جدد المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد مطالبته الأطراف اليمنية المشاركة في مشاورات السلام بالكويت، بالالتزام باتفاق “وقف الأعمال القتالية”، مؤكدا أن ذلك” شرط هام” لإكمال العملية السياسية.
ولم يمهل وفد الحوثيين وحليفهم صالح ولد الشيخ كثيرا من الوقت حتى أعلنوا صراحة رفضهم لمبادرته الجديدة للحلّ مؤكدين تمسكهم بـ”مؤسسة الرئاسة”.
وقال ولد الشيخ في بيان اليوم الأربعاء إنه التقى الوفد المشترك لجماعة “أنصار الله” (الحوثي) وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الثلاثاء بالكويت ليبلغهم بمحتوى مبادرته الجديدة.
وأعرب ولد الشيخ في البيان عن “استيائه الشديد مما حصل في جبل جالس قرب قاعدة العند”، في محافظة لحج، جنوبي اليمن.
وتقدّم الحوثيون وقوات صالح الثلاثاء في محافظة لحج، وسيطروا على جبل “جالس” الاستراتيجي الذي يبعد نحو 4 كيلومترات عن قاعدة “العند” العسكرية، رغم سريان قرار وقف إطلاق النار منذ 70 يوما.
ردود أفعال باردة ضد التطورات خطرة
وأكد المبعوث الأممي أن التحرك العسكري الأخير للحوثيين وقوات صالح “تطور خطير يمكن أن يهدد المشاورات برمتها”.
ويقول مراقبون إن رؤية ولد الشيخ لحلّ الأزمة التي قدمها لمجلس الأمن واقترح خلالها “تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني”، في استجابة لمطالب أساسية للحوثيين الذين يرفضون الاعتراف بشرعية الحكومة اليمنية الحالية، تشجّع الانقلابيين على الإمعان في الاستهزاء بالجهود الدولية لحل الأزمة لأنهم فهموا تردده على إنه إقرار بعجز الأمم المتحدة وضعفها في التنفيذ الحرفي لقرارات واضحة صادرة عنها.
وما يزال تشكيل الحكومة يقف حجر عثرة أمام تقدم المشاورات حيث يرفض وفد الحوثيين وحزب صالح مقترحا للانضمام إلى الحكومة الحالية التي يترأسها أحمد عبيد بن دغر.
ويطالب الوفد بحكومة توافقية جديدة يكون الطرفان شريكين فيها، مع تمكينها من كافة الصلاحيات قبل الانتقال إلى مناقشة البنود الأخرى الموضوعة على قائمة جدول أعمال المشاورات.
ويضيف المراقبون إن السماح للحوثيين بإعادة خلط الأوراق، وتمكينه من المشاركة في حكومة وحدة وطنية، من مثلما طالبوا بذلك، يعفيهم في النهاية من تحمل تبعات الانقلاب، هذا طبعا اذا ما قبلوا بهذه الرؤية التي قدمها ولد الشيخ للحلّ في مجلس الأمن، ولم تظهر لهم احترازات وطلبات جديدة مفاجئة في سياق منهجهم المتعمد لتمييع المفاوضات وإطالة امدها لأكثر وقت ممكن تماما مثلما فعلوا مع المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر الذي انتهت جهوده الى فشل ذريع كان من نتائجه المباشرة ذهاب الحوثيين وحلفائهم الى الانقلاب على الدولة بشكل حاسم اوصل البلد الى ماهو عليه الآن.
وفي أول تعليق رسمي على خارطة الطريق الأممية، التي أعلن المبعوث الأممي أنه بصدد طرحها على الأطراف اليمنية خلال الأيام القادمة، لإنهاء الصراع، أعلن الوفد المشترك لجماعة “أنصار الله (الحوثي) وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، المشارك في مشاورات الكويت، تمسكه بـ”مناقشة مؤسسة الرئاسة”.
وقال بيان صحفي صادر عن وفد (الحوثي ـ صالح) اليوم الأربعاء “حرصا منا على الوصول إلى اتفاق سلام شامل ودائم، وتأكيدا لموقفنا السابق الصادر في 11 يونيو/حزيران، واستنادا الى المرجعيات السياسية ومبدأ التوافق الذي يحكم المرحلة الانتقالية، نؤكد تمسكنا بالقضايا الجوهرية المعنية بحلها مشاورات الكويت وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة”.
