فى خطوة تبدو مدروسة بدقة أعلن الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف، الذي قاد البلاد منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، نيته التنحي عن الحكم.وقال نزارباييف في كلمة تلفزيونية مسجلة إن القرار “لم يكن سهلا”.
نزارباييف، البالغ من العمر 78 عاما، لم يواجه أي تحديات حقيقية لحكمه منذ توليه رئاسة كازاخستان فى التسيعينات , وارتكزت سياسته في المقام الأول على الأمن السياسي والاقتصادي كما اتسمت بالتوازن فى ظل علاقتها القوية بجيرانها
وخلال العام الماضي تمكن الرئيس ” نور سلطان نزارباييف ” من وضع دستور جديد لدول “قزوين” إذ تم التوصل إلى اتفاق تاريخى يستهدف زيادة التعاون بين البلدان المتشاطئة على بحر قزوين وإنهاء المشاكل القانونية العالقة بينها والمستمرة منذ ما يضاهى الـ 20 عامًا وإيجاد حلول لمسألة تقسيم ثرواته بما يرضي جميع الأطراف، بشرط عدم وجود تدخلات من دول أجنبية غير مطلة على البحر في الأمر، أو أي أعمال عسكرية أو بناء قواعد أجنبية أو مرور سفن حربية.
مقترحات ” نزار باييف” لتعزيز أواصر الثقة والتعاون بين دول “قزوين ” تضمنت اقتراحاً إلى الدول المشاركة في القمة بضرورة العمل على اعتماد اتفاق منفصل يتعلق بالأنشطة العسكرية في البحر ، بما يوفر توازنًا للأسلحة في بحر قزوين، مع مراعاة مصالح جميع الأطراف
جهود الرئيس ” نزار باييف ” والتي أسفرت عن توقيع الاتفاق مثلت نقلة نوعية فى العلاقات بين دول ” قزوين ” لاسيما وأن هذه القمة هى الخامسة من نوعها، منذ عام 2002، فضلا عن أنه قد عقد أكثر من 50 اجتماعًا، على مستوى منخفض منذ تفكك الاتحاد السوفيتي.
مبادرة نزاربايف للأمن الدولي واحدة من جهود الرئيس التي يجب تثمينها ,فخلال القمة الـ12 لمنتدى “أوروبا آسيا” تقدم رئيس كازاخستان باقتراحات لتسوية القضايا الدولية الأكثر حدة، إذ طرح مبادرة تنظيم جولة خاصة للأمم المتحدة أو لقاء بمشاركة زعماء الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي لبحث قضايا الأمن الدولي, وقد حظيت اقتراحات نزاربايف على المجتمع الدولي بترحيب مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي والتى رأت أنها جاءت في وقتها، ونبهت لأهمية تنفيذ هذه الاقتراحات
احتضان الرئيس الكازاخى أحد الملفات الشائكة بالمنطقة وهو الملف السوري يشكل ركيزة أخرى برؤيته السياسية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار العالمي حيث أعلن نور سلطان في دسيمبر 2016 استعداد بلاده لاستضافة المحادثات بشأن القضية السورية وبلغ عدد جولات أستانا حتى الآن نحو 10 اجتماعات .
نجح الرئيس كذلك فى إقامة علاقاتٍ دبلوماسيةً مع 130 كيانا سياديا (بما في ذلك الفاتيكان، وفرسان مالطة، وفلسطين) كما تربطه علاقات وطيدة بدول الاتحاد الأوروبى وروسيا وقعت كازاخستان إعلان بيشكيك في محاولة لإيجاد حلول دبلوماسية مع إيران وسوريا
الرئيس نزارباييف له أيضا حضور دولى لافت حيث يشارك في المؤتمرات الرئيسية والمنتديات العالمية على غرار اجتماعات الأمم المتحدة، وقمة الأمن النووي و المنتدى الاقتصادي العالمي.
كما جعل نور سلطان كازاخستان دولة مضيفة للعديد من الأحداث الدولية منها قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبى في أستانا في ديسمبر 2010 الدورة 38 للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي في يونيو 2011 اجتماعات مجموعة 5+1 ألماتي 1 وألماتي 2 حول البرنامج النووي الإيراني.
تحركات سلطان نزارباييف حول قضايا عدم الانتشار النووي والأمن أضافت مستويات جديدة من التقدير الدولي المتزايد لكازاخستان حيث طرح نزار باييف عدة مبادرات مناهضة للأسلحة النووية وفى عام 2009 شكل الرئيس بالتعاون مع نظرائه في وسط اسيا منطقه خالية من الأسلحة النووية وفى العام 2013 استضاف جولتين من المحادثات بين إيران و مجموعه الخمسة زائد واحد . وافتتح نهاية أغسطس من هذا العام بنك اليورانيوم منخفض التخصيب فقد أراد نزارباييف أن تكون كازاخستان مثالا للدول الأخرى لتحسين أمنها بالتخلي عن برامج الأسلحة النووية
ورغم الاستقالة، سيواصل نور سلطان لعب دور مهم في صنع القرار السياسي في البلاد، وذلك بسبب وضعه الدستوري كـ”قائد الأمة”.
اضف تعليق