بقلم : احمد وجدي
لبنان وضع قدمه فعليا في دائرة الخطر ، مع تصاعد لغة التطرف وتبادل التهديدات ذات النكهة المذهبية وبخلفية مرتبطة بالصراع السوري – السوري . فمن تهديدات مؤسس التيار السلفي داعي الإسلام الشهال بإعلان الجهاد ضد الشيعة والجيش، إلى تهديدات الشيخ حسن نصرالله لمناوئيه السنة بعقوبات في الدنيا وعذاب في الآخرة، إلى اعتصام أنصار الشيخ احمد الأسير في صيدا، إلى دخول مسلحين إلى مسجد محمد الأمين في بيروت ومحاولتهم منع المدير العام للأوقاف من إكمال خطبته، إلى مجدل عنجر وطرابلس حيث أقيمت اعتصامات احتجاجا على أشكال مع أحد مرافقي داعية الاسلام الشهال، فإلى سجن رومية حيث احتجز موقوفون ١٣ رجل أمن، والى اعتداء على فصيلة قوى الأمن في سن الفيل، هذه هي مكونات الوضع اللبناني حاليا، وكلها تشير إلى أن الانفجار الكبير لا يحتاج إلا إلى شرارة صغيرة حتى يودي بلبنان في جحيم حرب أهلية مذهبية لا تبقي ولا تذر.
ومع الأسف فان لغة العقل قد غابت كليا كما يبدو ، ولم نعد نسمع صوتا واحدا يدعو إلى وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وإلى تغليب لغة الحوار على التلويح باللجوء إلى السلاح، وباتت الحرب السورية فعلياً متواجدة بقوة على الأرض اللبنانية، والحكومة مشلولة الإرادة بفعل تركيبتها السياسية التي يهيمن عليها "حزب الله"، ومغلولة اليد بسبب حصار المطالب المعيشية الشعبية، وبعد أن تحول شعار النأي بالنفس إلى نكتة متداولة على كل لسان، أما لبنان السياسي فغارق في الجدل حول قانون الانتخابات العتيد وهل سيكون المشروع "الارثوذوكسي" أم النسبي أم قانون الستين أو مشروعاً تلده التجاذبات السياسية غير البريئة بين القوى السياسية اللبنانية المرتبطة بهذا الطرف الإقليمي أو ذاك.
وأصحاب الصوت العالي مع الأسف هم المتطرفون، وهم الأقدر على حشد الشارع و تحريك الجموع في أي اتجاه يشاءون، باللعب على الأوتار الطائفية و المذهبية وإثارة العواطف واستثارة الأحقاد، وذلك في غياب قيادات قوية ومعتدلة و عقلانية، خاصة في الشارع السني الذي يبدو أن المتطرفين صاروا المتحدثين الوحيدين باسمه ،أسوة بالشارع الشيعي.
ومع أنني اعتقد أن زعماء التطرف اللبنانيين، من كل الفئات، يمارسون لعبة حافة الهاوية، ولا يجرؤ أي منهم على الدفع باتجاه الهاوية الفعلية، إلا أن أي خطأ في التقدير ، سيوقع لبنان في هذه الهاوية، وسيكتشف اللاعبون حينذاك أنهم أضعف من أن يطفئوا النار التي أوقدوها بأيديهم، ولبنان سيكون الضحية مرة ثانية، ونتمنى أن لا تكون القاضية.





اضف تعليق