وذكر البيان أن “مؤسسة الرئاسة تعد محورا رئيسيا” في مشاورات الكويت، ترتبط بها بقية القضايا المطروحة ومنها “تشكيل حكومة وحدة وطنية مع لجنة عسكرية وأمنية عليا لتنفيذ الترتيبات الأمنية والعسكرية”، في تلويح ضمني برفض الخارطة الأممية.
ولم يصدر حتى الساعة (7:00 تغ) من صباح اليوم، أي تعليق رسمي من قبل الوفد الحكومي، حول خارطة الطريق الأممية، ووفقا لمصدر حكومي، فإن الوفد سينتظر حتى استلامها من المبعوث الأممي.
وقال المصدر (فضل عدم كشف هويته) اليوم الأربعاء “لم نعلن ترحيبنا بها ولم نعلن رفضها، عندما نتسلم الخارطة ساعتها لكل حادث حديث”.
وتعليقا على مسارعة وفد (الحوثي /صالح) برفضها في بيان رسمي، قال المصدر “الرئيس هو مصدر الشرعية وكافة القرارات بتشكيل حكومة جديدة ولجان عسكرية وأمنية مستمدة من شرعيته كونه منتخبًا من الشعب، ولا يمكن القفز عليه”..
وذكر المصدر، أن “وفد (الحوثي/صالح) كان يشترط في النقاشات السابقة خلال المشاورات، على بقاء الرئيس هادي، لمدة لا تتجاوز 90 يوما، ويكون بلا صلاحيات، ومن ثم تشكيل مجلس انتقالي رئاسي، يشارك فيه الجميع، هو من يتولى إدارة مرحلة انتقالية قد تصل إلى عامين حتى موعد انتخابات جديدة”.
ووفقا للمصدر، “لن يقبل الوفد الحكومي بذلك، وسيطالب باستمرار الرئيس في منصبه خلال المرحلة الانتقالية كاملة حتى إجراء انتخابات رئاسية واختيار رئيس جديد للبلاد”.
ويقول محللون إن المسار الذي يتخذه ولد الشيخ في التعامل مع الأزمة اليمنية والمفاوضات برقابة دولية لإيجاد حلّ لها، لا يختلف كثيرا عن المسار الذي اتبعه المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر والذي انتهى إلى فشل ذريع لأن بن عمر كان قد تساهل كثيرا مع خروقات الحوثيين الذين ذهبوا الى حد اسقاط السلطة الشرعية ونقض كل الاتفاقات التي وقعت معهم برعايته (بنعمر) رغم اجحافها في حق خصومهم السياسيين وفي حق أغلبية كبيرة من اليمنيين.
وذكر ولد الشيخ أنه قدّم أمس الثلاثاء إحاطة لمجلس الأمن تطرق خلالها الى أبرز مستجدات الملف اليمني، مشيرا خلال إفادته إلى “إجماع الطرفين (الحكومة من جهة والحوثيين وصالح من جهة أخرى) على ضرورة التوصل إلى حل سلمي ينهي النزاع في اليمن”.
وتحدث ولد الشيخ أيضا في إفادته عن “إطلاق سراح مجموعات كبيرة من الأسرى والمعتقلين والأطفال خلال الأسابيع الماضية، إضافة الى إفساح (اتفاق) وقف الأعمال القتالية، المجال للمنظمات الانسانية لإيصال المساعدات إلى مناطق لم تكن تصل إليها من قبل”، بحسب البيان.
تحركات روتينية
ولفت ولد الشيخ إلى أنه تناول أمام مجلس الأمن “الوضع الأمني والخروقات المقلقة التي شهدها وقف الأعمال القتالية”، لافتا إلى وجود “عدة مبادرات (لم يحدد طبيعتها) تعمل عليها الأمم المتحدة مع المجتمع الدولي بهدف تفعيل جهود لجنة التنسيق ولجان التهدئة المحلية”.
