الرئيسية » رئيسى » هل تلعب واشنطن دور الوسيط لتحقيق المصالحة الخليجية؟
تقارير ودراسات رئيسى

هل تلعب واشنطن دور الوسيط لتحقيق المصالحة الخليجية؟

ثمة مياة كثيرة  تتدفق على صفحة المشهد  السياسي فى الخليج , تلوح معها دلائل متزايدة على أن  ساعة توحيد الجبهة العربية  قد اقتربت  ,إذ تشير جملة من المعطيات الراهنة إلى أن الولايات المتحدة قد تلعب دور الوسيط  لتحقيق المصالحة بين الأطراف الخليجية وأنها تريد احتواء الأزمة وتسويتها ليكون لديها قاعدة حليفة موحدة في المنطقة.

توقيت  زيارة تميم لواشنطن  يحمل بعض المؤشرات لاسيما وأنها جاءت بعد يومين من إعلان خليل زاد أن الجولة السابعة من المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ، والتي عقدت في الدوحة ، كانت “الأكثر إنتاجية” حتى الآن. وبالنظر لأهمية  الملف الأفغانى لدى ترامب والذى يبحث  فى حملة إعادة انتخابه عام 2020 عن نتائج السياسة الخارجية التي يمكن أن يعلنها باعتبارها نجاحاته الخاصة التي تفوق بها على سلفه,  فإن تحقيق أى  انفراجة فى محادثات السلام الأفغانية التي تستضيفها قطر بشكل كبير من شأنها إنهاء أطول حروب الولايات المتحدة و التي ورثها الرئيس ترامب عندما تولى منصبه في يناير 2017 قد يضع الرئيس ترامب على مسافة قريبة من انفراجة بعيدة عن بوش وأوباما واتفاق يمكن أن يتبناه باعتباره نجاح السياسة الخارجية لرئاسته وربما يشجعه لرتفاع النشاط الدبلوماسى فى الدوحة مع استئناف المحادثات الأفغانية  , على تعزيز قنوات التواصل بين الفرقاء  فى الخليج لمواجهة اللحظة الحرجة التى تمر بها  المنطقة.

و منذ ما يقرب من عقد من الزمان ، سمحت الحكومة القطرية لطالبان بتشغيل مكتب سياسي في الدوحة بناءً على طلب من المسؤولين الأمريكيين الذين أدركوا فائدة وجود عنوان يمكن لمفاوضي السلام الاتصال به من خلال وسطاء طالبان. كان المقصود من افتتاح المكتب هو منع تكرار الإخفاق في عام 2010 عندما قام المسؤولون بحلف شمال الأطلسي (الناتو) والمسؤولون الأفغان بتحويل مئات الآلاف من الدولارات إلى صاحب متجر أفغاني زعم ، كذباً ، أنه أحد كبار قادة طالبان. وبعد سلسلة من البدايات المترددة وعقد اجتماعات متقطعة عقب الافتتاح الرسمي لمكتب طالبان في الدوحة في عام 2013 ، تصاعد مستوى النشاط الدبلوماسي في يوليو 2018 عندما طلبت إدارة ترامب من المسؤولين الأمريكيين بدء محادثات مباشرة مع ممثلي طالبان. وبدأت المحادثات بين مفاوضي الولايات المتحدة وطالبان في أكتوبر 2018 وازدادت بشكل تدريجي ، بحيث ، بحلول الجولة السادسة للحوار في مايو 2019 ، كان التركيز على وقف دائم لإطلاق النار ، وسحب القوات ، وضمانات ضد الإرهاب ، وتسوية سياسية في نهاية المطاف مع الحكومة الأفغانية .

وإذا كانت افغانستان فرصة لوعود نادرة فإن عرض المسؤولون القطريون العمل كوسطاء لتسهيل الحوار بين واشنطن وطهران , يمكن أن يشكل نقطة التقاء تعود معها المياه إلى مجاريها  بين الدوحة ودول الخليج بواسطة أميركية لاسيما وأن التوتر المتصاعد مع إيران يعد قضية إقليمية ملحة بالوقت الراهن و النزاع لن يخدم دول الخليج والتى ستجد نفسها فى مرمى النيران لاسيما وأن عزل الدوحة قد شجعها على الانحراف كليا باتجاه إيران وإقامة وإعادة  العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع طهران وفى هذا السياق، فإن الزيارة التي قام بها الأمير القطري لاحقًا إلى الولايات المتحدة تدل على أن اللجوء إلى إيران خيار  يمكن الرجوع عنه.

يضاف إلى ذلك تعهد الدوحة بتحمل كافة تكاليف توسيع قاعدة العديد الأميركيةالبالغة 8 مليارات دولار  وامتعاض واشنطن  من العزلة الإقليمية المفروضة على قطر منذ 2017, الذى انعكس  فى أكثر من مناسبة وتصريح  حيث دعا ترامب  فى سبتمبر 2017 إلى حل النزاع من خلال الحوار. كما صرح مستشار الأمن القومي جون بولتون في صيف عام 2018 ،قائلاً  “يتنافس شركاؤنا الإقليميون بشكل متزايد ، وفي حالة الصدع في قطر ، يدخلون في منافسة مباشرة على حساب المصالح الأمريكية”. المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك ، هيذر نويرت ، كررت لاحقًا ، في نوفمبر 2018 ، أن “وحدة الخليج ضرورية لمصالحنا المشتركة في مواجهة التأثير الإيراني الخبيث مكافحة الإرهاب”. فالمسؤولون الأمريكيون ، بمن فيهم الرئيس ترامب ، لم يخفوا رغبتهم في إنهاء أي خطوة تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وشبكة الشراكات الإقليمية.

ومع ذلك  تبقى عودة الدوحة إلى محيطها الخليجي والعربي مشروطة بفك ارتباطاها مع نظام طهران  والتخلى عن دعم حركات الإسلام السياسى  , فالنزاع الذى بلغ ذروته في حزيران/يونيو ٢٠١٧، عندما قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر كل علاقاتها مع قطر ردًا على ما وصفته اللجنة الرباعية بدعم الإرهاب والأهداف السياسة الخارجية التي تختلف عن مصلحة الرباعية لاتزال أسبابه قائمة وهى تتطابق إلى نحو بعيد مع الرؤية الأميركية بما يعنى ان استمرار النهج القطرى فيما يتعلق بالقضايا السابقة سيؤدي إلى تقويض الجهود الاستراتيجية الأمريكية الأوسع لاحتواء إيران والتصدي بفعالية لظاهرة العنف والتطرف .

في ظل هذه الخلفية من التقدم التدريجي والتفاؤل الحذر يتضح أن أزمة الخليج ليست مجرد قلق إقليمي وإنما أيضًا مسألة تؤثر مباشرة على المصالح الأمريكية لذا  يبدو الطريق ممهداً لكسر العزلة العربية على قطر والمضي قدمًا نحو المصالحة. إذ يمكن للولايات المتحدة باعتبارها ضامن رئيسي للأمن الإقليمي التوسط لتقريب وجهات النظروإذابة كامل الجليد  بين كافة الأطراف ومن ثم إعادة توجيه ديناميكيات الخليج