الرئيسية » رئيسى » حتى لايضيع لبنان ..متى ينحاز الجيش لجموع الشعب ؟
الرأي تقارير ودراسات رئيسى

حتى لايضيع لبنان ..متى ينحاز الجيش لجموع الشعب ؟

خالد ابو ظهر
خالد ابو ظهر

كان انتشار كوفيد-19 فى لبنان بمثابة البوصلة أو جهار الاستشعار الذى   كشف عن الكيفية التي تدار بها الدولة وموطن القوة الحقيقي وسط كل أكاذيب  السلطة وما تروج له   ,فقد اتضح مع بداية  الأزمة أن سلطات المطار لم تكن مستعدة للعمل عندما يتعلق الأمر بالمسافرين القادمين من إيران,. ومع ان تلك المعلومات ليست  جديدة  , بيد أنها ربما تكون مجرد محاولة للتذكير والتدليل  المستمر على أن المالك الحقيقي لمطار رفيق الحريري ليس الدولة اللبنانية  بل الملالي الإيرانيين عبر  حزب الله .  إذ أن الدولة اللبنانية ليست سوى مستأجر. فعلى الرغم من مطالبة الناس بالتزامن مع  زيادة عدد الحالات ، بفرض  حالة الطوارئ وبالتالي منح الجيش المزيد من السلطة لحماية الشعب ,  إلا أن  القرار لم يتخذ حتى الآن لمجرد أن حسن نصر الله يرفضه . وأعقب ذلك شكاوى من الإهمال  بوزارة الصحة التي يسيطر عليها حزب الله مباشرة.

ولعل في  رفض رئيس الوزراء والرئيس إعلان حالة الطوارئ  ما يبرهن على  أن حزب الله يتملكه شعوراً بعدم الارتياح  إزاء تولي الجيش مسؤوليات أكبر ذات سيادة , بل ربما يكون أقل راحة من سيطرة الجيش على الشوارع ومراقبة الحركة . حيث تعتقد الميليشيا المسلحة أن هذا الأمر حكر عليها ويقع ضمن  دائرة اختصاصاتها .لاشك أن هذا الوضع  يسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين حزب الله والجيش اللبناني. إذ ثمة تفاهم ضمني واضح  داخل قيادة الجيش على الالتزام برؤية حزب الله الاستراتيجية ومصالحه.

 

تلك هي الحقيقة المؤلمة ,  إذ ثمة ظلال من الشك , تتابين حوله  الآراء تتعلق  بعملية صناعة القرار داخل المؤسسة العسكرية اللبنانية  وهل تتم  تحت ضغوط  حزب الله أم أن الجيش يتمتع بعض الاستقلالية ؟ مما لا شك فيه أن حزب الله لديه عناصر و رجال  داخل الجيش بما يكفي لمعرفة ومراقبة العديد من الجوانب.  ومع ذلك ، من الواضح أيضًا أن هناك إرادة ذاتية في صفوف المؤسسة العسكرية  لإبقائها مستقلة قدر المستطاع و التي ربما  تكون بقايا ضمير وروح هذه  الأمة تعيش داخل تلك الجهة ذات السيادة و قد تكون مجرد وهم أو خدعة.. الوقت وحده كفيل بكشف ذلك .

وقد اثار هذا الغموض أيضًا جدلاً  واسعاً في واشنطن  حول ما إذا كان ينبغي منح المساعدة العسكرية للجيش اللبناني. فمنذ عام 2006 ، تلقى الجيش اللبناني 1.6 مليار دولار أمريكي من الولايات المتحدة. ولا يبدو أن هذه المساعدة تُمنح بهدف مواجهة حزب الله أو من أجل النفوذ السياسي ولكن من أجل دعم لبنان كدولة وتلافى احتمالات أن يتحول إلى  دولة فاشلة حيث يمكن أن تتطور الجماعات الإرهابية الأخرى.

