الرئيسية » تقارير ودراسات » نزع سلاح حزب الله ليس كافياً
تقارير ودراسات رئيسى

نزع سلاح حزب الله ليس كافياً

كلّف مجلس الوزراء اللبناني الجيش بوضع خطة تُحدّد كيفية إدارة الأسلحة في البلاد، وستستهدف الخطة بشكل رئيسي أسلحة حزب الله، بهدف وضع ترسانة الحزب تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام.

لا شك أن هذه خطوة تاريخية، فهي المرة الأولى التي يتجرأ فيها ممثلو الدولة اللبنانية على مناقشة خطة من شأنها تعزيز جهود نزع سلاح حزب الله وأي فصائل مسلحة أخرى، وهو أمر كان من الصعب تصديقه قبل عام واحد فقط.

يُمثل هذا الإعلان، الذي جاء بعد يوم من الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت عام ٢٠٢٠، خطوة أولى قد تُحقق العدالة وتُحدث فرقًا للبلاد. لكن علينا الآن أن نُدير التوقعات والنتائج الفعلية، فهذه إحدى أكثر القضايا تحديًا وحسمًا لمستقبل استقرار لبنان وإعادة إعماره.

كما كان متوقعًا، لم يتأخر رد حزب الله، ولم ينتظر حتى انتهاء اجتماع مجلس الوزراء الذي أُقرت خلاله الخطة. وبينما كان الاجتماع لا يزال منعقدًا لمناقشة احتكار الدولة للسلاح، ألقى الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، خطابًا رفض فيه بشدة فكرة نزع السلاح أو تحديد جدول زمني لتحقيقه.

كالعادة، كان خطابه مشبعًا بعبارات التحدي ولغة المقاومة. باختصار، خاطب الحكومة بشكل غير مباشر وانتقد خطة السيادة الوطنية، معتبرًا إياها استسلامًا فعليًا لإسرائيل والولايات المتحدة.

وكما فعل حزب الله لفترة طويلة، فقد قام أيضًا بتشويه سمعة الدولة اللبنانية من خلال الزعم بأنها غير قادرة على حماية حدود البلاد، والإصرار على أن الحزب يجب أن يحتفظ بقدراته الدفاعية، استنادًا إلى افتراض أن أعضاءه وحدهم القادرون على حماية البلاد.

بينما تتحدث الدولة عن احتكار السلاح، يسعى حزب الله لترويج فكرة أنه وحده يملك الرغبة والقدرة على الدفاع عن البلاد، وهو أمر غير صحيح.

رغم تصريحات قاسم، غيّرت الحرب مع إسرائيل خريف العام الماضي واقع الحال، ولا يمكن لأي خطاب لحزب الله أن يُغيّر ذلك. بأفعاله، جلب الحزب الدمار على لبنان مرات عديدة، لدرجة أنه لا يستطيع الادعاء بأن سلاحه يحمي البلاد. ترسانته لم تجلب إلا الدمار والبؤس.

علاوة على ذلك، لم يدافع حزب الله إلا عن مصالحه الخاصة. لا ينبغي اعتبار نزع سلاحه مطلبًا أمريكيًا، فهو في جوهره مطلب لبناني. يريد المواطنون اللبنانيون رؤية بلد موحد بجيشه، دون اضطرابات داخلية. يطالب اللبنانيون بدولة ذات سيادة.

أمرٌ مؤكد: إذا تعاون حزب الله في نهاية المطاف وسلّم ترسانته، فلن يحدث ذلك دون أن يقدّم الحزب مطالب، قد تُستخدم كذرائع للتهرّب من تسليم سلاحه. وإذا شملت هذه المطالب مفاوضات مع إسرائيل أو محادثات حدودية، فسيكون ذلك خطًا أحمر.

كما ينبغي رفض أي شروط تتعلق بدمج حزب الله في القوات المسلحة أو إزالة ترسانته جزئيًا، لأن ولاء أعضائه ليس للبنان بل لدولة أجنبية. ويتوقع معظم اللبنانيين أن تشمل مطالب الحزب شروطًا لتقاسم السلطة محليًا، وربما توفير حماية دولية لأعضائه المتهمين بالإرهاب.

التوتر واضح، ويتوقع اللبنانيون أيضًا استعراضًا للقوة من جانب الحزب وعناصره لعرقلة نزع سلاحه. وتشير ردود أفعال بعض أعضائه خلال مناقشات مجلس الوزراء إلى تحدٍّ ورفض للتعاون. وهذا أحد أسباب عدم مطالبة المجلس بنزع السلاح فورًا، والتركيز بدلًا من ذلك على وضع إطار عمل بجدول زمني محدد.

