واصل القوات النظامية السورية قصفها العنيف على حي الخالدية والأحياء الأخرى المحاصرة في وسط مدينة حمص لليوم التاسع على التوالي، بحسب ناشطين والمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن "حوالى سبعين بالمائة من حي الخالدية بات مدمراً".
وبث ناشطون على موقع "يوتيوب" للتواصل الاجتماعي شريط فيديو تسمع فيه على مدى حوالى ثلاث دقائق تقريبا اصوات انفجارات واسلحة رشاشة من دون توقف. بينما ترتفع سحب الدخان الكثيف الرمادي او الابيض بعد كل انفجار من مناطق مختلفة في مدينة حمص (وسط). ويظهر في الشريط دمار هائل في الابنية والمنازل الخالية من اي سكن.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة "فرانس برس" ان "ستين الى سبعين في المائة من حي الخالدية مدمر اما بشكل كامل واما بشكل جزئي واما غير صالح للسكن".
وأضاف "لا توجد صورة محددة بالنسبة الى احياء حمص القديمة التي تعاني ايضا من مستوى كبير من الدمار".
وقال عبد الرحمن ان "تدمير حمص المحاصرة يتم بشكل ممنهج. هناك قصف مستمر عليها منذ اكثر من عام. كل ذلك بهدف دفع السكان والثوار الى الهرب".
واوضح ان الدمار "طال كل شيء: المنازل والمحال والمواقع الاثرية في كل المدن السورية، الا ان حمص تعاني من اكبر نسبة من الدمار ومنذ مدة طويلة، لا بل الاطول بالمقارنة مع المناطق الاخرى".
ومنذ كانون الثاني/يناير 2012، بدأ القصف على حمص، ثالث اكبر المدن السورية، مع معركة حي باب عمرو الشهيرة التي انتهت بدخول قوات النظام الحي وبعض محيطه في مطلع آذار/مارس من العام نفسه. وفر منها الاف السكان.
واشار المرصد الى ان القوات النظامية استخدمت أمس الاحد في قصفها لحيي الخالدية (شمال) والحميدية (وسط) قذائف الهاون وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، وقد طال القصف مجددا مسجد خالد بن الوليد في الخالدية. كما نفذ الطيران الحربي بعد الظهر غارات على بعض احياء حمص.
ويترافق ذلك مع اشتباكات بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية "ومسلحين تابعين لها"، بحسب المرصد، عند اطراف حي الخالدية في محاولة لاقتحام الحي.
وقال ناشط يقدم نفسه باسم ابو خالد ان "هناك ضغطاً كبيراً لجهة الخالدية، وان المعارك طاحنة ونعيش بامكانيات ضئيلة جدا"، مشيراً الى "شبه انعدام للمحروقات وللمواد الطبية بعد الحصار لاكثر من عام".
وكانت قوات النظام تمكنت الجمعة من السيطرة على بعض الابنية عند اطراف الخالدية. وقال ابو خالد "كل تقدم الى مبنى معين يعني تضييق الحصار اكثر".
واشار ابو خالد في اتصال مع وكالة "فرانس برس" عبر "سكايب" الى اهمية مدينة حمص بالقول "انها تعد رمز الثورة، والسيطرة عليها بالنسبة للنظام سيكون نصراً كبيراً".
وذكر ان موقع حمص في وسط سورية يعني مرور كل طرق الامداد فيها، والسيطرة عليها تعني "قطع شمال سورية عن جنوبها وقطع خطوط الامداد باتجاه الجنوب".
في دمشق، نفذ الطيران الحربي ثلاث غارات على مناطق في حي جوبر (شرق)، بينما يتعرض حي القابون (شمال شرق) للقصف من القوات النظامية. وكانت سقطت صباحا قذائف على مخيم اليرموك (جنوب)، إثر اشتباكات بين مقاتلين معارضين والقوات النظانية، بحسب المرصد.
واشار المرصد الى اشتباكات وقعت فجرا عند اطراف حي برزة (شمال) في محاولة من القوات النظامية اقتحامه.
