مما لا شك فيه، أن الرئيس محمد مرسي اعتمد في قرار إقالة النائب العام على مستشاريه وخبرائه القانونيين أنفسهم، الذين صاغوا له من قبل قرارات 12 أغسطس الشهيرة، التي أطاحت بالمجلس العسكري وإعلانه الدستوري المكمل، ونقلت سلطة التشريع للرئيس، ولاقت تصفيقاً كبيراً من الشارع، الذي نظر فقط إلى جانب التخلص من المجلس العسكري، ولم يهتم بخطورة أن تكون السلطة التنفيذية والتشريعية في يد الرئيس، وكذلك سلطة أن يصدر إعلانات دستورية كما فعل في 12 أغسطس.
إن حالة التصفيق بعد كل من قرارات الرئيس بدءاً من إقالة مدير المخابرات العامة في أعقاب حادث رفح، وحتى إقالة رئيس جهاز التنظيم والإدارة قبل أيام، هي التي سيطرت عليه هو ومستشاريه بلا شك، حينما قرروا إقصاء النائب العام وتعيينه سفيراً، للهرب من مأزق أن النائب العام لم يستقل.
الرئيس ومستشاروه سيطرت عليهم حالة انصياع جميع المحسوبين على النظام السابق من القيادات والمسؤولين لأي قرار جمهوري يتم إصداره، وعزّز ثقتهم في ذلك أن الرئيس تخلص من المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقيادات المجلس العسكري الذين كانوا يقودون البلاد، بل وكانت معهم سلطة التشريع وإصدار الإعلانات الدستورية، وأيضاً، القوات المسلحة بعتادها وقواتها.
كل ذلك جعلهم على ثقة كبيرة بأن النائب العام سيقبل تعيينه سفيراً ويقبل قرار إقصائه.
إلا أن جموع القضاة هاجموا هذا القرار، حتى قضاة تيار الاستقلال المنتمي إليه وزير عدل الرئيس، وأصبح مرسي الآن أمام أزمة كبيرة: إما أن يصطدم بالسلطة القضائية بجميع أعضائها حتى مناصريه، وإما أن يعود عن القرار، (وهذا ما حصل فعلاً) فيصبح في مواجهة مع الشارع ومع جماعته، ويسجّل عليه اعترافه بإصدار قرار خطأ ومخالف للقانون.
وبذلك يرى المراقبون أن قرار الرئيس، غير المحسوب، ضد النائب العام وضع الرئيس نفسه في ورطة.









اضف تعليق