في خطوة بدت متوقعة إلى حد بعيد منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية الخميس عن حظر مجمل أنشطة جماعة حزب الله في لبنان المدعومة من إيران على أراضيها وصنفتها منظمة إرهابية. وقد ظلت الحكومة الألمانية لفترة طويلة تفرق بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله،حيث يصنف الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله فقط كجماعة إرهابية وليس جناحه السياسي.
وأشادت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، بانضمام ألمانيا إلى قائمة الدول التي تحظر تنظيم “حزب الله” الإرهابي، مؤكدة أن هذه الخطوة “ستقلل من سلوك إيران الخبيث ونفوذها”. وقالت الخارجية الأميركية: “تنضم ألمانيا إلى عدد متزايد من الدول التي ترفض التمييز الزائف بين عمليات حزب الله الإرهابية والجناح السياسي المزعوم”.
وشددت الولايات المتحدة على أن تنظيم حزب الله الإرهابي المدعوم من إيران “يواصل التآمر وينفذ هجمات حول العالم”، مشددة على أن “عرقلة قدرة منظمة حزب الله الإرهابية على التخطيط للهجمات الإرهابية وجمع الأموال سيقلل من سلوك إيران الخبيث ونفوذها”.
ويمثل القرار الألماني ضربة جديدة للحزب المرتبط بإيران، بعد الحراك السياسي الواسع الذي انتفض على الطبقة السياسية في لبنان ومنها حزب الله، خاصة مع الاتهامات المتواصلة لهذا التنظيم العسكري-السياسي بالسيطرة على القرار السياسي لعدد من الحكومات اللبنانية في العقود الماضية.
وفي هذا الصدد، تقول مهى يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط، في مقال لها، إن “تمسك حزب الله بالوضع القائم (الوضع السياسي في لبنان) أفضى إلى تشويه الصورة التي يُحبّذ الظهور بها كمدافع عن الفقراء والمظلومين”، متابعة أن “مكانته كمدافع عن حقوق الشيعة في لبنان قُوّضت”، وأن “الشيعة يعتبرون أن حزب الله حزء من المنظومة الحاكمة التي ساهمت في الأوضاع المتردية”.
ومن شأن القرار الألماني , وفقا لدراسة سابقة لمركز المستقبل تم نشرها في ديسمبر 2019 , أن تكون له تداعيات كثيرة ، سواء على المستوى الداخلي في ألمانيا أو على مستوى علاقات ألمانيا مع لبنان وإيران. فداخليًّا ستفقد أنشطة “حزب الله” شرعيتها، ولن يحق له تنظيم مظاهرات أو رفع الأعلام والشعارات، كما يمكن إصدار مذكرات توقيف وملاحقة في حق من يُشتبه بانتمائهم أو تمويلهم لحزب الله. ومن ثم قد يلجأ الحزب إلى تأسيس منظمة خليفة، لكن سيتعيّن عليها أن تحمل اسمًا مختلفًا لكنها تقوم بنفس المهام، لكنه سيفقد علامته التجارية الهامة، وهي أحد المكونات التي تمثل قوة دعائية كبرى للحزب.
أما بالنسبة للعلاقات مع لبنان، فمن المرجح أن يضع قرار الحظر الألماني ضغوطًا على العلاقة مع لبنان، خاصةً أن الحزب يمثّل جزءًا من البرلمان منذ عام 1992، ناهيك عن أنّه فاز بـ13 مقعدًا في انتخابات عام 2018 وكان ممثلًا بـ3 وزارات في الحكومة الأخيرة. وعليه، فإن الحظر سيمثّل إهانة للحكومات المتعاقبة التي سيكون ممثلًا فيها، وسيفقد ألمانيا دور الوساطة النزيهة التي اعتادتها مثلما توسطت في اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل و”حزب الله” في 2008.
ونظرًا للعلاقات الوثيقة التي تجمع بين “حزب الله” ونظام الملالي وإيران، فمن المحتمل أن يكون لقرار حظر الحزب تأثير سلبي على العلاقات مع إيران، إلا أن ذلك مرهون بمدى الأهمية التي توليها إيران للحظر، خاصة في ظل العلاقات الودية التي تربط إيران بألمانيا والاتحاد الأوروبي ككل في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليها في الفترة الأخيرة.
اضف تعليق