الأخبار المتداولة حول تجنيد الأطفال فى الحرس الثورى الإيراني ليست مفاجئة للمتابعين للشأن الملائى حيث تتبع إيران سياسة تجنيد الصبية وتدريبهم ليصبحوا مقاتلين منذ عقود طويلة وقد عمدوا من قبل إلى استخدامهم كدروع بشرية أثناء الحرب العراقية الإيرانية فى الثمانينات من القرن الماضى و فجر صبي عمره13عاما نفسه تحت دبابة عراقية فى 30 أكتوبر عام 1980 بعد أن لف قنبلة يدوية على وسطه.ويسير حزب الله على نفس الخطى بحكم ارتباطه العضوى بالملالى إذ يتورط هو الآخر فى تعبئة الأطفال داخل مؤسسات شبه عسكرية .
المخاوف المتزايدة داخل أركان النظام الإيراني، إزاء من انخفاض عدد الشباب الإيراني، وبالتالي أعداد “الجنود الشيعة” الذين يقاتلون من أجل قضايا تعتبرها الجمهورية الإسلامية جوهرية فضلاً عن سقوط أعداد كبيرة من مقاتليهم فى الحرب السورية أعادت استراتيجية تجنيد الأطفال إلى الواجهة بل ودفعت مجلس الحرس الثوري الإيراني لتكثيف جهوده لتجنيد الأطفال والشباب في المناطق التي يسيطر عليها بمحافظة دير الزور السورية حيث باتت أنشطة التجنيد هناك تتم بشكل علنى وموسع بعدما كانت جهود الحرس الثوري تقتصر في السابق على أبناء المقاتلين في الميليشيات التابعة له.
فقد انتقل الحرس الثوري إلى مرحلة جديدة وشرع إقامة مخيمات مفتوحة للجميع ففى مخيم حي العمال بدير الزور، ينخرط أكثر من 20 طفلا من أبناء المنطقة لا تتعدى أعمارهم الرابعة عشر فيما يسمى “الأنشطة الكشفية”. ووفقا لمصادر سورية كان الحرس الثوري قد أعلن أن هذا المركز الكشفي ترعاه لجنة الصداقة السورية-الإيرانية التابعة له، ليتضح فيما بعد أنه يخضع لتسيير كشافة الإمام المهدي وكشافة الولاية، وأنه مجرد واجهة للتجنيد وسيتم تلقينهم إيديولوجية الحرس الثوري.
استراتيجية تعبئة الاطفال داخل مؤسسات شبه عسكرية هى نهج قديم متجدد تتبعه الأذرع الموالية لإيران إذ يعود إلى العقد الثامن من القرن الماضى وفترة صعود حزب الله والذى استخدم تلك الايدلوجيه لصناعة كوادر مقاتلة باستطاعتها الاستجابة لفتاوى الجهاد التى يصدرها , ومع خسارة الحزب لعدد كبير من عناصره فى الحرب الأهلية السورية لجأ مرة أخرى إلى سياسة تجنيد الأطفال ففي أبريل/ نيسان 2015، توفي مشهور فهد شمس الدين وهو يقوم “بواجبه الجهادي”. حيث بثّ تلفزيون المنار ، صورة مراهق يبلغ من العمر بين 14 و15 سنة ونعته قائلاً “حزب الله يودع الشهيد المجاهد”. لم يكن شمس الدين هو المراهق الوحيد الذي قُتل عندما كان حزب الله يقاتل على الجبهة السورية. فالمقبرة التي خصّصت حديثاً للسوريين في الضاحية الجنوبية لبيروت تضمّ حوالي 200 ضريح. لم يكشف حزب الله أبدًا عن عدد المقاتلين الذين فقدهم على الجبهات في سوريا، لكن حسب التقديرات قد يصل عددهم إلى 1200. كان الكثير منهم من شباب قرى شيعية تركوا وراءهم عائلات تفتخر بتضحياتهم وتحصل في الوقت ذاته على مساعدات وامتيازات أخرى من حزب الله.
