الرئيسية » رئيسى » خطوات مدروسة ..لماذا أعفى خامنئى قائد الحرس الثورى الإيراني؟
تقارير ودراسات رئيسى

خطوات مدروسة ..لماذا أعفى خامنئى قائد الحرس الثورى الإيراني؟

فى خطوة مدروسة وإن بدت مفاجئة  قام المرشد الأعلى آية الله خامنئى بإعفاء  قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، من منصبه، وعين نائبه، حسين سلامي، خلفا له , الأمر الذى يفتح شهية التساؤلات حول دلالة التوقيت لاسيما وأن جعفرى لم يستكمل مدته المحددة بثلاث سنوات إذ وفقا  للنظام  الإيراني يعين المرشد قائد الحرس الثورى لمدة 10 سنوات على أن ينظر فى أمره ا بالإقالة أو التمديد 3 سنوات اضافيه.

عزل جعفرى من المنصب الذى تولاه فى عام 2007 يؤشر إلى عدة أمور تتعلق بالسياسة الأميركية تجاه نظام طهران , فقد جاءت خطوة المرشد بعد أيام قلائل من إعلان واشنطن  الحرس منظمة ارهابية واضافته إلى اللائحة السوداء بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكىفي فى سابقة كانت الأولى لتصنيف الولايات المتحدة  جزءا من حكومة أجنبية إرهابيا. مما يعكس حجم الصدمة التى تلقت بها الدواائر صنع القرار  الإيرانية  القرار الأميركى والتى ردت عليها طهران عبر مرسوم صدر من مجلس الأمن القومي الإيراني بإدراج القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية المسؤولة عن أنشطة الولايات المتحدة العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في القائمة الإيرانية للمنظمات الإرهابية.

قرار الإدارة الأميركية لعب أيضاً دوراً هاماً فى اختيار الشخصية التى خلفت جعفرى فى قيادة ذراع الملالى  إّذ أن صعود  حسين سلامى على رأس هذه المؤسسة بعد أن شغل منصب نائبا قائد الحرس مدة 9 سنوات وشارك في الحرب العراقية الايرانية 1980-1988 وقاد القوات الجوية للحرس يحمل دلالات تتعلق بسياسة طهران تجاه واشنطن خلال الفترة المقبلة  . فالرجل يحسب على تيار الصقور المتشدد وتتسم لهجته بالعدوانية  تجاه واشنطن وتل أبيب رغم كونها لاتخلو من الاستعراض الممنهج بهدف التعبئة الشعبية وحشد الجماهير  .بما يعنى أن خامنئى يتأهب لمرحلة جديدة من التصعيد والتراشق الإعلامى مع الإدارة الأميركية لاسيما بعد تصنيف الحرس الثورى كمنظمة إرهابية  .

ولعل مايبرهن على مسار خامنئى التصريحات السابقة لسلامى ,  فالرجل لم يترك جبهة معادية لبلاده إلا وطالتها تهديداته , وفي مايو 2016، هدّد سلامي نائب رئيس الحرس الثوري وقتها بأن بلاده ستغلق مضيق هرمز الاستراتيجي أمام الولايات المتحدة وحلفائها حال أقدموا على أي مغامرة، ردًا على منع مرور النفط الإيراني من الممر العالمي، وهو التصريح الذي أثار ضجة وقتها وصعد من احتمالات نشوب حرب بين الدولتين. وفي كانون الأول/ديسمبر 2011، وصفت الخارجية الأميركية التهديدات الإيرانية أيضاً على لسان حسين سلامي بإغلاق مضيق هرمز بـ”غير العقلانية، قائلة إن إيران بدأت تشعر أخيراً بوطأة العقوبات الدولية عليها”، وبعد قرار واشنطن حول الجولان السورى قال : “الجيش الايراني في مرتفعات الجولان ينتظر التعليمات لازالة اسرائيل من الوجود”.. وووجه كلامه إلى نتنياهو: “ستهرب إلى البحر المتوسط قريبا.. يتعلّم نتنياهو والصهاينة السباحة لأنه لن يكون أمامهم الا البحر للهروب”. بل إن أكد  في آخر ظهور له قبل تعيينه على مواصلة التحدي حيث قال إن قوات الحرس الثورى تفخر أن ينعتها شخص مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإرهاب

التصريحات النارية لحسين سلامى لم تتوقف عند خصوم بلاده بل امتدت للدول الأوروبية . ففي مقابلة له مع التليفزيون الحكومي الإيراني في الـ3 من فبراير الماضي، وجّه تهديدًا مبطنًا لأوروبا قائلاً: “اليوم لو قررت أوروبا أو غيرها وفقًا للمؤامرة، الإصرار على نزع السلاح الصاروخي للجمهورية الإسلامية الإيرانية سوف نضطر لإحداث قفزة في استراتيجيتنا”. وواصل مؤكدًا: “إيران بإمكانها تغيير كل العوامل والمؤثرات لتطوير قوّتها على الجغرافيا وفي المجال التقني”، مشددًا على أنه “أمام القوة الصاروخية الإيرانية آفاق مفتوحة وبلا حدود في مجال التنظيم والتطوير الكمي والنوعي ولن نقبل بأي مانع على هذا الطريق”.

لذا يبدو القائد الجديد للحرس الثورى هو خيار المرحلة ورجل الضرورة من وجهة نظر المرشد الأعلى والذى ربما يسعى لضخ دماء جديدة فى أقوى مؤساسته عبر تعيين  قادة يتسمون  بمواقفهم  الأكثر تشددًا حيال خصوم بلادهم ,فعلى الرغم من تريجحات البعض بحدوث تغير فى نهج طهران العدائى وإمكانية إبداء الملالى قدراً من المرونة على خلفية  الحظر  والعقوبات الأميركية غير أن اختيار حسين سلامى جاء ليبدد تلك التوقعات ويؤشر على استمرار  رفض إيران تنفيذ حزمة المطالب الـ 12 للولايات المتحدة.

.وثمة دوافع داخلية حفزت  من قرار الإطاحة بجعفرى وتصدر سلامى لمشهد الحرس الثورى تتصل بالصراع بين أجنحة السلطة فى إيران بوجهيها المتشدد  والمعتدل , إذ أن القائد الجدي للحرس الثورى لايميل إلى الانخراط فى السياسة الداخلية بل يجنح إلى الصدام مع أعداء بلاده فى الخارج بما يعنى أن المرشد الأعلى يرغب فى التركيز على الجبهة الخارجية  وقواعد الاشتباك والحرب النفسية مع واشنطن وتل أبيب   لذا كان اختيار سلامى  الأكثر ملائمة مع الظرف الراهن فضلاً عن فشل الحرس الثورى فى مواجهة الفيضانات والسيول  حيث استعان الحرس الثوري بمليشيات “الحشد الشعبي” وحركة “النجباء” العراقية، وفيلق “فاطميون” الأفغانية، للمساعدة في السيطرة على الوضع بما يعكس الحاجة إلى قيادة جديدة أكثر عزوفاً عن الاستغراق بالنزاعات الداخلية .

ما من تغيرات محتملة قد تطرأ على السياسية الخارجية الإيرانية , فالقائد الجديد لا يختلف كثيرا عن جعفري, وتصريحات الرجلين تبدو متطابقة إلى نحو بعيد بما يؤشر إلى استمرار السلوك الإيرانى حيال القضايا الإقليمية المختلفة .