كشفت وثائق سرية مسربة أن النظام السوري يقف وراء اغتيال رجل الدين السني الشيخ أحمد عبد الواحد الذي قتل مع شيخ آخر على حاجز للجيش اللبناني في منطقة عكار شمال لبنان في 20 مايو الماضي.
وأظهرت الوثائق, التي كشفت النقاب عنها قناة "العربية" الفضائية, مساء أمس, في إطار نشرها مجموعة من الوثائق الرسمية التي سربتها إليها المعارضة السورية, أن نظام الأسد خطط لزرع الفتنة الطائفية في لبنان, وتحديداً في الشمال, من خلال اغتيال الشخصيات المناهضة له والداعمة للثورة.
وتتقاطع هذه المعلومات مع نتائج التحقيقات التي أجريت مع الوزير والنائب السابق ميشال سماحة المتهم بنقل عبوات ناسفة بسيارته من دمشق, وتحديداً من مكتب مدير الأمن الوطني اللواء علي مملوك, إلى بيروت, بهدف استخدامها في تصفية نواب وشخصيات دينية وسياسية مناهضة للنظام السوري, وأيضاً في شمال لبنان.
وأظهرت وثيقة مؤرخة بتاريخ الخامس من أبريل الماضي, أمراً مباشراً مرسلاً من مدير مكتب الأمن في المخابرات الخارجية السورية بسام مرهج إلى رئيس فرع العمليات في نفس الجهاز حسن عبدالرحمن, بتنفيذ أوامر في ما يطلق عليه "حزب البعث" الحاكم في سورية "القطر اللبناني".
ويتضح جلياً في النقطة الأولى من الوثيقة طلب بإرسال عناصر من فرعي العمليات والمعلومات في المخابرات الخارجية السورية إلى لبنان وتحديداً إلى طرابلس, كبرى مدن الشمال.
أما النقطة الثانية فتنطوي على أمر مرهج بدراسة مقترحات "فرع الاستطلاع", وهو الفرع المتخصص في جمع المعلومات من العملاء وإيصالها إلى القيادات الأمنية في دمشق, على أن تنفذ هذه المقترحات بسرية تامة.
وتتمحور النقطة الثالثة حول التواصل مع من سمتهم الوثيقة الأصدقاء في لبنان.
أما النقطة الرابعة والحاسمة فهي أمر مباشر بتصفية الأشخاص الواردة أسماؤهم في جداول "فرع الاستطلاع".
وفي النقطة الخامسة من نفس الوثيقة, يؤكد مرهج ضرورة إرسال ضابط ذي خبرة كافية في لبنان لتنفيذ المهمة بشكل جيد.
أما النقطة السادسة فتطلب وبكل وضوح القيام بكل ما يلزم من عملاء النظام السوري في لبنان لإبقاء التوتر والاحتقان قائمين في تلك المناطق, أي طرابلس والمناطق المجاورة لها في الشمال.
والنقطة الأخطر في هذه الوثيقة والتي تهدف لزرع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب اللبناني, فتكمن في الأمر بشن عمليات اغتيال لشخصيات بارزة في طوائف مختلفة بهدف تأجيج الوضع بصورة "غير قابلة للتهدئة".
وللتعرف إلى كيفية تنفيذ النظام السوري مخططه في طرابلس, توضح وثيقة مؤرخة بتاريخ الثاني عشر من مايو الماضي, وتحمل عنوان "لبنان وتنفيذ المهمة 8-3 على يد شوقي مخلوف – زرع الفتنة في لبنان", تعليمات حسن عبدالرحمن, رئيس فرع العمليات في المخابرات الخارجية, للعميد شوقي مخلوف بالتوجه إلى "القطر اللبناني" كما يسمونه لتنفيذ المهمة 23/8 بالسرعة القصوى مستخدماً سيارة أجرة.
وبعد أيام من صدور هذه الوثيقة وفي العشرين من الشهر نفسه, أوقف رجل الدين السني أحمد عبدالواحد على حاجز للجيش اللبناني, وقتل برصاص العناصر.
وبحسب المعارضة السورية, فإن القائد المسؤول عن الحاجز الموالي للنظام السوري كلف باغتيال الشيخ أحمد عبدالواحد بالتنسيق مع شوقي مخلوف, علماً أن اغتيال رجل الدين أدى إلى اضطراب في عكار وشمال لبنان عموماً, واندلعت على خلفيته اشتباكات طائفية بين السنة والعلويين في طرابلس.
وكادت الأمور تتدهور في هذه المدينة لولا تدخل السياسيين والعقلاء لوأد الفتنة ووقف الاشتباكات, كما تطورت الأمور في عكار وخرجت احتجاجات شعبية كبيرة كادت تصل حد الصدام بين الجيش والأهالي المؤيدين للثورة السورية.
واعتقل على خلفية مقتل الشيخ ورفيقه ثلاثة ضباط ثم أفرج عنهم بكفالة واعتقلوا مجدداً قبل ان يفرج عنهم قبل أسابيع, في خطوة أثارت احتجاجات شعبية لكن السياسيين نجحوا في تطويقها, انطلاقاً من الحفاظ على المؤسسة العسكرية, مع التشديد على ضرورة محاسبة المتورطين في الحادثة.
ولا تكشف الوثائق المسربة معلومات جديدة بقدر ماتثبت المعلومات الأكيدة عن مخطط النظام السوري لتفجير فتنة طائفية في لبنان, بهدف تخفيف الضغط عنه والانتقام من مؤيدي الثورة السورية ومطالبها المحقة.
اضف تعليق