استمرت المعارك الضارية في حلب، أمس، بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين، متسببة بمزيد من الأضرار الكبيرة في الأسواق القديمة التاريخية للمدينة. وبالتزامن سقط اكثر من 100 قتيل في أعمال عنف متفرقة حيث تسببت غارات جوية على إدلب بمجزرة أطفال، في وقت كانت الأحياء الجنوبية من دمشق تشهد اشتباكات عنيفة وسط حملة مداهمات واعتقالات واسعة شنتها القوات النظامية التي وزعت مناشير "كذب" في ضواحي العاصمة تدعو الأهالي إلى المغادرة، بينما قتل 18 جنديا نظاميا على الأقل، وجرح أكثر من 30 آخرين في كمين نصبه لهم مقاتلو المعارضة في حمص.
يأتي ذلك بينما تدفع السلطات التركية والأردنية- كل على حدة- بتعزيزات إضافية إلى حدودهما المشتركة مع سوريا.
ويأتي ذلك غداة مقتل نحو 170 شخصا، أغلبيتهم من المدنيين، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
ويصعب التأكد من حصيلة القتلى من مصدر مستقل، كما يتعذر التحقق من الوقائع الميدانية بسبب الوضع الأمني والقيود الحكومية المفروضة على تحركات الإعلاميين.
الأسواق القديمة محور المعارك
ففي حلب، المحور، ذكر مراسلون ان اشتباكات بالاسلحة الرشاشة وقعت بين مقاتلين معارضين متحصنين داخل أحد أقسام السوق المقابلة لقلعة حلب التاريخية، وجنود نظاميين موجودين خارجه.
وتحولت أجزاء كبيرة من سوق حلب المغطاة الى رماد، وهي اكبر سوق من نوعها في العالم، ومدرجة في قائمة التراث الانساني لليونسكو، حيث يعود تاريخها إلى القرن 14 مع استمرار القتال بين القوات الحكومية السورية وقوات المعارضة للسيطرة على المدينة.
وقال نشطاء ان النار انتشرت بسرعة، بينما يرجع في جانب منه إلى ان كثيرا من المتاجر التي تقع تحت اقواس السوق الاثرية كانت مملوءة بالاقمشة، مضيفين ان الحريق أتى حتى الآن على 1500 متجر ومازال مستعرا.
وعبر بعض النشطاء المعارضين للحكومة عن غضبهم على مقاتلي المعارضة، لاتخاذهم مواقع في المدينة القديمة. وقال ناشط رفض نشر اسمه "كلنا نعرف انه نظام مجرم وسيفعل اي شيء. لهذا لم يكن للمقاتلين شأن بالسوق. لماذا ذهبوا إلى هناك؟"
لكن نشطاء آخرين دافعوا عن سلوك مقاتلي المعارضة. وقال أحدهم "انتشرت النار حتى الجامع الاموي، وكان المقاتلون هم من تمكنوا من منع انتشارها ابعد من ذلك. لكل من يسألون عن سبب وجود المقاتلين في المدينة القديمة، نقول انهم لم يدخلوها إلا لتحريرها".
وأكد محافظ حلب وحيد عقاد أن "الحرائق المفتعلة في سوق المدينة هي بسبب محاولة من قبل العناصر الإرهابية المسلحة إعاقة تقدم الجيش العربي السوري والتغطية على عمليات النهب والسرقة التي تعرضت لها المحال في هذه الأسواق".
ووفق التجار، لا وجود للقوات النظامية داخل الأسواق، لكنها تقوم باطلاق النار من حواجزها العسكرية خارجها كحيي العقبة والعواميد التاريخيين، وحتى بالقرب من الجامع الاموي.
من جهة أخرى شهدت مناطق مختلفة في حلب اشتباكات، لا سيما في حيي الصاخور (شرق) وصلاح الدين (جنوب شرق)، بينما تعرض مبنى المحافظة للقصف بقذيفة من قبل مقاتلي الكتائب الثائرة المقاتلة، الأمر الذي خلق حالة ذعر للموظفين، وأخرجوا من المبنى وقطع الرابط بين ساحة سعد الله الجابري (وسط) والقصر البلدي.
مجزرة أطفال
من جهة اخرى، قتل 21 شخصا، بينهم ثمانية أطفال دون سن الـ18، في غارة شنتها طائرة حربية على بلدة سلقين في ريف ادلب. وتلا الغارة اشتباكات خاضتها القوات النظامية مع مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في محيط البلدة.
وبث ناشطون شريطا مصورا على موقع يوتيوب، يظهر رجلا يبكي وينتحب امام شاحنة صغيرة وضعت في صندوقها جثث متفحمة وأطراف بعضها مقطعة. وسمع الرجل، وهو يصرخ "يا الله ابني مات، يا محمد، يا الله"، قبل ان يغطي وجهه بيده ويتكئ الى حائط.
كما عرض شريط آخر جثث ثلاثة أطفال مضرجين بالدماء، وممدة على قطعة قماش بيضاء في غرفة. من جهته نقل التلفزيون الرسمي تعليقا على قصف سلقين ان "الجهات المختصة تدمر عددا من السيارات المزودة برشاشات دوشكا، وتقضي على مجموعة ارهابية مسلحة كانت تعتدي على المواطنين في مدينة سلقين بريف ادلب".
