحصبة في شمال المدينة.
واشتدت الاشتباكات في شمال صنعاء بين القوات الموالية للرئيس صالح والمسلحين التابعين للشيخ صادق الأحمر زعيم قبائل حاشد النافذة، دون ان يتضح سقوط ضحايا.
كما قتل 34 شخصا في أعمال عنف في تعز الأسبوع الماضي.
كما يعد تشكيل الحكومة مؤشرا إلى المضي قدما في تنفيذ المبادرة خصوصا في ظل ضغط إقليمي ودولي مباشر على الأطرف، بحسب ما أكدت لوكالة فرانس برس مصادر من المعارضة والسلطة.
اضف تعليق