استيقظ المصريون أمس على خبر أليم ذكرهم بمذبحة "بحر البقر" التى وقعت عام 1970، حيث شهدت محافظة أسيوط, أمس, حادثاً مروعاً قتل فيه 49 طفلاً في اصطدام بين حافلتهم وقطار في جنوب مصر.
وعقب الحادث قدم وزير النقل محمد رشاد المتيني ورئيس مصلحة السكك الحديد استقالتيهما.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة ياسر علي أن الرئيس محمد مرسي قبل استقالة وزير النقل, في حين شكلت الرئاسة خلية عمل لمتابعة الحادث وتقديم الدعم لأسر الضحايا.
وقال محافظ أسيوط يحيى كشك, إن الحادث أسفر عن مقتل 49 طفلاً, وإصابة ثلاثة عشر آخرون, مضيفاً أن "فريقاً من 45 طبيباً وصل إلى مكان الحادث لمعالجة الأطفال المصابين".
وأشار إلى أن التقاطع "المزلقان" كان مفتوحاً عندما اصطدم القطار بالحافلة, فيما كان ملاحظ التقاطع نائما وتم احتجازه. ولفت إلى صرف تعويضات لأسر الضحايا على وجه السرعة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية وهيئة "معونة الشتاء".
وذكرت الشرطة أن الحافلة التي كانت تقل 60 طفلاً في رحلة تنظمها مدرستهم تعرضت لحادث الاصطدام عند تقاطع طرق في منفلوط (356 كيلومتراً جنوب القاهرة), مشيرة إلى أن أعمارهم تتراوح بين 4 و6 سنوات, باستثناء امرأة ورجل كانا بين الضحايا .
وأضافت أن الحادث أسفر عن وفاة سائق الحافلة علي حسين علي, موضحة أن الحادث وقع بعد اصطدام حافلة مدرسية بالقطار الآتي من أسيوط باتجاه المنيا, عند عبورها لتقاطع السكة الحديد بقرية المندرة بدائرة مركز منفلوط.
وقال مصدر إن الحافلة كانت تقل تلاميذ بمعهد نور الإسلام الأزهري بقرية بني عدي وأن قطاراً للركاب دهسها لدى سيرها فوق تقاطع للسكة الحديد, مضيفاً أن القطار دفع الحافلة نحو ثلاثة كيلومترات, ما تسبب في مقتل التلاميذ ومعلمة كانت ترافقهم وسائق الحافلة.
وأوضح أن المعاينة المبدئية أثبتت أن عامل التقاطع (نقطة عبور السيارات والمشاة على شريط السكة الحديد) غلب عليه النوم وترك التقاطع مفتوحاً.
وأفاد شهود عيان في مكان الحادث عن مشاهد "مرعبة" ناجمة عن جثث الأطفال المتناثرة على الأرض والغارقة في دمائها قبل نقلها إلى مستشفى منفلوط, مؤكدين أن تقاطع السكة الحديد كان مفتوحاً عندما عبرت الحافلة واصطدم القطار بها.
وقال الطبيب محمد سمير في مستشفى أسيوط, إن جثث كثير من القتلى بها تشوهات شديدة ما يشير إلى قوة التصادم, في حين أفاد سائق يدعى أحمد يوسف أنه رأى القطار يتصادم مع الحافلة ويدفعها لمسافة كيلومتر على القضبان.
وأظهرت صور الحافلة وقد قسمت إلى نصفين بسبب قوة التصادم, في حين لطخت بقع الدماء مقدمة القاطرة فيما تناثرت الحقائب والكتب المدرسية في مسرح الحادث.
وانتقل فريق من النيابة العامة بإشراف النائب العام المستشار عبد المجيد محمود إلى المستشفيات لسؤال المصابين من الأطفال والوقوف على أسباب الحادث, كما أمرت النيابة العامة بإرسال أشلاء الأطفال التي عثر عليها داخل الحافلة إلى الطب الشرعي وإجراء التحاليل للتعرف عليها.
ونظم أهالي القتلى احتجاجاً في مكان الحادث, وسط جهود للتهدئة من قبل المسؤولين بأن القضية ستخضع للتحقيق وأنهم سيحصلون على تعويضات.
وكلف مرسي رئيس الوزراء هشام قنديل ووزراء التعليم والصحة والداخلية والدفاع بالتوجه إلى مدينة منفلوط لمعاينة موقع الحادث والإشراف على التحقيقات وسرعة الانتهاء منها ومحاسبة المسؤولين عن وقوع الكارثة.
وللطرق والسكك الحديدية في مصر سجل سيئ في مجال السلامة ويشكو مصريون من عجز الحكومات المتعاقبة عن تعزيز اجراءات السلامة في قطاع النقل, ما أدى الى سلسلة من الحوادث التي سقط فيها عدد كبير من القتلى.
الجدير بالذكر أن "مذبحة البقر" قتل فيها 30 طفلا وأصيب 50، ويفوق عدد ضحايا حادث أسيوط ضحايا مذبحة بحر البقر، حيث ماتوا بيد الإهمال المتكرر وتجاهل حكومة قنديل لمطالب عمال القطاعات العريضة فى وزارة النقل من ضرورة إعادة هيكلة الوزارة، واقتلاع بؤر الفساد والإهمال منها لتفادى مصائب تعرض حياة المصريين كل يوم للموت.
لا شك أن ضحايا حادث أسيوط مسؤولية إهمال الحكومة، دون أن يكون لهم القدرة على مواجهة الأزمات وحلها، ووضع خطط لإعادة هيكلة القطاعات التى عفا عليها الدهر بسبب الفساد والإهمال.
وحوادث القطارات المتتابعة هي نتاج لفشل الإدارة وانعدام الصيانة والتدريب، والمأساة تتكرر دون التعلم من الأخطاء.











اضف تعليق