دمشق وضواحيها
إلى ذلك، قال ناشطون ومقيمون إن القوات النظامية قصفت الاحياء الشرقية لدمشق، واشتبكت مع مقاتلي المعارضة في الأحياء الجنوبية.
وأبلغ السكان عن سماع أصوات قذائف المدفعية الثقيلة. وقالوا إن العاصمة اهتزت نتيجة لعدة انفجارات مدوية، ربما كانت نيران المدفعية. وقال مقيم في حي العدوي (وسط) إن "الانفجارات بدت وكأنها زلازل".
وقال المرصد السوري ان قوات الاسد تستهدف المناطق الريفية حول أحياء الزمالكة وعين ترمة على المشارف الشرقية لدمشق، والتي تمثل معاقل للمعارضة. وأضاف أن هجوم الجيش أمس جاء بعد ان منيت قوات الاسد بخسائر فادحة في المنطقة (الأحد) عندما تعرضت عدة نقاط تفتيش عسكرية للهجوم. كما سقط عشرات القتلى والجرحى في في قصف للقوات النظامية على مناطق في محافظتي درعا وحمص.
مقتل 18 جنديا
من جهة اخرى، قتل 18 جنديا نظاميا سوريا على الأقل وجرح اكثر من ثلاثين آخرين في كمين للمقاتلين المعارضين في محافظة حمص (وسط)، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
وأوضح المرصد ان هؤلاء سقطوا "اثر تفجير عبوات ناسفة وكمين لقافلة للقوات النظامية تضم حافلات وشاحنات وسيارات على طريق حمص تدمر".
اشتباكات في مسقط رأس الأسد
إلى ذلك، كشفت مصادر سورية, أمس, عن وقوع اشتباكات بالأسلحة اثر خلافات بين كبرى العائلات في مدينة القرداحة مسقط رأس الرئيس بشار الأسد, على خلفية نقاش بشأن الأوضاع السياسية.
وذكرت المصادر في تصريح لوكالة أنباء "الأناضول" التركية, أن أشخاصاً من عائلة الخير (التي ينتمي لها المعارض السوري البارز والمعتقل لدى النظام عبد العزيز الخير) وعائلة عثمان وعبود كانوا يتناقشون في أحد مقاهي المدينة بوجود أشخاص من عائلة الأسد وشاليش منتقدين الرئيس بشار الأسد وربطه مصير طائفته بمصيره, خاصة بعد سقوط أعداد كبيرة من القتلى في العمليات العسكرية الهادفة لقمع الثورة ضده.
وأشارت إلى أن أحد الشبيحة المعروفين ويدعى محمد الأسد بادر إلى إشهار سلاحه بوجههم وتهديدهم بقنبلة يدوية, لكنه تعرض لإطلاق نار أسفر عن
إصابته بجروح خطيرة.
وكتب الدكتور أحمد زيدان على صفحته في موقع "فيسبوك" للتواصل الإجتماعي أن اشتباكات بين عائلات الخير وعبود وآخرين من جهة وعائلتي الأسد وشاليش من جهة ثانية في القرداحة وقعت بعد سماع عبارة "ليرحل الأسد" تلفظ بها أحد المعارضين.
الأسد وحيداً بعد رحيل شقيقته
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس، أن رحيل بشرى الأسد شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات يؤكد استمرار سيناريو عزلة الأسد، سواء نتيجة موجة الانشقاقات من جانب كبار المسؤولين وحتى ابتعاد أفراد العائلة المقربين عنه، مما يؤكد أن الأسد أضحى وحيدا في سوريا.
علم الثورة قرب الرئاسة السورية
ورسم ناشطون علم الثورة السورية على جدران حديقة "النيربين" الواقعة في منطقة المهاجرين في دمشق، على بعد مئات الأمتار فقط من القصر الرئاسي السوري. وبث ناشطون صورا تظهر الرسومات في الحديقة.
وتعد منطقة المهاجرين من أكثر مناطق العاصمة السورية التي تشهد أنشطة معارضة سلمية، مثل قطع الطرقات وتوزيع المنشورات والتظاهرات السلمية والتحريض الإعلامي ضد السلطات وغيرها.
اعتقال رئيس اتحاد الكتاب العرب
وقال ناشطون إن قوات الأمن السورية اعتقلت الأديب والروائي ورئيس اتحاد الكتاب العرب محمد رشيد الرويلي، أمس، في ديرالزور.
وكانت قوات الأمن السورية أعدمت أواخر الشهر الماضي الكاتب السوري إبراهيم الخريط واثنين من أبنائه ميدانيا في دير الزور أيضا.
اللاجئون في تركيا 100 ألف
لجأ حوالي مائة ألف سوري فرّوا من الحرب الأهلية الدائرة في بلادهم الى مخيمات في تركيا، على ما اعلنت أمس السلطات التركية، التي تطالب منذ اسابيع بمساعدة المجتمع الدولي لمواصلة استقبالهم. وتشير الاعداد الرسمية الى لجوء 93 ألفا و576 شخصا بالاجمال، في 13 مخيما توزعت على عدة محافظات في جنوب شرق تركيا متاخمة لسوريا، على ما افادت مديرية الاحوال الطارئة التابعة لمكتب رئيس الوزراء. ومن بين اللاجئين تم نقل 578 جريحا الى عدد من المؤسسات الصحية التركية، بحسب المديرية.









اضف تعليق