الرئيسية » تقارير ودراسات » 5 خطوات لتقليص واردات الصين من النفط الإيراني
تقارير ودراسات رئيسى

5 خطوات لتقليص واردات الصين من النفط الإيراني

مع عودة عقوبات “السناب باك” الأممية إلى حيز التنفيذ، يجد النظام في طهران نفسه أكثر عزلة وتحت ضغط متزايد. فالإجراءات أعادت فرض معيار “صفر تخصيب”، وفرضت من جديد قيودًا على نقل الأسلحة، والمعاملات المالية، والاستثمارات في قطاع الطاقة. أما على جبهة الحرب المالية، فالسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت إدارة ترامب ستنجح في دفع الصين إلى خفض وارداتها النفطية من إيران.

لم تتوقف صادرات طهران من الخام حتى في ظل العقوبات، وحتى في ذروة حملة “الضغط الأقصى” الأميركية. وتشير البيانات إلى أن طهران صدّرت في المتوسط 1.8 مليون برميل يوميًا منذ بداية عام 2025، معظمها إلى الصين عبر التخفيضات السعرية، والشحنات المموّهة، واستخدام أسطول ظلّ متقادم. ما لم يتركز تطبيق العقوبات على نقاط الاختناق في النقل البحري، وتكرير النفط، والتسوية المالية، فإن العقوبات المُجددة تخاطر بأن تكون رمزية أكثر منها جوهرية.

العقوبات تغيّر السلوك فقط عندما تفرض تكاليف كافية على اللاعبين الرئيسيين والبنية التحتية المرتبطة بالتجارة المستهدفة. وقد أتقن النظام في طهران فن الالتفاف على العقوبات. فالقوانين لا تُجدي ما دامت الناقلات تُبحر، والمصافي تُعالج النفط، والبنوك تُصفّي العوائد. إطار العقوبات الذي لا يستهدف هذه العقد سيترك إيرادات طهران إلى حد كبير بلا مساس.

الخطوات المطلوبة واضحة وعملية ومرتكزة إلى الصلاحيات القائمة، ويجب أن تُنفّذ بتسلسل يضاعف من أثرها:

  • يجب أن يكون غطاء التأمين والحماية (P&I) مشروطًا بوثائق مُتحقق منها، تشمل تتبع نظام AIS بشكل متواصل، وفواتير شحن موثقة، وسجلات موانئ واضحة. أي ناقلة لا تلتزم بهذه المعايير يجب أن تفقد الاعتراف من مجموعة الأندية الدولية (IG) للتأمين البحري، وهي الجهة الوحيدة التي يعترف بها على نطاق واسع في الموانئ الكبرى والمصافي العالمية. البدائل غير المنضوية تحت IG مثل التأمينات الإقليمية أو الحكومية لا تعمل إلا حيث تسمح الموانئ بذلك، كما ظهر في سماح الهند المحدود لشركات تأمين روسية في وقت سابق من العام.

  • يوضح هذا السّبق أن جوهر التطبيق ليس إصدار التأمين ذاته، بل استعداد الموانئ والمصافي للاعتراف به. العقوبات الفعالة تتطلب إذًا ثلاثة إجراءات مترابطة: انسحاب أندية IG من تغطية السفن المخادعة، منع الموانئ دخول السفن غير المؤمّنة، ورفض المصافي تفريغ الشحنات بلا شهادات مسؤولية صادرة عن IG. التطبيق الصارم لهذه القواعد سيقلّص حجم الأسطول القابل للاستخدام، ويرفع كلفة العمليات، ويجبر إيران على تقديم خصومات أعمق لتصريف شحناتها.

  • يتكوّن أسطول الظل في الغالب من سفن عمرها يزيد على عشرين عامًا، وغالبًا ما يُعاد تسجيلها أو تغيير تصنيفها. وبموجب الاتفاقيات البحرية الدولية، تستطيع سلطات الموانئ احتجاز مثل هذه السفن بذريعة السلامة. إعطاء الأولوية للتفتيش على الناقلات المرتبطة بإيران سيؤدي إلى تسريع وتيرة الاحتجازات، وسحب التصنيفات، ودفع تلك السفن إلى الخردة، ما يقلل من القدرة التشغيلية تدريجيًا من دون الحاجة إلى تفويضات جديدة.