إذ لم يكن من السهل الدخول إلى صفوف حزب الله العسكرية قبل أن تتورط الحركة في الحرب السورية. عندها بدأ تجنيد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 13 عامًا وتدريبهم في سن مبكرة جداً ضمن كشافة الإمام المهدي. وعندما يبلغ الكشافة 16 أو 17 عامًا، كانوا يُخيّرون بين الانضمام إلى صفوف الحزب العسكرية أو متابعة تحصيلهم العلم
و منذ عام 2017، وربما قبله بقليل، ظهرت عدة جمعيات دينية، تقوم بعملية تغيير واسعة للحالة الدينية السورية، ونشر المذهب الشيعي، بنسخته الإيرانية، في ظلّ التغييرات الديموغرافية التي تقوم بها إيران، في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لتأخذ الطابع غير العربي، على المستويين، القومي والديني، لذا تتواجد كشافة “الولاية”، وأخرى تسمى بــ “الإمام المهدي”، وغيرهما، مما يسهل دورها في إخضاع الأطفال لسلسلة من التدريبات المكثفة، خاصة ممّن تتراوح أعمارهم بين 13 و16عاماً، وتهيئتهم لحمل واستخدام الأسلحة المختلفة، وصناعة المتفجرات، تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. ويتراوح عدد الأطفال في كلّ معسكر بين 700 و1000 طفل مجند، كما يخصص للمجندين الأطفال مساعدات غذائية، ورواتب تتراوح بين 250 و300 دولار، بعد عملية “تشييعهم”، كما يتقلدون رتباً عسكرية، بعد اجتيازهم المراحل التدريبية، وترتفع رواتبهم بعد تخرّجهم”.
إيران اقرت بشكل صريح فى مايو الماضى على لسان وزير التعليم محمد بطحائي بتجنيد بلاده للأطفال كمقاتلين خلافا للقوانين الدولية التي تحظر ذلك بأن لديها فعليا 14 مليون طالب حال اندلاع الحرب سينخرطون في ساحات القتال. ونقلت وسائل إعلام محلية عن بطحائي قوله إن هؤلاء الطلاب سيضحون بأرواحهم على غرار أحداث حرب الثماني سنوات مع العراق (1981 – 1988) والتي تطلق عليها طهران مرحلة “الدفاع المقدس”، وفق أدبيات نظام ولاية الفقيه الدعائية
التصريح العنترى للوزير الإيرانى لم يضف شيئاً للمجتمع الدولى سوى تأكيد ماهو معلوم إذ تشير التقديرات إلى احتلال طهران المرتبة الثالثة، بين الدول التي تقوم باستغلال الأطفال، وتجنيدهم في مهمات قتالية بحسب التقرير السنوي للخارجية الأمريكية، الصادر عام 2017، والمتخصص في جرائم استغلال الأطفال. كما أنّ 43% من قتلى الحرب العراقية الإيرانية، في صفوف الإيرانيين، هم من الأطفال، ومنذ اندلاع الحرب في سوريا، كان قوام لواء ما يعرف بـ “الفاطميون”، أحد الميليشيات الإيرانية التابعة للحرس الثوري، والتي تشكّلت في سوريا، هم من الأطفال أيضاً، وخصوصاً اللاجئين الأفغان.وقد فرضت الولايات المتحدة، أمس، عقوبات على ميليشيا الباسيج، وعلى “شبكة مالية واسعة” تدعم هذه الميليشيا، التابعة للنظام الإيراني، بسبب تجنيد وتدريب الأطفال كجنود، كجزء من حملتها لممارسة أقصى الضغوط على طهران.
وتؤكد بيانات رسمية حديثة أن مليشيا الباسيج المنخرطة داخل كيانات اجتماعية عديدة في إيران، جندت قرابة 7 ملايين طالب في عام 2018 بهدف استخدامهم على سبيل الدعاية في مواقع عسكرية. وفي فبراير/ شباط 2018 تداولت على منصات التواصل الاجتماعي صوراً لمعسكر تدريبي خاضع لسيطرة الباسيج “التعبئة العامة” في منطقة صحراوية جنوب غرب إيران، حيث ينخرط به طلاب إيرانيون يرتدون بزات عسكرية على حمل السلاح، وكذلك القيام بتدريبات عسكرية لاقتحام مواقع وأسر جنود أمريكيين وإسرائيليين، حسبما أوردت وكالة أنباء فارس المقربة من مليشيا الحرس الثوري الإيراني.
اضف تعليق