شهدت دمشق وريفها، أمس، معارك عنيفة وقصفا بالمدفعية والطيران، فيما كان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني يزور تركيا، التي تستعد لنشر صواريخ "باتريوت" على حدودها مع سوريا، في خطوة يؤكد حلف شمال الأطلسي (الناتو) أنها دفاعية، بينما تنتقدها دمشق وحلفاؤها.
ويأتي ذلك غداة مقتل نحو 70 شخصا في أعمال عنف عمّت مناطق مختلفة من سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويصعب التأكد من دقة هذه المعلومات من مصادر مستقلة، نظرا للقيود الكبيرة التي تفرضها السلطات السورية على الصحافيين والإعلاميين.
إسقاط "ميغ"
ميدانياً، وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في حيي القدم والتضامن ومحيط الحجر الأسود في دمشق، تخللها قصف مدفعي وجوي على المنطقة.
وفي ريف العاصمة، قصفت طائرات حربية مناطق عدة في الغوطة الشرقية، لاسيما مدينة الزبداني، فيما أفاد ناشطون سوريون بأن المقاتلين المعارضين أسقطوا طائرة حربية من طراز "ميغ" تابعة لقوات النظام في ريف دمشق.
كذلك شهدت أحياء حلب معارك عنيفة بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة، تركزت في محيط فرع المخابرات الجوية وشارع النيل في المدينة، في حين تعرض حي الشعار للقصف من القوات النظامية.
ويستعد المقاتلون المعارضون لشن هجوم يريدونه "حاسما" على كتيبة الدفاع الجوي في منطقة الشيخ سليمان، التي يحاصرونها منذ أسابيع وتدافع عنها القوات النظامية بشراسة، كونها آخر معقل لها في ريف حلب.
وقال قائد ميداني في الجيش السوري الحر، يعرف نفسه باسم الشيخ توفيق، إنه "عندما تسقط كتيبة الشيخ سليمان، سيتحرر كل القسم الغربي من محافظة حلب"، مشيرا الى أن دور مدينة حلب سيحين بعد ذلك.
وأوضح الشيخ توفيق "نحن نحاصر الكتيبة جيدا.. والوضع ميؤوس منه بالنسبة الى الجنود الثلاثمائة أو الأربعمائة المتحصنين فيها".
وسجل المقاتلون المعارضون تقدما ملحوظا على الأرض خلال الأسابيع الماضية في منطقتي الشمال والشرق من البلاد، بالاستيلاء على مقر "الفوج 46" في حلب ومدينة الميادين الاستراتيجية في دير الزور.
"هدوء حذر" مع الأكراد
وفي محافظة الحسكة (شمال شرق)، ساد "هدوء حذر" مدينة رأس العين (الحدودية مع تركيا)، في ظل جهود حثيثة يقوم بها بعض الأطراف للوصول الى مصالحة بين المقاتلين الأكراد والمقاتلين المعارضين، الذين دخلوا المدينة في التاسع من نوفمبر، بعد معارك دامية مع القوات النظامية انتهت بانسحاب هذه الأخيرة.
ووقعت خلال الأيام الماضية معارك بين مقاتلين من "جبهة النصرة" ولواء "غرباء الشام" الإسلاميين المتطرفين من جهة ومقاتلين من "لجان حماية الشعب الكردي" التابعة للهيئة الكردية العليا، التي يعتبر حزب الاتحاد الديموقراطي أبرز مكوناتها من جهة ثانية.
وكان المرصد أفاد الجمعة عن حشد متبادل لقوات الطرفين في المدينة.
واتفقت المجموعات الكردية الرئيسية في سوريا على تشكيل قوة عسكرية موحدة لمواجهة المقاتلين المعارضين الاسلاميين في شمال شرق البلاد، بحسب ما أفاد مسؤولون وناشطون أكراد، الذين أطلقوا على هذه القوة اسم "الجيش الكردي الحر".
ويطالب الأكراد بإدارة ذاتية لمناطقهم. ورغم أن العديد منهم منضوون في أطار الجيش السوري الحر، إلا أنهم يطالبون بخروج المجموعات المقاتلة المعارضة من مناطقهم.
محاولة لاقتحام الرستن
من جهة ثانية، لا تزال مدن وأحياء عدة من محافظة حمص تتعرض لقصف مدفعي وجوي، لا سيما الرستن التي تحاول القوات النظامية اقتحامها منذ أشهر.
لاريجاني في تركيا
دبلوماسياً، زار رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني تركيا، بعد زيارتين الى لبنان وسوريا، حيث التقى كلا من الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
ودانت طهران الجمعة طلب تركيا من حلف الناتو نشر صواريخ "باتريوت" على الحدود التركية – السورية، واعتبرت أن نشر هذه الصواريخ "لن يساعد" على حل الوضع في سوريا، بل "سيؤدي الى تفاقمه وزيادة تأزيمه"، داعية الى البحث عن "حلول سياسية للأزمات الإقليمية".
وصرح لاريجاني من بيروت "أن الآخرين يريدون أن يفرضوا الديموقراطية فرضا من خلال توسل السلاح"، مضيفا "نحن ندعم العملية السياسية والحوار السياسي الذي من شأنه أن يؤدي الى إحلال الديموقراطية في سوريا".
وكان لاريجاني وصف في دمشق "بالمغامرين" الذين يريدون "التسبب بالمشاكل لسوريا".
ورغم تأكيد حلف الاطلسي أن مهمة صواريخ الباتريوت "محض دفاعية"، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تكدس الأسلحة يزيد من خطر استخدامها، وأن ذلك "يشجع على الأرجح اولئك الذين يريدون اللجوء بشكل أكبر الى القوة".
وأعلنت دمشق أن الطلب التركي "خطوة استفزازية جديدة". وحمل مصدر في وزارة الخارجية الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان "مسؤولية عسكرة الأوضاع على الحدود"، متهما إياها "بتدريب وتسليح الآلاف من الإرهابيين" وإرسالهم الى سوريا.









اضف تعليق