 

لم يسبق للجيش الانخراط في مواجهة مباشرة مع حزب الله بغية الحفاظ على وحدته.  إذ دائمًا ما يختار موقفًا محايدًا أو يفضل الانسحاب عندما تتصادم مصالحهما على الأرض, حتى خلال الاحتجاجات الأخيرة ، لم يجرؤ  على الدخول إلى المناطق الواقعة  تحت سيطرة حزب الله . وانصب جل تركيزه على حفظ النظام في مناطق أخرى من البلاد وترك للحزب التعامل في نقاط نفوذه  . تم تطبيق نفس القواعد عندما غزا حزب الله بيروت في مايو 2008 ، ولم يتحرك الجيش لمواجهة قوات الميليشيا.

وقد برزت خلال تلك الأحداث قدرات حزب الله  فى سرعة الانتشار والتخطيط الكامل للاستحواذ  بداية مواكب الدراجات النارية  التي تحاكي قوات الباسيج بالحرس الثورى  وتستخدم لقمع الاحتجاجات في إيران , وصولاً إلى أنواع من القوات أكثر  عدداَ وتنوعاَ انتشرت وسيطرت على المناطق الرئيسية. إذ  لم يتم التخطيط لهذه الإجراءات بين عشية وضحاها ، فقد كانت ولا تزال خططًا معدة ومدروسة جيدًا توضح نوايا الحزب ورؤيته للبلاد. كما لا يزال جنبلاط والحريري يدفعان الثمن السياسي لخطئهما المميت بتهديد حزب الله بجرأة من خلال إغلاق شبكة اتصالاته وإقالة مدير أمن مطار بيروت في ذلك الوقت ومن ثم الفشل ,بعد ذلك  في الأمر برمته . بالنسبة لحزب الله ، الشوارع هي المفتاح ، وهي أيضًا جزء من مركزه العصبي وأحد اسباب سيطرته . لهذا  لن تسمح الميليشيات لأي تشكيل آخر أو متظاهرين أو الجيش باكتساب هذه الميزة التكتيكية وهذا هو السبب جزئياً في معارضة حالة الطوارئ.

حتى اليوم ، لا يزال قطاع الأغلبية ينظر إلى الجيش على أنه خط الدفاع الأخير ضد كوفيد-19  والمؤسسة الوحيدة التي يمكنها فرض إصلاح شامل للنظام السياسي. سيواجه لبنان ، بغض النظر عن صفقة صندوق النقد الدولي ، مخاطر أكبر لعدم الاستقرار والاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات العنيفة التي سيوجه معظمها بشكل متزايد ضد حزب الله النظام الحقيقي.وسيتعرض الجيش اللبناني لضغوط شديدة لتنفيذ مطالب حزب الله وبالتالي لا يمكنه تبنى موقف محايد يترتب عليه مساعدة حزب الله على القمع. بل على العكس تمامًا ، يتعين عليه الانحياز الكامل للشعب   .

لقد حان الوقت لكى تستجيب المؤسسة العسكرية  لدعوات اللبنانيين . وينبغي  أن يعلم الجيش أيضًا أن الشعب يرفض محاولات  حزب الله المستمرة لتقويض إنجازاتهم عبر الترويج المتواصل لسردية كونه الحامي الوحيد الحقيقي للبنان. ومما زاد الطين بلة أن هذا الوكيل الإيراني الممول يتهم أي صوت يرفع ضدهم بالخيانة.

ومع ذلك ، لن يعيش اللبنانيون بعد ذلك تحت طائلة هذا  التهديد المستمر الذي قد يؤدي إلى انهيار الدولة وجيشها على أسس طائفية. فحزب الله ميليشيا مسلحة ينتهك وجودها بوضوح قرارات مجلس الأمن الدولي ويغتصب شرعية وسيادة الدولة. والشعب يريد أمة حقيقية ذات مؤسسات قوية وستقف جموعه مع جيشهم لتحقيق ذلك. لاسيما  أنه القوة الوحيدة القادرة على إبقاء البلاد متحدة وهو أقوى مما يؤكده الكثيرون. ربما يكون هذا  مجرد حلم ، لكنني اخترت أن أصدق ذلك وكلي يقين بأن العديد من أبناء الجيش يحلمون بذلك أيضًا.

الرابط الأصلى للمقال : https://www.arabnews.com/node/1650616