اللعب فى المنطقة الرمادية ماركة إيرانية بامتياز , فبينما يقف الخليج على برميل من البارود متأهباً لإلقاء أعود الثقاب وسط تعزيزات عسكرية أميركية وتهديدات من جانب السعودية بشن حرب ضد طهران على خليفة الهجوم الأخير على أرامكو ..ينطلق الرئيس روحانى إلى الأمم المتحدة حاملاً أغصان الزيتون وإشارات السلام أو ما أسماه ” مبادرة هرمز ”
أطروحة روحانى للسلام والتى كشف عنها أثناء عرض عسكري في طهران، بمناسبة الذكرى السنوية للحرب العراقية الإيرانية , جزء من الاستراتيجية الملائية والتى تجيد اللعب فى منطقة رمادية مابين الحرب والسلام إ ذ تحيط أهدافها بالضبابية وتقوم بأنشطة سرية قابلة للإنكار، ما يخلق حالة من عدم اليقين حول كيفية الرد. وكان روحاني أعلن، الأحد، أن بلاده ستقدم إلى الأمم المتحدة خطة للتعاون الإقليمي لضمان أمن الخليج، مشيراً، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، إلى أن وجود قوات أجنبية في الخليج يؤدي إلى تفاقم “غياب الأمن”، لافتاً الى ، إن ما أسماها “مبادرة هرمز” الإيرانية ستدعو لتحقيق سلام في المنطقة بمشاركة دولها، مؤكداً أنها مبادرة للسلام تدعو إلى تحقيق سلام طويل الأمد في المنطقة.
المبادرة المزعومة تفضح سياسيات الملالى إذ لايمكن قراءتها بمعزل عن إعلان وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو، الأحد، أنّ الولايات المتحدة ستسعى خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الحصول على مساندة دولية في مواجهة إيران التي تتهمها واشنطن باستهداف منشأتين نفطيتين في السعودية. بما يعنى أن طهران تسعى من خلال المبادرة إلى احتواء الغضب الدولى وإجهاض محاولات واشنطن للتصعيد ضدها داخل أروقة الأمم المتحدة لتبدو وكأنها يدها ممدودة بالسلام .
ازدواجية السياسة الإيرانية تتضح من خلال تصريحات المسؤوليين هناك , فعلى الرغم من المبادرة التى يعتزم روحانى تقديمها بأروقة المنظمة الدولية ,و تحمل شعار تحالف الأمل، السلام لكل المنطقة، ومبادرة السلام في مضيق هرمز.كانت تهديدات قائد الحرس الثورى كافية بإجهاض الطرح قبل تقديمه حيث حذر من أن أي دولة تهاجم الجمهورية الإسلامية ستصبح “ساحة المعركة الرئيسية” وقال اللواء حسين سلامي خلال مؤتمر صحفي في طهران “من يُرِد أن تكون أراضيه الساحة الرئيسية للمعركة فنحن مستعدون لها، ولن نسمح مُطلَقاً بجَرّ الحرب إلى أراضينا”. وتابع “نأمل في أن لا يرتكبوا خطأ استراتيجيّاً كما فعلوا في السابق”، قبل أن يعدّد ما وصفه بـ”المغامرات” العسكرية الأمريكية ضدّ إيران. في ذات السياق، صرح قائد البحرية الإيرانية الأمير الحسين خانزادي، الأحد، أن “بلاده مستعدة للدفاع عن حدودها البحرية وستردّ ردّاً ساحقاً على أي اعتداء”، مشيراً إلى أن”القوة الدفاعية في البلاد اليوم عند أعلى مستوى ممكن وقوات الجيش والحرس الثوري مستعدة للدفاع عن حدود البلاد البحرية”.زير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، من جهته، كان كرر، الأحد، نفي بلاده لأي علاقة لها بالهجمات على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو في السعودية، وذلك خلال مقابلة على شبكة “سي بي إس” الأميركية.