وقال المبعوث الأممي “الحالة الإنسانية في اليمن صعبة جدا وتقارير المنظمات والجمعيات تحذر من كارثة إنسانية اذا لم يتم تدارك الوضع”.
وحث الأطراف اليمنية على ضرورة “إيجاد حلول عملية وآليات سريعة وفعالة تحد من تدهور الاقتصاد الذي يؤثر بدوره على تراجع الوضع المعيشي لليمنيين”.
وأشار ولد الشيخ في بيانه، إلى أنه تقدم لمجلس الأمن “بمقترح لخارطة طريق تتضمن تصورا عمليا لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي”، منوها إلى أن هذا التصور يتطرق إلى “إجراء الترتيبات الأمنية التي ينص عليها القرار 2216 (صادر عام 2015) وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني”.
وقال ولد الشيخ “وفقا لخارطة الطريق فإن حكومة الوحدة الوطنية ستكون مسؤولة عن إعداد حوار سياسي بشأن الخطوات المتبقية للتوصل إلي حل سياسي شامل يتضمن القانون الانتخابي وتفويض المؤسسات التي ستشرف على الفترة الانتقالية وإكمال مسودة الدستور”.
وينص قرار 2216 على خمس نقاط تتمثل في انسحاب الحوثيين وقوات صالح من المدن التي سيطروا عليها منذ الربع الأخير لعام 2014، بينها العاصمة صنعاء وتسليم الأسلحة الثقيلة واستعادة مؤسسات الدولة ومعالجة ملف المحتجزين السياسيين والمختطفين والأسرى، والبحث في خطوات استئناف العملية السياسية.
وفي ذات السياق ذكر المبعوث الأممي، أنه عقد مجموعة لقاءات مع كلّ من وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، و نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، تمحورت حول “التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية في اليمن وتصور الأمم المتحدة للمرحلة المقبلة”.
ومنذ دخوله حيّز التنفيذ في 10 إبريل/نيسان، تعرض قرار وقف إطلاق النار لسلسلة خروقات في محافظات مختلفة، فيما تبادل طرفا الصراع الاتهامات حول المتسبب فيها.
وسيطر الحوثيون خلال الهدنة المفترضة، على “قاعدة العمالقة العسكرية” في محافظة عمران شمالي صنعاء مطلع أيار/مايو، كما تقدموا جنوبا في محافظة لحج بالسيطرة على مواقع استراتيجية في بلدة “القبيطة”.
وفي الشأن ذاته، قال مصدر محلي إن مسلحي الحوثي وقوات صالح حققوا تقدما جديدا ليل الثلاثاء في مناطق” الصبيحة” التابعة لمحافظة لحج، وسيطروا على سلاسل جبلية.
وتعرضت أرتال الحوثيين وتحركاتهم العسكرية في المناطق المذكورة، لقصف جوي من مقاتلات التحالف العربي، الذي أعلن يوم العاشر من ابريل ترحيبه بالهدنة الإنسانية، وتصديه لأي خروقات سيقوم بها الحوثيون وقوات صالح.
ويواصل التحالف العربي بقيادة السعودية منذ 26 مارس/آذار 2015، قصف مواقع تابعة لجماعة الحوثي، وقوات موالية للرئيس السابق، ضمن عملية أسماها “عاصفة الحزم” استجابة لطلب الرئيس عبدربه منصور هادي، بالتدخل عسكريا لـ”حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية”، قبل أن يعقبها في 21 أبريل/نيسان من العام ذاته، بعملية أخرى أطلق عليها اسم “إعادة الأمل”، قال إن من أهدافها شقا سياسيا يتعلق باستئناف العملية السياسية في البلاد، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين، وعدم تمكينهم من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية.
ومنذ انطلاقتها في 21 أبريل/نيسان، لم تخترق مشاروات السلام بين طرفي الصراع اليمني، المقامة في الكويت، جدار الأزمة، ولم تقدم سوى إنجازا يتيما تمثل في الاتفاق على تشكيل ثلاث لجان أمنية وسياسية وإنسانية، أوكل إليها مناقشة النقاط الخمس المنبثقة عن القرار2216.
اضف تعليق