الرئيسية » رئيسى » “خطاب المحنة” .. الدلالات السياسية والتنظيمية بتسجيل البغدادى الأخير
تقارير ودراسات رئيسى

“خطاب المحنة” .. الدلالات السياسية والتنظيمية بتسجيل البغدادى الأخير

زعيم تنظيم داعش الارهابي أبو بكر البغدادي
زعيم تنظيم داعش الارهابي أبو بكر البغدادي

. كلمة صوتية جديدة تحت عنوان “وقل اعملوا”  أصدرها زعيم  تنظيم داعش الأسبوع الماضى حاثاً أتباعه  من خلالها على الجهاد  ومع أن التسجيل الصوتى اكتسى  بغطاء الوعظ  بيد أنه  جاء مشبعاً  بالعديد من الدلالات السياسية والتنظيمية والتى وظفها البغدادى ببراعة .

إذ عمد البغدادى من خلال الخطاب إلى اجتذاب عدد من أتباع التيارات الأخرى عقب سقوط عدد من مقاتليه إثر الضربات المتتالية له فى سوريا والعراق ، وتجديد الدعوة لهم، عبر إقناعهم بأنّ وسائل التغيير السلمية لن تجدي، فيقول: “يجب إرشادهم أنّه لا سبيل لخلع الطواغيت إلا بالطريق الذي أخبرنا به الله في كتابه، وهو الجهاد في سبيله، وما عدا ذلك فليس سوى أوهام وسراب، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً”.

ويبدو أن التنظيم الاشرس يتجه إلى تخفيف حدة العنف داخله بعد خسارة العديد من المعاقل وتخلى أتباعه  بغية استقطاب عناصر جديدة ، فيدعو البغدادي إلى قبول التوبة قائلاً : “قبول توبة من تاب، فاقبلوا توبة من جاء قبل القدرة عليه، ولا تتركوه حتى يتعلم أمر دينه، ويعلم لأيّ شيء نقاتل، وعلام أصبح هدفاً لأسيافنا، وما يجب عليه تجاه دينه من النصرة، وأمّته من الدعوة والإرشاد للمنهج الحقّ”.

زعيم داعش يحاول كذلك  تصحيح أخطاء وقع فيها التنظيم ؛ خاصة تلك التى تتعلق بضم عناصر غير متشبعة بأفكار التنظيم، تخلّت عنه في النهاية عندما اشتدت وطأة المعارك، أو ذهبت للاستسلام لأعدائه دون قتال، أو سارعت لمبايعته عند تمكّنه، ثمّ ما لبثت أن نكست، فيأتي بعد ذلك هذا الخطاب ليضع ضوابط للتجنيد ومعايير لفرز العناصر.

المخاطر الأمنية تبدو جلية فى الرسالة الصوتية لزعيم داعش فقد دعا أعضاء التنظيم  لاقتحام السجون، وإخراج عناصر جماعته بأيّة وسيلة  كانت؛ سواء من خلال الهجوم المسلح، أو بدفع فدية في حال عدم استطاعتهم استخدام الحلّ الأول مؤكداً على ضرورة استنساخ غزوة هدم الاسوار ( كسر السجون) , كما حضهم على القيام بسلسلة من الاغتيالات  تشمل العديد من القضاة والضباط والمحققين، بالسجون التى يقبع بها عناصر تنظيمه  ، استخدم البغدادى فى ذلك لغة تخاطب وجدان الجهاديين وتلهب وجدانهم حيث قال : “أما أشجى النوازل وأشدّها، فالسجون، السجون يا جنود الخلافة، إخوانكم وأخواتكم، جدّوا في استخراجهم، ودكّ الأسوار المكبلة لهم. ويحفل تاريخ التنظيم بالعديد من الوقائع التي استطاع فيها اقتحام العديد من السجون، وإخراج المئات من عناصره، حتى قبل تمدّده في العراق وسوريا، كانت اكبرها وأهمها  اقتحام سجن أبو غريب، وإخراج المئات من المعتقلين فيه

اعادةِ التذكير بمرور نصف عقد على إنشاء التنظيم وتكرار  العبارة ستة مرات فضلاً عن تحدثه  عن أماكن مختلفة يقود فيها التنظيم معاركه وعملياته يومياً، منها مالي والشرق الأدنى  واستعراضه بغيرِ وعيٍ دولته المزعومة بدءاً من خُراسان انتهاء بالساحل المخاتل  قاصدا دول الخليج يحمل إشارات على عزمه الاستمرار .

اللافت كذلك  فى خطاب البغدادى , ذكره للسنة خمس مرات، حيث أوصى بعدم التغليظ معهم، والعفو متاهات جهالتهم ، وضرورة  كسبهم بالمراحمة، ربما يحمل دلالات على المراجعة الفكرية والاتجاه إلى  الدعوة بالحسنى، بعد اعتبار عوام الناس يجهلون ما جاء به،

غير أن تضمين الخطاب أوصاف على غرار  الصليبيين والرافضة الصوفيين والملاحدة والطواغيت المرتدين في شتى بقاع الأرض يشى بإمكانية ضلوع التنظيم  فى شن هجمات تتصل بالطوائف الدينية الأخرى .

الخطاب الرابع الذي يلقيه “البغدادي منذ إعلان قيام تنظيم “داعش” يندرج تحت مايعرف فى أدبيات التيارات الإسلامية المتطرفة ” بـ” خطاب المحنة ” تهدف من خلاله الجماعات الجهادية إلى التكيف مع الواقع  وبث الأمل فى نفوس أتباعه مع التبشير بالنصر وفى تلك النوعية من الخطابات يتم توظيف  آيات التحفيز والتمسك والصبر لشحذ الههم وهو ما انعكس فى خطاب البغدادى الأخير