ورغم أن حزب الله لا يملك حق النقض (الفيتو) رسميًا في الحكومة الحالية، إلا أنه أثبت أنه يتمتع بهذه القدرة عبر التحالفات والسيطرة على وزارات رئيسية، مثل المالية، والقدرة على تعطيل التوافق، كما حدث عندما انسحب وحلفاؤه لمنع اتخاذ أي قرار.

إن نظام تقاسم السلطة في لبنان، وتهديد الحرب الأهلية الذي يلوّح به حزب الله، يجعل القرار وتنفيذه صعبين.

الحقيقة أن حجج الحزب كلها باطلة. حتى عندما يشير قاسم إلى اتفاق الطائف لعام ١٩٨٩ الذي أنهى الحرب الأهلية، لم يلتزم الحزب به أبدًا، بل دعا إسرائيل للتدخل رغم عدم وجود أراضٍ لبنانية رئيسية محتلة، وقضية مزارع شبعا تشمل سوريا أيضًا، أما بالنسبة لتلال كفرشوبا، فالمطالبات بها يجب أن تديرها الدولة اللبنانية وحدها. لا يحق للحزب شنّ عمليات عسكرية أو تهديد أي دولة أخرى. يجب أن يتوقف هذا الآن.

مع ذلك، حذّر قاسم من أنه إذا استأنفت إسرائيل عملياتها ضد لبنان، فإن الحزب سيرد بإطلاق صواريخ على إسرائيل، مما سيؤدي إلى انهيار أمنها خلال ساعة، دون أن يتطرق إلى الدمار الذي سيلحقه ذلك بلبنان.

عليه أن يتذكر أن حتى تنظيمه وافق على التفاوض مع إسرائيل بشأن نزاع الحدود البحرية واحتياطيات الغاز، بل رضخ للإرادة الإسرائيلية. لذا فإن الحديث عن المقاومة وحماية الحدود بدلًا من الجيش اللبناني أصبح رواية بلا جدوى.

لهذا السبب، لا ينبغي أن يكون نزع السلاح الخطوة الوحيدة، بل يجب أيضًا تفكيك عمليات الحزب غير القانونية. هذه خطوة أساسية لاستعادة السيادة اللبنانية، فلا يمكن أن تكون هناك دولة ذات سيادة دون سيادة القانون.

سيُظهر هذا أيضًا عزم الدولة في بناء لبنان جديد. تعمل ميليشيا الحزب المسلحة خارج سلطة الدولة، مما يُقوّض احتكار القوة الذي هو أساس أي حكومة. إن تورطه في أنشطة غير مشروعة – من تهريب الأسلحة إلى الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال – لا يُغذي الفساد فقط، بل يزعزع استقرار الاقتصاد والمجتمع.

كما أن استقلاليته العسكرية وعلاقاته الخارجية تعرض حياد لبنان للخطر وتجره إلى صراعات إقليمية. ولتمهيد الطريق للإصلاح السياسي والتعافي الاقتصادي والوحدة الوطنية، يجب نزع سلاح هذه الشبكات وتفكيكها، وإعادة تأكيد سيطرة الدولة على أراضيها ومؤسساتها.

هناك حاجة أيضًا لوقف أي تمويل خارجي للأحزاب السياسية. يجب تخصيص أي دعم مالي للدولة فقط. على مجلس الوزراء اتخاذ إجراءات لجعل أي مدفوعات خارجية للمنظمات السياسية أو المجموعات التابعة لها غير قانونية، وحظر التمويل الأجنبي لحماية السيادة الوطنية ومنع التدخل الخارجي في السياسة الداخلية. يجب ألا يدير الحزب نظامًا موازيًا يُبقي مجتمعه منفصلًا عن بقية المجتمع.

لهذا السبب أيضًا، لا يكفي نزع السلاح وحده. يجب محاسبة أعضاء الحزب على جميع هجماتهم الإرهابية ضد الشعبين اللبناني والسوري. فهم لا ينبغي أن يكونوا جزءًا من أي تطور سياسي مستقبلي.

يبقى الهيكل السياسي في لبنان طائفيًا. ولن يستطيع البلد البناء إلا إذا اتفقت أغلب الطوائف على خطة واحدة. لذا، على القادة الشيعة غير المنتمين للحزب مسؤولية التحرك ومواجهته. والآن، بعد أن كسر مجلس الوزراء حاجز الخوف، يجب على القادة الشجعان العمل لتحرير الطائفة الشيعية من سيطرة الحزب، والدفع نحو نزع سلاحه.

يجب أن يتمتع جميع المواطنين بنفس الحقوق في السعادة، ونفس الواجبات تجاه الدولة، لأنهم جميعًا يعانون بنفس الطرق اليوم.