وسيطر مقاتلو المعارضة منذ اسابيع على اجزاء كبيرة من حي برزة، بينما توجد جيوب لهم في الاحياء الجنوبية والشرقية تحاول قوات النظام القضاء عليها.
في مدينة حلب (شمال)، افاد المرصد عن انفجار استهدف مدرسة الغفّاقيّة في حي السبع بحرات في حلب القديمة "وانباء عن استهداف مقاتلي الكتائب تجمعا للقوات النظامية داخل المدرسة"، ما تسبب باصابات لم يعرف عددها.
إلى ذلك، طالب فرع الإخوان المسلمين في سوريا، الولايات المتحدة وأوروبا أمس الأحد، بإمداد المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بالدعم العسكري الذي وعدتا به بعد أن اختار الائتلاف الوطني السوري المعارض رئيسا جديدا.
وأعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لإرسال السلاح للمعارضة السورية، إضافة إلى المساعدات الإنسانية والعسكرية غير الفتاكة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات التي تقدمها بالفعل. وترسل السعودية وقطر الحليفتين السلاح للمعارضة أيضا.
وقال بيان نشره الإخوان على موقع "تويتر" على الإنترنت: "نشعر بالخذلان وخيبة الأمل من تراجع الموقف الأمريكي والأوروبي، فيما يتعلق بتسليح الجيش الحر وندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته".
وتطالب المعارضة المسلحة بالمزيد من الأسلحة المتطورة منذ أن بدأت قوات الأسد هجوما جديدا في وسط سوريا بمساعدة مقاتلين من حزب الله اللبناني، فيما تهاجم قوات الأسد بضراوة مدينة حمص في وسط سوريا وحاصرت معاقل للمعارضة قريبة من العاصمة دمشق.
وما زالت القوى الغربية مترددة في إرسال الأسلحة للمعارضة وهو ما يرجع جزئيا إلى الانقسام في صفوف الائتلاف الوطني السوري المعارض في الخارج. ومضت أشهر قبل أن يتوصل الائتلاف إلى توافق بين أعضائه على رئيس جديد بعد استقالة الرئيس السابق للائتلاف معاذ الخطيب.
كما يخشى الغرب من تصاعد قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا وبعضها على صلة بتنظيم القاعدة ومن الممكن تسقط الأسلحة الغربية في أيديهم.
وقال ملحم الدروبي المسئول الرفيع في إخوان سوريا انه لم يحدث أي تغيير رسمي من جانب القوى الغربية فيما يتعلق بوعود زيادة المساعدات للمعارضة.
وأضاف أن انتخابات الائتلاف التي أجريت أمس السبت وانتهت بفوز الزعيم العشائري المدعوم من السعودية أحمد الجربا بالرئاسة يجب أن تعطى الغرب الثقة لإرسال المساعدات التي وعد بها.
وقال الدروبي لـ"رويترز" عبر الهاتف من مؤتمر الائتلاف في اسطنبول إن المساعدات الأجنبية للمعارضة ما زالت حتى الآن ضئيلة ولا يمكنها تحقيق تغيير على الأرض.
وبدأت واشنطن في اعتبار تسليح المعارضة أمرا ضروريا بعد أن بدأت قوات الأسد وقوات حزب الله عمليات يبدو أنها تستهدف تأمين حزام من الأرض بين العاصمة ومعقله على ساحل البحر المتوسط. ويؤدى نجاح هذه التحركات إلى عزل شمال سوريا عن جنوبها حيث تسيطر المعارضة على مناطق واسعة.
ووصف قرار تقديم الدعم العسكري بأنه محاولة للحفاظ على "توازن القوة" تعتبره الولايات المتحدة ضروريا لأحياء أى مفاوضات سلمية مع الأسد الذي تدعمه إيران وروسيا.
ومن المتوقع أن ترسل السعودية وقطر أغلب المساعدات، وقال مسئولون خليجيون إن السعودية أمدت المعارضة السورية المسلحة بشحنات قليلة من الصواريخ أرض-جو المحمولة كتفا لكن المعارضة تقول إن الإمدادات ما زالت غير كافية لتحويل مسار المعركة.
اضف تعليق