الرئيسية » تقارير ودراسات » غياب سليماني ومعركة ما بعد خامنئي .. هل تتغير مسارات ايران؟
الرأي تقارير ودراسات رئيسى

غياب سليماني ومعركة ما بعد خامنئي .. هل تتغير مسارات ايران؟

خالد ابو ظهر
خالد ابو ظهر

تصفية قاسم سليماني تفتح أبواب إيران على مصرعيها استعداد لمعركة مابعد خامنئي , فقد كان قائد فيلق القدس يتمتع بنفوذ واسع فى الداخل حيث يعد أقوى شخصية في البلاد في تحكمها بالقرار الأمني والعسكري بل و السياسي , وكان النظام  يصدره كبطل عسكري ورجل يمكن الاعتماد عليه في مواجهة المستقبل المجهول لاسيما فيما يتعلق بالحفاظ على الأيدلوجية الثورية ونهج طهران التوسعي.

بيد أن وفاته قد تحمل بين ثناياها تغييرات هيكلية فى سياسات طهران , إذ تؤشر الاحتجاجات الأخيرة الموجهه من قوى خارجية , على حد زعم القيادات الإيرانية,  إلى أن ثمة نار مستترة تحت رماد الكتمان بين ثلاث قوى فى المؤسسة العسكرية وهى الجيش والحرس الثورى فضلاً عن فيلق القدس .

واقع الحال يثبت اتساع هوة الشقاق بين المعسكرين  رغم التعتيم الشديد, حيث أخفقت كافة الجهود لدمجهما في جيش وطني واحد طوال سنوات عمر النظام , لاسيما بعد أن أصبح الحرس نداً للجيش , وفى حين  يشتبه الأول  في ولاء الأخير، يركز الجيش على افتقار الباسندار  للكفاءة المهنية واستخدام ترسيم غامض لمسؤوليته في التعدي على ما اعتبره أدوارا للجيش،ناهيك عن انتقاد الجيش  لسياسات الحرس الثورى خاصة فيلق القدس والتى تعتمد على تكتيكات حرب العصابات وإنشاء خلايا عنقودية إرهابية فى شتى أنحاء العالم

وإلى جانب رؤية الجيش أن الحرس قد تجاوز حدود سلطاته ,فإن التهميش وحصول الحرس على نصيب الأسد من الموارد  كان لهما دور فى تزكية بذور النزاع بين الجانبين حيث  يحصل  الحرس الثوري على مخصصات تبلغ ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه. ومثل هذه التفاوتات كانت مصادر أولية لعدم التوازن، وفي بعض الأحيان الخلاف بين السلاحين العسكريين، حتى مع تغير الإدارات والقيادات.

الشقاق بين أجنحة الحرس الثورى ذاته يشكل جانباً هاماً من الصراع الدائر داخل أروقة الملالي إذ أفضت التخمة الإعلامية التى صاحبت سليمانى أثناء حياته فى مجتمع لا يحتفى بالمحاربين إلا بعد وفاتهم إلى انقسام الحرس الثورى إلى فريقين فبعض الجنرالات الكبار، كانوا يطالبون  بتحجيم نفوذ قاسم سليماني ويرون أنه تجاوز كافة الخطوط الحمراء، بمن فيهم  الجنرال سلامى ” قائد الحرس الثوري ” نفسه، ولعل مايؤشر إلى صحة ذلك الأنباء المتواترة حول تسريب معلومات إلى الإدارة الأميركية  تتعلق بتحركات قائد فيلق القدس فى العراق تم على إثرها تحديد موقعه بدقة ومن ثم    استهدافه.

معطيات الصراع الراهن تنبىء بأن ثمة تحولاً جذرياً قد تشهده إيران خلال المرحلة المقبلة على الصعيدين الداخلى والإقليمي ,حيث تتزايد احتمالات أن ينشط الحراك الاحتجاجى  مجدداً خلال  لكن هذه المرة من المرجح أن يجد حماية أو ضوء أخضر من بعض أركان النظام  التى تسعى إلى تصفية حساباتها  وتأكيد حضورها على الساحة بمواجهة  الأجنحة الأخرى .

كما يؤشرعلى ذلك أيضاً , الرد الإيرانى الضعيف على اغتيال سليمانى  والذى جاء لحفظ ماء الوجه وما قد يلحق به من تفاعلات غير مباشرة تتمثل فى تحريك بعض التيارات السنية المتطرفة على غرار داعش للقيام بعمليات إرهابية   لبعث رسالة لواشنطن مفادها أن التصعيد مع طهران يعنى تموضع الجماعات الجهادية مجدداً فى المنطقة وتلاشى كافة جهود مكافحة الإرهاب .

استمرار الضغوط الأميركية الأروروبية فضلاً عن رغبة الصين فى التهدئة نظراً لاعتمادها بشكل شبه كلى على نفط الشرق الأوسط    قد تسرع من وتيرة التغيير وتجبر طهران  على  تلافى التصعيد والركون إلى سياسات أكثر مرونة خاصة وأن  المتضرر الأكبر حال استمرار التوتر وما قد يترتب عليه من توقف إمدادت النفط من المنطقة .

عواصف التغيير تلف المشهد الإيراني , إذ أن كل الشواهد تؤشر إلى أنها قادمة  لا محالة , في ظل  تضافر الضغوط الدولية والداخلية لهذا ليس من المستبعد على الإطلاق أن نجد قوى من داخل النظام الملائي وقد أجرت اتصالات مع جهات أمنية وسياسية على مختلف الأصعدة تأهباً لمرحلة مابعد خامنئى