أدركت سلطنة عمان مبكرا أهمية التخطيط الاستراتيجي كوسيلة فعالة لتنمية الموارد البشرية وتطويرها والارتقاء بخصائصها وتحسين كفاءتها المهنية والإنتاجية، باعتبارها الركيزة الأساسية في تنمية المجتمعات، والتي تنعكس بدورها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين مستوى أداء العمل، وتمكينها لتكون هي المحرك الأساسي للتنمية والركيزة الأساسية التي تؤدي إلى تحقيق رؤية عمان 2040.
فعملت بجد على تطوير نظام التعليم والتدريب المهني ليوائم سوق العمل واحتياجاته وتحقيق رؤيته المستقبلية، من خلال بناء معايير تعليمية ترسم توجها واضحا يقرن التدريب باحتياجات سوق العمل، ورفع جودة أدائه ومقاربة مخرجاته مع متطلبات سوق العمل الحالي والمستقبلي وتحسين مستوى الكفاءات والمهارات العمالية ،بالإضافة إلى تحقيق أهداف التدريب المهني الاستراتيجية، و تطوير المسارات والمجالات والتخصصات التدريبية المهنية المختلفة والتي تتواكب مع التنافسية العالمية ومتطلبات دعم اقتصاد المعرفة وأهداف التنمية المستدامة.
ويعد التعليم والتدريب المهني في السلطنة إحدى الركائز الأساسية في تنمية الاقتصاد ورفد سوق العمل العُماني بالاحتياجات من الأيدي العاملة الوطنية المدربة والمؤهلة بالمعارف والمهارات وفق المواصفات والمقاييس الدولية وبما يتناسب مع متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل العُماني.
كما اطلقت مشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، بهدف تعزيز إمكانيات أبناء الوطن وفتح آفاق رحبة تساهم في تجويد العمل وتحقيق تعليم شامل ومستدام، وبحث علمي يحقق مجتمعا معرفيا وقدرات وطنية منافسة، وتأسيس نظام وطني موحد لتنمية وتطوير كفاءات وطنية ذات قدرات ومهارات ديناميكية منافسة محليا وعالميا ،وحوكمة الجهود المختلفة للجهات التي تقدم البرامج المتعلقة ببناء الكفاءات والقدرات الوطنية، والمواكبة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل ،وتعزيز رأس المال البشري من ذوي القدرات والكفاءات والمهارات لرفد الاقتصاد الوطني ،وتأسيس بنية معلوماتية شاملة تضم جميع فئات الموهوبين والقدرات الوطنية الحالية والمهارات والقدرات الوطنية المستقبلية المطلوبة وفقا لأهداف رؤية عمان 2040،والعمل على تأسيس معايير وآليات واضحة للمسارات المهنية والقيادية، وتعزيز مؤشر التنافسية العالمي لسلطنة عمان والخاص بتنمية القدرات والمهارات الوطنية ومواكبة الثورات الصناعية المستقبلية.
وسعيا منها لبناء قدرات وكفاءات رقمية، أطلقت سلطنة عمان المبادرة الوطنية للكفاءات الرقمية (مكين) في سبتمبر 2022م بوصفها جزءا من مبادرات البرنامج التنفيذي للصناعة الرقمية في البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي، وهي مبادرة تعنى بتأهيل الشباب العماني بالمهارات الرقمية الحديثة الأكثر طلباً في سوق العمل. كما تسعى المبادرة إلى توفير فرص مولدة للدخل للشباب العماني في القطاع الرقمي بحلول 2025م.
وتعمل (مكين) بالشراكة مع مجموعة من المؤسسات التعليمية والتدريبية المحلية والدولية الرائدة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتقوم المبادرة بالتعاون مع الشركات والمؤسسات الرائدة في القطاع بتأهيل 10 آلاف عماني بالمهارات الرقمية بحلول 2025م، وهو ما سيسهم في رفد سوق العمل بكفاءات وطنية تتناسب مع التجدد المتسارع في بيئة الأعمال والحاجة المتزايدة للكفاءات التقنية.
كما أطلقت البرنامج الوطني لتطوير القيادات واستشراف المستقبل بهدف تطوير المهارات القيادية لدى شاغلي مختلف وظائف الإدارات الوسطى بوحدات الجهاز الإداري للدولة بما يواءم مع رؤية عُمان 2040، وإعدادهم لمواجهة التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وقد صُمّم البرنامج بطريقة تضمن إحداث تغيير جذري ودائم في أسلوب التفكير والمهارات القيادية لدى المشاركين.
وبفضل هذه الجهود التي بذلتها سلطنة عمان، بالإضافة الى ما تتمتع به من توفر بيئة استثمارية مستقرة، ونسبة تضخم منخفضة، وسياسة مالية تستهدف تفادي الوقوع في اتساع رقعة الائتمان والديون، وتحرير الاقتصاد، وسوق العمل وإعادة هيكلتهما، أصبحت سلطنة عمان تعتبر اليوم مكانًا جاذبًا للشركات الراغبة في العمل مع قوى عاملة ماهرة وتعد نموذجًا رائدًا في تطوير التعليم والتدريب المهني وتحسين مستوى الكفاءات والمهارات العمالية
اضف تعليق