يبدأ الأمر بهدير بعيد في سماء مدينة حلب ثم تظهر كتلة تلمع تدور حول نفسها وتقترب. على الارض يجري المقاتلون المعارضون في كل اتجاه في معسكرهم وسط اهتزاز بلور المباني مع اول الانفجارات.
وبدت للعيان في سماء المدينة طائرة مطاردة وهي تحلق على علو منخفض. ويهرع المسلحون من نومهم ويأخذون سلاحهم وهم يراقبون السماء وقد وضعوا أياديهم على أسيجة الشبابيك.
وفجأة يدوي صوت مدفع وتختفي الطائرة من الاجواء.
وبدا القلق على الوجوه. ويتساءل المسلحون المعارضون أين سقطت القذائف? هل انهى الطيار حصاده القاتل?. وزعزعت ثلاثة انفجارات ضخمة الجدران. بدأت القنابل تقترب وأصبحت تسقط في الحي.
ويتحصن المسلحون خلف الأسوار السميكة لمدرسة أو تحت سلالم المباني أو في قبو حيث تخزن قذائف الدبابات والذخيرة والديزل.
ورفضت مجموعة من الصحافيين الغربيين في حلب التحصن معهم معتبرين أن سقوط قذيفة او تطاير شظية في المكان يمكن ان يفجر كل ما في القبو.
ويسود صمت خادع اجواء المدينة فالطائرة تهاجم حين ينقطع صوت محركاتها. وتمر الدقائق ثم تدوي الانفجارات مجدداً.
في الخارج يغتنم المسلحون فترة هدوء لتحريك دبابة يقولون انهم استولوا عليها من القوات النظامية.
وتنبعث سحابة من التراب والدخان من الدبابة التي تجوب الحي بعد ان كانت مخبأة. وفي مكان غير بعيد من المكان ينصب المقاتلون رشاشات ثقيلة على سيارات "بيك اب" للتصدي للطائرة.
وتصل شاحنة صغيرة إلى مستشفى ميداني أقيم قرب معسكر للمعارضين. ويصرخ الرجال ويطلبون فتح الباب ويسحبون رجلا مضرجا بالدم وقد اصابته شظايا في الرجلين والظهر.
وانخرطت سيدة كانت جالسة في الشاحنة في البكاء وهي ترتجف. وقالت سيدة اخرى "انه ابن جارتنا … لقد سقطت القذائف على حينا حي هنانو" شمال حلب.
وما هي إلا لحظات حتى حمل الرجال الجريح معهم, فإصاباته خطرة ويجب نقله الى مستشفى الشعار. وبدا الجريح متألما لكن بإمكانه تحريك رجليه, ووضع في الجهة الخلفية من الشاحنة في حين برز ساقاه من نافذتها.
وعاد النساء والاطفال الى الظهور في شوارع المدينة. وفي شارع كبير بدت ألسنة لهب تعلو حطام سيارة يبدو انها اصيبت بقذيفة. وقال احد الرجال "أترون ما يفعلون? انهم يدمرون المدينة كلها".
ويدرك ضابط كان انشق عن الجيش النظامي قبل ثمانية اشهر ويقود مئات المسلحين ان السيطرة على الأحياء لا تكفي للسيطرة على المدينة طالما ان طيران الجيش النظامي يسيطر على اجواء حلب.
وقال محمد وهو يداعب لحيته "نحن بحاجة الى اسلحة مضادة للطيران واسلحة مضادة للدبابات, لكني اعرف انه لا الاوروبيين ولا قطر ستعطينا إياها", مضيفاً "نحن نشتري اسلحة من مهربين".
وفي محاولة لتخفيف الضغط على مدينة حلب, يهاجم المسلحون المعارضون ليلاً مطار منغ العسكري حيث قاعدة المروحيات. أما الطائرات فهي تأتي من ادلب او مناطق اخرى ولا شيء يمكنه على ما يبدو حتى الآن إيقافها.
اضف تعليق