دخل لبنان إلى مرحلة جديدة من التوتر السياسي وغموض الآفاق المستقبلية، بعد تراجع تمثيل قوى 14 آذار في البرلمان مقابل تقدم “حزب الله” وقوى 8 آذار.
وكشفت النتائج النهائية للانتخابات اللبنانية تغييراً واضحاً في موازين القوة داخل البرلمان اللبناني، لكنها لم ترتقِ إلى مستوى انقلاب الصورة، بسبب عوامل مختلفة تتعلق بتوازنات القوى داخل البلاد، وانعكاسات التسوية السياسية التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية منذ أكثر من عام، واختيار الرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة.
وإذا كانت الأكثرية البرلمانية ذهبت – نظرياً – إلى “حزب الله” وحلفائه، الذين جمعوا أكثر من 70 مقعداً في المجلس المؤلف من 128 مقعداً، فإن هذه الأكثرية لا يمكن أن تصرف على أرض الواقع بسبب التعقيدات التي باتت تحكم العلاقات بين القوى السياسية، فقوى “8 آذار” التي أعلنت أنها حازت نحو 50 مقعداً منفردة، يضاف إليها أصوات الحليف الاستراتيجي لـ”حزب الله”، أي التيار الوطني الحر المؤيد لرئيس الجمهورية ميشال عون، غير أن التحالف المقابل الذي يزداد توطداً بين التيار برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل وتيار “المستقبل” برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، تجعل من الاعتبارات الرقمية أمراً ثانوياً.
وأشارت النتائج إلى ارتفاع حصة حزب القوات اللبنانية في مجلس النواب، بينما عزز الثنائي الشيعي المتمثل بحركة أمل وحزب الله من تمثيله البرلماني.
كما أظهرت هذه النتائج تراجعاً في حصة تيار المستقبل في البرلمان، فيما نجح المجتمع المدني في خرق لوائح السياسيين التقليديين بإيصال وجهين نسائيين إلى البرلمان، إحداهن الإعلامية بولا يعقوبيان. ومني حزب الله بخسائر في أحد معاقله وهي دائرة بعلبك-الهرمل الانتخابية.
وحصل معارضو الحزب على مقعدين من أصل عشرة هناك، أحدهما ذهب لحزب القوات اللبنانية، بينما نال تيار المستقبل المقعد الآخر. وفشل حزب الله في إيصال مرشحه في مدينة جبيل الساحلية إلى البرلمان.وعمد حزب الله إلى نقل مؤيدين له من سوريا إلى لبنان للمشاركة في عمليات التصويت، ما ساهم في ميل كفة التصويت لصالح قوة 8 آذار.
وأقر رئيس الحكومة سعد الحريري بخسارة ثلث المقاعد التي كان يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته. وأعلن الحريري فوز تياره بـ21 مقعداً مقابل 33 في آخر انتخابات في العام 2009 وحاز مع حلفائه الأكثرية المطلقة. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في دارته في وسط بيروت: “كنا نراهن على نتيجة أفضل وعلى كتلة أوسع”، مؤكداً في الوقت ذاته أنه “سعيد” بالنتيجة.
وربط الحريري تراجع عدد مقاعده بطبيعة قانون الانتخاب الجديد، مقللاً من تداعيات ذلك على مستقبل تياره السياسي.
وقال: “لبنان لا يحكم إلاّ بجميع مكوناته السياسية وعلينا أن نعمل مع بعضنا لبناء البلد فهو لم يعد يتحمّل خلافات سياسية”.
ودعا الحريري إلى تشكيل حكومة سريعة بعد الانتخابات حتى يتسنى للبلاد المضي قدماً في الإصلاحات اللازمة لخفض مستويات ديون الدولة.
وحصد التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه ميشال عون، 18 مقعداً من أصل 29 مع حلفائه، وفق ما أعلن رئيسه جبران باسيل. وكان التيار يطمح لنسبة أعلى لكن يبدو أن ذلك جاء لصالح تقدم حزب القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع. وقال زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إن “هذه النتائج ستعيش معنا على مدى 4 سنوات وتحدد مسار البلاد، وستعطينا قوّة ودفعاً من أجل تصحيح المسار أكثر بكثير مما تمكنا من تصحيحه في السنوات المنصرمة”.
اضف تعليق