تضع الأزمة السورية الأميركان والروس في فوهة بركان على وشك الانفجار، فرغم التفاهم بينهما، فيما يخص التنسيق على أرض الواقع السوري إلا أن الصدام سيقع لامحالة ،خلال مرحلة اقتسام الغنائم ،والفصل بين القوى المتنازعة سياسيا ، فما هو مسار العلاقات بين القوتين العظميين في ظل الكثير من الملفات الشائكة .
عقد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره الولايات المتحدة والمجلس الروسى للشئون الدولية آخر اجتماع فى سلسلة من اجتماعات الخبراء حول العلاقات الأميركية الروسية فى اكتوبر 2017 فى موسكو.
وكان المزاج قاتما: فقد اتفق المشاركون في مجموعة النقاش على أن الحالة الراهنة للعلاقات الثنائية بين أميركا وروسيا مأساوية ومعرضة لخطر الانحدار أكثر من ذلك.
وفي روسيا، ذكر ممثلو ذلك البلد أن الحكمة التقليدية ترى أن الخلافات بين البلدين مستعصية على الحل، حيث ترى الولايات المتحدة أن أزمة أوكرانيا تسببت في تراجع العلاقات،و يرى الروس أن ذلك نتيجة لعدم ضمان أمن روسيا بشكل أفضل ،في السنوات التي انقضت منذ نهاية الحرب الباردة.
وتشعر موسكو على نحو متزايد، بأن السياسة الخارجية لإدارة ترامب مشابهة إلى حد كبير لإدارة أوباما، خاصة عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا وسوريا، على الرغم من أن العديد من المتخصصين الأميركيين يرون أن سياسة ترامب حاليا غير متوقعة ولا تزال تتطور.
وفي الوقت نفسه، لا يزال انعدام الثقة الروسية في الولايات المتحدة متناميا،وهذا يستدل عليه من الحملة الروسية الواسعة النطاق للتأثير على السياسة الداخلية الأميركية من خلال مجموعة واسعة من الوسائل.
وهناك مسائل أخرى،تربط بين القوتين العظميين، بما في ذلك حل الصراع المستمر في سوريا، والتهديدات التي يشكلها التطرف العنيف، وتحديد الأسلحة، وقدرة البلدين على الاستجابة لاحتياجات الرعاية الصحية الخاصة بهما ،والتنسيق من أجل الصحة العالمية، و في سياق العلاقات الثنائية، يمكن تحديد سبل التعاون في هذه المجالات، والواقع أن بعضها يجري حاليا.
وعلى الرغم من الخلافات المستمرة، فيما يتعلق بمعاهدة القوة النووية ، اتفق المشاركون عموما على ضرورة المحافظة على المعاهدة، لأن عدم القيام بذلك يمكن أن يقوض عملية تحديد الأسلحة النووية على نطاق أوسع.
وبينما أثار البعض أسئلة بشأن التزام الولايات المتحدة بتحديد الأسلحة النووية في المستقبل، رأى الأعضاء الجالسون على طاولة الحديث أنه ينبغي تمديد معاهدة “ستارت” الجديدة والاتفاقات المقبلة لزيادة الحد من القدرات النووية التي يتم السعي إليها.
وعلى الرغم من الخلافات الجوهرية بين واشنطن وموسكو، تمكنت الدولتان من تنسيق تقاسم المعلومات لأنهما اضطرا إلى ذلك،وخاصة بالنسبة لطبيعة الحل في سوريا،أو بالنسبة لمشكلة “داعش”، و مشكلة الإرهاب.
وكشفت تقارير استخباراتية غربية أن نهاية الحرب المباشرة في سورية قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل في روسيا ،وفي أماكن أخرى من أوروبا وفي أفريقيا، حيث يغادر المقاتلون الشرق الأوسط عائدين إلى بلادهم مشكلين خلايا جديدة، وقنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، حيث يدرك الروس جيدا أن المقاتلين الاسلاميين تتوجه أنظارهم لمهاجمتهم في عقر دارهم.
ومع ذلك، تظهر التجربة السورية أن روسيا والولايات المتحدة يمكن أن تنسقا الكثير من الأمور، وهذا يوفر شيئا للبناء عليه في المستقبل، وخاصة ،من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة السورية،حيث إن التفاهم الأميركي الروسي يبشر بتحقيق الاستقرار السوري في المستقبل، ولكن يجب على روسيا والولايات المتحدة، اللذان ستبقيان فاعلين هامين، الوصول إلى عدد من المسائل الرئيسية، لا سيما الأدوار المختلفة ل (إيران والأكراد السوريين والإسلاميين) في مستقبل سوريا وإيران.
واتفق المشاركون على أنه، كما هو الحال بالنسبة لتحديد الأسلحة النووية، يمكن أن يقوم فريق عمل من المسارين المعروفين بسوريا على تحديد وتعيين المفاهيم الأساسية الأولى للحدود، والمناطق، وبعد ذلك استنتاج ما يمكن عمله في سوريا على نطاق أوسع.
والسؤال هنا ، ما هي الآثار المحتملة، والأدوار التي يمكن أن تلعبها الولايات المتحدة وروسيا، على الساحة السورية، بعد انتهاء الحرب، وهل سيكون حل التقسيم مطروحا ،وتحت أى بند سيتم ؟
وقد كشفت مصادر مطلعة أن توسيع آليات (التقسيم) الثنائية الحالية تشمل حدود مناطق تخفيف التصعيد، وتحديد أدوار الأطراف المتصارعة على نحو أفضل.
ومن المفيد أيضا وضع قواعد سلوك لتمكين وقف إطلاق النار الدائم إلى حين معالجة المسائل السياسية الطويلة الأجل.
وبالمثل، فإن التبادل الرسمي للمعلومات المتعلقة بالمقاتلين الأجانب (بما في ذلك أهمية روسيا وآسيا الوسطى والقوقاز) قد يكون ممكنا ويخدم المصالح المتبادلة بين الأميركان والروس.
واتفق المشاركون على أنه من غير المحتمل أن تظهر روسيا والولايات المتحدة كشريكين وثيقين: فالبلدين يتطلعان إلى ردع واحتواء بعضهما البعض، وخاصة بالنسبة للتهديدات في سياسات وإجراءات بعضهما البعض، وهذا يجعل المشاركة والتضامن، وكذلك التنسيق في المجالات التي تحتاجان إليها، أكثر أهمية.
اضف تعليق