من المتعارف عليه في أدبيات الصراع أننا في أى معركة أو حرب أو حتى نزاع لابد وان نتسم بالواقعية السياسية وهزيمة طرف لا تعنى نهاية العالم بل تستلزم إعادة ترتيب الأوراق للوقوف على نقاط الضعف والقوة لدينا كما تتطلب التركيز بشكل أوسع على أخطاء ومواطن ضعف خصومنا.
يبدو أن هذا الأمر قد غاب عن أذهان صانعى السياسة الفلسطينية بجناحيها سواء من منظمة التحرير أو حركة المقاومة الإسلامية “حماس” , فكل ما نراه مجرد ردود فعل غاضبة وغير محسوبة تكون نتيجتها بعد أشهر من الصدامات الدامية حصد المزيد من أرواح الفلسطينيين. فقط, قتل ودمار وعنف دون تحقيق أي مكاسب سياسية أو تكتيكية.
الأرواح المتساقطة وأعداد الجرحى قد لا تكون ذات أهمية أو ثقل بالنسبة لدوائر السلطة لكنها مجرد أداة لاستعراض ممنهج هدفه بالدرجة الأولى إظهار وحشية العدو الإسرائيلي لاسيما وأنهم لا يزالون يراهنون على الوعى العربي ويعتقدون فى إمكانية شن حرب على إسرائيل أو ربما يستخدمونه كوسيلة للضغط على الحكومات العربية .
التحركات الفلسطينية الحالية لن تفضي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع , فبينما تعمل حماس وفق استراتيجيه هدفها إرضاء حلفائها في طهران عقب التحولات الدراماتيكية التى شابت الأزمة السورية , تبدو منظمة التحرير أضعف من أن تنفذ أي اتفاق .
لا توجد حلول واضحة أو آمال ممكنة حال استمرار الوضع الراهن والمفاوضات بشكلها الحالي لن تعيد الحقوق الفلسطينية المسلوبة , ومع ذلك يمكن قلب موازيين المعادلة السياسية على المدى المنظور والمستقبلي بشكل يتيح للفلسطينيين كسب ميزة نسبية أمام إسرائيل و التفاوض من أرضية قوية تسمح بتحقيق مكتسبات أفضل للشعب الفلسطيني فى اتفاق السلام . فقد بات واضحاً للجميع أن حماس غير معنية بعملية السلام ولا تريد التوصل إلى اتفاق فهي مجرد ورقة ضغط يتم استخدامها من قبل رعاتها لتحقيق أهداف إقليمية أكبر ولترميم المحور الإيراني، الذي يضم أيضاً سوريا وحزب الله.
في عالمنا اليوم وفى ظل متغيرات ومستجدات العصر تتضاءل أهمية الأرض بل وحدود الجغرافيا فقد صار العالم أشبه بقرية رقمية صغيرة تبرز بها قيمة الموهبة والعنصر البشرى .ونحن جميعاً نعرف حجم وعدد الموهوبين من أبناء الشعب الفلسطيني , لقد حان الوقت لوقف نزيف الأرواح هناك و بدلا من إهدار طاقات أجيال المستقبل من الفلسطينيين ,يتعين علينا مواجهة الواقع .
لقد خسر العرب هذه المعركة , تلك هي الحقيقة , ولاح وقت الاعتراف بالهزيمة وبات ضروريا خفض سقف التطلعات والتحرك بإصرار وعزيمة . لذلك فإن أى شكل من أشكال الدولة الفلسطينية يتبنى أسس الحكم الرشيد ويضع نصب عينيه الاستثمار فى البشر يمثل بداية ملائمة وجيدة للشعب .
الهزيمة ليست النهاية وسجلات التاريخ حافلة بوقائع مشابهة ,لقد خسرت فرنسا العديد من الحروب لكنها تمكنت من النهوض وبناء ذاتها مرة أخرى بسواعد أبنائها .
لقد آن الأوانُ كى نتوقف عن إرسال الأطفال الفلسطينيين للذبح وإرسالهم إلى المدارس ,عوضاَ عن ذلك, بل والأهم توفير أساسيات السلام والأمن لهم .
وبالنسبة للقراء من الشباب , أود أن أقول عليكم بمقارنة القضية الفلسطينية بمشروع ناشئ ولنعتبر أن ذلك المشروع قد فشل ,فهي أشبه بقضية الزومبى , ماتت أسبابها لكنها ظلت حية كنوع من الرمزية و الاعتزاز بالنفس أو ربما للإزعاج مثلها مثل كل شركات الزومبى . لقد حان الوقت لتقبل الأمر الواقع وبنائها من جديد لتتحول من شركة ناشئة إلى شركة ” يونيكورن” . والإقرار بالهزيمة والفشل سيساعدنا ,بلا شك, فى التحول و الانتقال لبناء شيء أفضل .
اضف تعليق