الرئيسية » أرشيف » حول إنشاء نقابة لضباط الشرطة.. تحــالف الأعـــداء !
أرشيف

حول إنشاء نقابة لضباط الشرطة..
تحــالف الأعـــداء !

لم يلق اللواء محمد إبراهيم انتقادات حقوقية منذ توليه وزارة الداخلية مثل تلك التي انهالت عليه منذ إصداره قراراً بإحالة الضابطين المقدم: محمد نبيل عمر.. والرائد: أشرف البنا إلي المحاكمة التأديبية، حيث نص القرار علي أن الضابطين خالفا تعليمات الوزير ولم يجمدا نشاط الائتلاف العام لضباط الشرطة، بالإضافة إلي مشاركتهما في تأسيس النقابة العامة لضباط الشرطة، وقرر الوزير تحديد أولي جلسات المحاكمة يوم 8 إبربل «نيسان» المقبل.

تصالح الخصوم
ويبدو أن العلاقة بين المجتمع المدني وزارة الداخلية تدخل الآن إلي مرحلة جديدة  لم نعتدها من قبل، فبعد أن كان التصادم سيد الموقف بين الجانبين، أصبح أحد الطرفين ويعد الأكثر قدرة علي التسويق لموقفه إعلامياً وهو المجتمع المدني يتحدث عن حقوق فئة من رجال الشرطة وهم الضباط مؤسسي النقابة العامة للشرطة، والذين يواجهون حرباً شرسة من الداخلية.
وكما عودنا المجتمع المدني علي التجهيز جيداً لأي حرب يخوضها مستخدماً كل الأساليب التي تحدث ضجيجاً مثل المظاهرات وهيئات الدفاع القانونية التي تقف في المحاكم لمساندة قضاياهم.
وبالفعل أكد أحد المصادر المدنية أن المجتمع الحقوقي يسعي حالياً إلي حشد جهوده وتنظيمها لمساندة الضابطين وتقديم جميع أشكال الدعم القانوني والحقوقي لهما، وتكوين فريق دفاع من محامي المنظمات الحقوقية لحضور جلسات المحاكمة برفقة الضابطين، بالإضافة إلي تنظيم تظاهرات من النشطاء الحقوقيين خارج جلسات المحاكمة لتوصيل رسالة والتنديد بقرار وزير الداخلية الذي يحاول منع الضباط من ممارسة حقوقهم في إنشاء نقابة تعبر عنهم، خاصة أن قانون الشرطة ينص علي أن «الشرطة هيئة مدنية نظامية»، وبما أنها هيئة غير عسكرية فلا يحظر علي العاملين بها إنشاء نقابة لهم.. مشيراً إلي أن الأمر لن يتوقف عند الدفاع عن الضابطين بل سيمتد إلي مقاضاة وزير الداخلية..
وأرجعت بعض القيادات الحقوقية التغيير في الموقف وشكل العلاقة بين المجتمع المدني بشأن رؤيته لضباط الشرطة ووزارة الداخلية إلي موقف الحقوقيين بشكل عام من الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، والتي هي الشاغل الأول والأخير لهم.

المجتمع الحقوقي
فمن جانبه قال القيادي الحقوقي البارز «جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: «نستنكر بشدة قرار وزير الداخلية، وأن المجتمع الحقوقى له موقف واضح وهو رفض المحاكمات الاستئنائية سواء كانت عسكرية أو تأديبية، وأن إحالة الضابطين إلى المحاكمة التأديبية تمثل انتهاكا لأبسط حقوق الإنسان ، من حيث الحق فى تأسيس نقابة للدفاع عن رجال الشرطة ولحقهما فى المحاكمة أمام قاضيهما الطبيعى».
وأكد أنه يجرى حاليا التنسيق بين المنظمات الحقوقية وتشكيل هيئة دفاع عن الضابطين.. مشيراً إلى أن إحالة الضابطين تمثل انتهاكا للمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والتى وقعت عليها مصر، وهو ما ينذر بعقوبة قد توقع على الحكومة المصرية.
ثم قال إن المجتمع الحقوقى اعترض على اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية منذ بداية توليه الوزارة، فهو الذى شهد أحداث مجلس الوزراء ومذبحة بورسعيد، وبعد كل هذه المذابح ماذا ننتظر منه.. مشيرا إلى أنه أصبح جليا أن الوزارة تحارب كل مظاهر الثورة حتى التى تثور بداخلها، وهو ما لن يمر مرور الكرام.
ولم يختلف موقف بهى الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن سابقيه، حيث استنكر بشدة قرار وزير الداخلية، لكنه لم يبد استغرابه منه، حيث أكد أن القرار خطوة منسجمة مع عدم القيام بأى عملية إصلاح أمنى منذ الثورة حتى الآن، وبالتالى فإن الوزير ينظر إلى نقابة الشرطة على أنها جريمة يجب أن يعاقب الساعون إلى تأسيسها.