إذن توقيت إعلان المبادرة لاينفصل عن تطلع السعودية إلى بناء جبهة موحَّدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهذا يظهر جليّاً بقرار انضمام الرياض إلى التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية الذي تشكله الولايات المتحدة، الهجوم على منشأتي بقيق وخريص اختبار للإرادة الدولية في الحفاظ على النظام العالمي لاسيما وأن لحرب التي تهدّد السعودية بإشعالها إذا ما ثبت تورُّط إيران في الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية، بدأت تعزيزاتها تظهر حين وافقت واشنطن على الانتشار الأمريكي الجديد في منطقة الخليج قائلة إنه “إجراء أول” ردّاً على هذه الهجمات، واعترافاً بأن تحركها جاء بطلب من السعودية والإمارات.
ومع أن مؤشرات الاستعداد الأوروبى لتكوين جبهة دولية ضد طهران تبدو قوية حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أنّ الأخير بحث مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، ، ضرورة توصل المجتمع الدولي إلى “رد دبلوماسي موحد”، إثر الهجمات الإرهابية على منشآت نفطية في السعودية. كما لفت السفير البريطاني لدى دولة الكويت، مايكل دافنبورت، في تصريح صحافي، أوردته جريدة “الأنباء” الكويتية، إلى أنّ التهديدات الأخيرة بالطائرات المسيرة أمر يقلق بريطانيا، داعياً إلى تحرك جماعي وعمل مشترك لمكافحة تلك التهديدات. من جانبه أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، السعي إلى إرسال خبراء فرنسيين إلى السعودية للمشاركة في التحقيقات الجارية هناك.
بيد ان الورقة الأصعب هي في إعادة إنتاج قوة الردع في الخليج، ومحاسبة إيران؛ دون التورط فى حرب إقليمية شاملة بمعنى آخر أن يتنبنى التحالف الدولى نفس الاستراتيجية الرمادية التى تتبعها طهرانو الرد على استفزازاتها في المنطقة، ولكن دون تجاوز خطوط طهران الحمراء، وذلك لتفادي ردود فعل إيرانية أكثر قوة و لتجنب أي تصعيد ملحوظ وكسب الوقت.
نهج المنطقة الرمادية الأميركية- الخليجية ينبغى أن يستند إلى عدة محاور تتضمن إمكانية الرد باستهداف منشآت النفط الإيرانية عبر توجيه ضربات صاروخية لتلك المواقع لا تسفر عن وقوع ضحايا إنما تزيد من الضرر على الاقتصاد الإيراني.وذلك على غرار ما قامت به الولايات المتحدة في العام 1987 حين استهدفت واشنطن البحرية الإيرانية.و أن تكون تداعيات الرد على طهران أسوأ مما تكون قد تسببت به الأخيرة
تفادي التصعيد من أجل إحراز مكاسب تدريجية وتراكمية لابد ,ان يتزامن مع اعتماد واشنطن أساليب جديدة مثل الحرب الإلكترونية، والأسلحة السيبرانية الهجومية، والمركبات المسيّرة عن بعد لاسيما مع وجود مؤشرات بأن إيران تسعى لاستدراج ترامب لرد محدود او ضربة عسكرية تستطيع تحملها وبذات الوقت تمكنها من كسر الحصار الاقتصادى طويل الأمد خاصة وان استراتيجية الضغوط القصوى قد تتعرقل حال انتقلت المواجهة إلى عسكرية. لذلك قد يبدو الرد الاستخباراتي السري الخيار الأمضى في هذه الحالة؛ خصوصاً إذا ما أتى على شكل هجوم إلكتروني (cyber) يشل الحركة النفطية الإيرانية مثلاً، أو يخترق مصانع الصواريخ.
إن الإخفاق فى انتهاج استراتيجية مماثلة لتلك التى تعتمدها طهران قد يفضى إلى زيادة جرأتها على جميع هذه الجبهات وربما سيثير شكوكاً حول قدرة واشنطن على مواجهة الجهات الفاعلة الأكثر قدرة مثل روسيا والصين في السنوات القادمة.









اضف تعليق