قال أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات إن مشاركة بلاده في حرب اليمن التي استمرت أكثر من عام “انتهت عمليا”.
والإمارات عضو رئيسي في تحالف عسكري تقوده السعودية التي تدخلت في اليمن في مارس آذار عام 2015. وتدعم الإمارات حكومة اليمن ضد حركة الحوثيين المسلحة التي تعتبرها السعودية والإمارات تحارب نيابة عن إيران.
ونقل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن قرقاش قوله “موقفنا اليوم واضح فالحرب عمليا انتهت لجنودنا.” وأضاف على حسابه الرسمي على موقع تويتر “نرصد الترتيبات السياسية ودورنا الأساسي حاليا تمكين اليمنيين في المناطق المحررة.”
وكان هجوم صاروخي للحوثيين أسفر عن مقتل ما يربو على 60 من قوات دول الخليج المتمركزة في وسط اليمن في سبتمبر أيلول الماضي من بينهم 52 إماراتيا في أفدح خسارة لحقت بالجيش الإماراتي على مدار تاريخه.
غير أن الحرب في اليمن مازالت متواصلة والمشاورات لم تفض إلى حل عملي، فبعد مرور ثمانية اسابيع على انطلاق مشاورات السلام بين الحكومة والمتمردين اليمنيين برعاية الامم المتحدة في الكويت، لم ينجح المبعوث الدولي في ردم هوة غياب الثقة بين الطرفين وتحقيق اختراق يضع النزاع على سكة الحل.
ومنذ انطلاق المشاورات في 21 ابريل، حاول المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد اضفاء تفاؤل على مسار التفاوض، وكرر ان “التنازلات” مطلوبة من الجانبين، وان “الفشل خارج المعادلة” في ظل نزاع حصد اكثر من 6400 قتيل وزهاء 30 الف جريح خلال نحو 15 شهرا، وسبب ظروفا انسانية واقتصادية صعبة.
الا ان هذه الدعوات لم تلق الى حد كبير، آذانا صاغية لدى وفد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، والحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح المقربين من ايران. حتى ان خطوات ايجابية محدودة، كالافراج عن نصف المعتقلين بحلول شهر رمضان، لم تجد طريقها الى التنفيذ بالكامل.
ويقول مصدر دبلوماسي غربي ، ان “الهوة ما زالت كبيرة بين الطرفين”، وانهما متباعدان في ظل “عدم ثقة متبادلة”.
وبدت دول الخليج، المشاركة بمعظمها في التحالف الذي بدأ عملياته نهاية مارس 2015، ساعية للدفع باتجاه حل سياسي للنزاع. وعلى هامش التفاوض خلال الأسابيع الماضية، سجلت لقاءات بين المفاوضين اليمنيين وقادة خليجيين، ابرزهم اميرا الكويت وقطر، والامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني.
وبحسب مصادر حكومية ودبلوماسية، تقدم ولد الشيخ احمد مطلع يونيو بعد سلسلة لقاءات مع المفاوضين ودبلوماسيين من الدول المعنية بالمشاورات، بخريطة طريق لحل سلمي من ثلاث نقاط رفع الى الوفدين.
ينص الاقتراح بحسب المصادر، على “الغاء الاعلان الدستوري وحل اللجنة الثورية وما ترتب عليهما”، في اشارة الى ما تلا سقوط صنعاء بيد المتمردين في سبتمر 2014.
كما يدعو الاقتراح الى تشكيل لجنة عسكرية للاشراف على تسليم المتمردين لأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، والانسحاب من المدن التي سيطروا عليها بالقوة، ومنها صنعاء والمناطق المحيطة بها، اضافة الى محافظات أخرى في الوسط والجنوب. كما ستعمل هذه اللجنة على “اعادة ترتيب اوضاع الجيش والامن”، و”تأمين المناطق التي يتم منها الانسحاب”.
وبحسب الاقتراح، يلي هذه الخطوات عودة الحكومة الى صنعاء من مقرها الموقت في عدن (جنوب)، خلال مدة اقصاها شهران، واصدار هادي عفوا عاما. ويتبع ذلك اعلان “حكومة شراكة وطنية” تمهد الطريق لاستئناف مسار سياسي لمرحلة انتقالية مدتها عامان.
وفي سعي لوضع اسس للتقارب بين الطرفين تقوم على خطوات حسن نية، حاول المبعوث الدولي دفع الطرفين للافراج عن نصف المحتجزين لديهما قبل بداية شهر رمضان. ورغم التوصل الى اتفاق مبدئي على ذلك، الا انه لم يطبق.
الا ان بعض المحتجزين تم اطلاقهم خلال الفترة الماضية، بينهم 187 افرج عنهم المتمردون، بينما قام التحالف بتسليم 52 طفلا قال انه احتجزهم في مناطق المعارك بعدما تم تجنيدهم من المتمردين.
واستؤنفت الاثنين المفاوضات المباشرة بعد تعليقها لزهاء اسبوعين. وقال ولد الشيخ احمد أمس الاربعاء “استمر النقاش حول القضايا العسكرية والأمنية وتفاصيل تشكيل اللجان العسكرية والأمنية”. ولا يزال وفد المتمردين يصر على مطلبه بتشكيل “سلطة توافقية”.
وقال رئيس الوفد محمد عبد السلام في تصريحات صحافية الثلاثاء ان “اي ورقة لا تلبي مطالب الشعب بسلطة توافقية… سترفض”، موضحا ان التوافق يجب ان يشمل مؤسسة الرئاسة وتشكيل حكومة وحدة وطنية اضافة الى التوافق على لجنة امنية وعسكرية.
في المقابل، لوح الوفد الرسمي بالانسحاب في حال عدم تغيير المتمردين من موقفهم. وقال رئيس الوفد وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي في تصريحات لقناة “سكاي نيوز عربية” ليل الثلاثاء “ربما نحتاج الى اسبوع آخر… اعتقد اننا سنصل الى النهاية”، ردا على سؤال عن المدى الزمني لبقاء الوفد الحكومي في المشاورات.
اضاف “ليس فقط وفد الحكومة بل ايضا سفراء الدول (المعنية بالمشاورات اليمنية) والمبعوث الخاص للامم المتحدة سيلملمون اوراقهم ويغادرون”، مؤكدا ان المفاوضات “ندور في حلقة مفرغة” منذ بدايتها.
وتزامنا مع محاولات تحقيق اختراق سياسي، بقي الوضع ميدانيا على حاله الى حد كبير، مع تواصل تسجيل خروقات لوقف اطلاق النار الذي بدأ تنفيذه منتصف ليل 10-11 ابريل. والاربعاء، افادت مصادر عسكرية عن مقتل تسعة متمردين في غارة جوية للتحالف العربي ليل الثلاثاء على محافظة الجوف (شمال)، في حين قتل ثمانية متمردين وستة من عناصر القوات الحكومية خلال 24 ساعة من الاشتباكات في محافظة الضالع (جنوب) التي تسيطر عليها القوات الموالية للرئيس هادي.
رغم ذلك، اكد مصدر دبلوماسي ثان رغبة الجانبين في مواصلة المشاورات. وقال ان “10 من 18 دولة راعية تعهدت بالاشراف المباشر على تنفيذ الاتفاق من خلال مراقبين دوليين، مع الاحتفاظ بحق التدخل ضد اي طرف” يعرقل تنفيذه.
اضف تعليق