  • عندما استُهدِف أحد الموانئ الصينية (هاييه دونغجياكو) في وقت سابق من هذا العام، حُوِّلت الشحنات إلى موانئ قريبة مثل هوانغداو، مما أدى إلى تأخيرات وزيادة الخصومات على النفط الإيراني. وتشير تقارير إضافية إلى أن العقوبات المباشرة على مصفاتي نفط في شاندونغ دفعت المجموعة المشغلة للموانئ إلى رفض شحناتهما، ما أجبر الناقلات على التحول إلى مرافق أصغر. إن مأسسة هذا النهج وتوسيعه عبر قائمة متجددة من الموانئ والمصافي المرتبطة مرارًا بشحنات مخادعة، سيقيّد المنافذ ويرفع التكاليف، مع ضمان دقة التنفيذ وتقليل الأضرار على التدفقات المشروعة.

  • على الصعيد المالي، يقوم النظام في طهران بتمرير العوائد عبر شبكات من الشركات الوهمية ومكاتب الصرافة. الإدراجات وحدها لا تكفي لملاحقة هذه الشبكات. لكن يمكن لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) وشبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) إصدار نشرات دورية تحدد الكيانات والأنماط، ما يمكّن البنوك العالمية من قطع تعاملاتها بسرعة. هذا يجبر طهران على الاعتماد على قنوات أكثر خطورة وأعلى تكلفة.

  • كما يعتمد النظام على شبكة من الموثوقين لإدارة شركات الواجهة التي تنقل النفط وتغسل الأموال. لذا، يجب أن تستهدف العقوبات ليس فقط تلك الشركات، بل أيضًا أعضاء مجالس إدارتها والمديرين التنفيذيين والمساهمين الرئيسيين، بهدف تقليص قاعدة الكفاءات المتاحة أمام طهران لإدارة عملياتها المالية غير المشروعة.

مجتمعة، تستغل هذه التدابير نقاط الضعف الهيكلية في تجارة النفط الإيرانية. فمتطلبات التأمين والموانئ تقلص حجم الأسطول القابل للاستخدام، ومحاسبة الموانئ والمصافي تضيق قاعدة المشترين، والشفافية المالية تُسرّع خروج الوسطاء. وإذا نُفّذت بتسلسل مدروس، سترتفع التكاليف وتنخفض العوائد الصافية حتى إن استمرت بعض الكميات في التدفق.

يمكن تتبع النتائج بمؤشرات قابلة للقياس ضمن جداول زمنية محددة. فخلال أشهر من التطبيق الصارم، يُفترض أن تنخفض الصادرات إلى متوسط 800 ألف برميل يوميًا كما كان في حملة “الضغط الأقصى”، وأن تتسع الخصومات على الخام الإيراني. كما يجب أن يتزايد عدد الناقلات المحتجزة أو المُجرّدة من أعلامها أو الخارجة من الخدمة ربعًا بعد ربع. ويجب أن ينخفض throughput (التدفق) في الموانئ والمصافي المستهدفة بشكل ملحوظ. هذه المقاييس تمنح صناع القرار لوحة متابعة موضوعية لتقييم ما إذا كانت الضغوط تقضم من عوائد طهران.

العقوبات “السناب باك” تُنشئ إطارًا قانونيًا، لكنها لا تخلق بالضرورة أدوات ضغط. وقد تعلّم النظام الإيراني أن المظاهر يمكن أن تحلّ محل الضغوط عندما يُهمل التنفيذ. فإذا اكتفت الحكومات بالإعلانات، ستواصل إيران تسويق صادراتها وتمويل أنشطتها الإقليمية. أما إذا طُبّق مبدأ التنفيذ بشكل متسق، فإن إيرادات النظام ستتقلص. الفرق بين الرمزية والجوهرية سيحدد ما إذا كانت عقوبات “السناب باك” ستسهم فعلًا في الضغط الاستراتيجي أم ستتحول إلى مجرد تمرين في الخطابة السياسية.

المصدر:ناشيونال انترست – آيدين بناهيالدكتور سعيد قاسمي نجاد