أعلنت لجنة التحقيق التي كلفتها الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بكشف الجهة المسؤولة عن استخدام غاز السارين في هجوم استهدف بلدة خان شيخون السورية في 4 أبريل/نيسان أنها تتعرض لتدخلات وضغوط سياسية شديدة من أطراف عديدة لتوجيه تقريرها المتوقع في منتصف أكتوبر/تشرين الأول بهذا الاتجاه أو ذاك.
وقال ادموند موليت للصحافيين اثر جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي أمس الخميس إن اللجنة تعمل للأسف “في بيئة مسيسة للغاية” تحاول خلالها “أطراف معنية” لم يحددها التأثير على عمل اللجنة.
وأضاف “نتلقى للأسف رسائل مباشرة وغير مباشرة على الدوام من عدة جهات تقول لنا كيف علينا أن نقوم بعملنا”.
وتابع “بعض هذه الرسائل واضحة للغاية بقولها إننا إذا لم نقم بعملنا كما يريدون فهم لن يوافقوا على نتيجة عملنا”.
وبعد أن افاد دبلوماسيون بأن روسيا تمارس ضغوطا شديدة على اللجنة، يأتي تصريح موليت ليؤكد أن التدخلات لا تأتي من موسكو فحسب بل من الغرب أيضا.
وقال “الرسائل تأتينا من كل مكان”، في إشارة إلى أن عدة دولا غربية تشارك في هذه الضغوط.
وخلال جلسة مجلس الأمن قال موليت “رجاء، دعونا نقوم بعملنا”، واعدا بأن يكون عمل المحققين محايدا وموضوعيا ومستقلا.
وكانت اللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أعلنت أن غاز السارين استخدم بالفعل في الهجوم على البلدة الواقعة في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا وأسفر عن مقتل 87 شخصا بينهم 31 طفلا.
وكانت الدول الغربية اتهمت النظام السوري بشن الغارة الجوية التي استخدم فيها غاز السارين وهو اتهام نفته دمشق وحليفتها موسكو، لكن واشنطن ردت عليه باستهداف قاعدة عسكرية سورية بضربة صاروخية غير مسبوقة.
وقال خبراء المنظمة في ختام تحقيقهم حول هذا الهجوم إن “عددا كبيرا من الأشخاص، بينهم أشخاص ماتوا، تعرضوا للسارين أو لمنتج من نوع السارين”.
وبحسب بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فإن الغاز المميت مصدره حفرة ناجمة على الأرجح عن انفجار قنبلة. كذلك فإن خصائص انتشار الغاز “لا يمكن أن تتطابق إلا مع استخدام السارين كسلاح كيميائي”.
تشكيك روسي
وأمس الخميس عبرت الخارجية الروسية عن خيبة أملها من التقرير النهائي للجنة التحقيق في الهجوم الكيميائي بخان شيخون، معتبرة أن المحققين لم يفعلوا شيئا للحصول على أدلة دامغة.
وقال ميخائيل أوليانوف رئيس القسم المعني بعدم الانتشار والرقابة على الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية “كنا نعول على تحقيق نتائج أهم وموثوقة بقدر أكبر، تقربنا من تحديد هويات المذنبين”.
واتهم أوليانوف في ايجاز صحفي المحققين بتجاهل أدلة كانت موسكو قد عرضتها على منظمة حظر الاسلحة الكميائية، مشيرا إلى أن المحققين تفادوا النظر في فرضية “التمثيلية الكيميائية” في خان شيخون.
وقال إن الخبراء الروس سبق لهم أن أشاروا إلى أن هذه المواد المرئية تتضمن العديد من العناصر الغربية لا تتناسب مع أعراض التسمم بغاز السارين.
وأضاف “خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم ينتبهوا أيضا إلى عدم وجود أي بقايا لقنبلة جوية في صور الحفرة التي قيل إنها ناجمة عن إسقاط قذيفة كيميائية على خان شيخون”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ردت ليل 6-7 أبريل/نيسان على هذا الهجوم الكيميائي بشن ضربة صاروخية غير مسبوقة استهدفت قاعدة الشعيرات الجوية التابعة للنظام السوري والتي تقول واشنطن إنها استخدمت في شن الهجوم الكيميائي.
وكانت اللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلصت إلى أن النظام السوري شن عامي 2014 و2015 هجمات كيميائية بواسطة غاز الكلور كما خلصت إلى أن تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف استخدم غاز الخردل في 2015.
وشكلت نتيجة التقرير أساسا لعمل اللجنة المشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتي ينحصر عملها الآن في تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.
دستور سوري جديد
وفي تطور آخر، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام اجتماع مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في باريس، أنه يجب العمل على دستور سوري جديد تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال، إن الإرهاب الدولي هو العدو الأول والمشترك، داعيا إلى وضع كل الخلافات جانبا لمحاربته، مضيفا أن بلاده مهتمة باستئناف الحوار مع باريس بصيغة “2 زايد 2”.
وأكد لودريان من جهته أن باريس وموسكو تدعمان إتلاف السلاح الكيماوي السوري بشكل كامل بما يتوافق مع الالتزامات التي تم التوصل إليها سابقا.
وقال إنه أبلغ نظيره الروسي بأن فرنسا تريد حوارا مبنيا على أفعال ملموسة مع روسيا.
وفي ما يتعلق بالتنسيق العسكري الأميركي الروسي في سوريا، أعلن لافروف أن بلاده طلبت من الولايات المتحدة المزيد من التفاصيل، مضيفا في تصريحات بثها التلفزيون الروسي الرسمي الروسي “طلبنا معلومات، لكننا لم نتلق ردا بعد على السؤال بشأن أي مناطق حظر طيران يفكرون فيها لأن لا أحد كان يتحدث عنها”.
وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قال في تصريحات سابقة، إن واشنطن مستعدة لمناقشة مناطق حظر طيران في سوريا مع موسكو.









اضف تعليق