الإصلاح
وطالب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وزير الداخلية بأن يبادر هو بتقديم مقترح بقانون يقنن وضع هذه النقابة لأنها منظومة من إصلاح الجهاز الأمنى، بدلاً من أن يتخذ إجراء تعسفياً ضد ضباطه.. مشيراً إلى أن أهم أدوات الإصلاح الأمنى هو تمكين ضباط وأمناء الشرطة من أن يكون لهم نقابة خاصة مشكلة بشكل ديمقراطى وحر دون أى وصاية من المسئولين فى الحكومة.
ولم يبد الطرف الثانى وهو الضابطان المحالان إلى المحاكمة التأديبية أى رد فعل على موقف المجتمع المدنى الداعم لهما ولقضيتهما بكل السبل المتاحة سوى توجيه الشكر، حيث قال المقدم محمد نبيل عمر الضابط بمصلحة أمن الموانىء والأمين العام للنقابة العامة لضباط الشرطة «تحت التأسيس» فى رده على سؤال بشأن تفسيره لدعم المجتمع المدنى لقضيتهما قال «يسأل فى ذلك الداعم وليس المدعوم».
وهنا قال إن جهوداً حثيثة تُبذل للدفاع عن حق ضباط الشرطة فى أن تكون لهم نقابتهم المستقلة، وذلك من منطلق أن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن غير المنطقى أن يطلب المجتمع من الضباط احترام حقوق المواطنين، فى حين أن الضابط نفسه لا يجد من يدافع عن حقوقه الأساسية.. مشيرا إلى أن ضباط الشرطة، هم كغيرهم من فئات الشعب الذين دفعوا ثمن السياسات الخاطئة للقيادات الكبيرة فى النظام البائد.
وأضاف: «إذا كانت الدعوات لا تتوقف عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، فإن ذلك لابد وأن يكون على أسس علمية وسيكولوجية صحيحة، خاصة فى ظل معاناة كثير من أفراد الشرطة من الصورة المشوهة التى تكونت عنهم بصفة جماعية، بينما الواقع يؤكد أن الوزارة كانت كغيرها من مؤسسات الدولة التى كانت خاضعة لسيطرة النظام السابق، الذي تولى وأد جميع المحاولات المخلصة لتطوير عمل الوزارة، خصوصا فيما يتعلق بالتعامل مع المواطن فى الشارع المصري.
وأشار إلى أن وجود نقابة مستقلة لضباط الشرطة يفتح الباب أمام عملية إعادة هيكلة الوزارة وتطويرها، خاصة من حيث إعادة الثقة للعنصر البشري، وهو الأهم فى أي كيان أو مؤسسة، وكذلك من خلال استحداث إدارة للتنمية البشرية، بما يصب فى اتجاه إعادة النظر فى عمليات التقييم والمتابعة، والمعايير التى على أساسها يجري ترقية الضباط إلى الرتب الأعلي، بحيث تكون الكفاءة والقدرة على القيادة ومراعاة الأسلوب الحضاري فى التعامل مع المواطن، على رأس هذه المعايير.
وأبدى تعجبه من رفض قيادات وزارة الداخلية تشكيل تلك النقابة، على الرغم من أنها ليست بدعة، بل هى أساس للعمل الشرَطي، فى عديد من دول العالم العربي، قبل الغربي، مشيرا إلى أن النقابات الشرَطية ليست نهاية المطاف، بل إن هناك أيضا ما يسمي برابطة ضباط الشرطة العالمية، وهي تضم رؤساء تلك النقابات على مستوى دول العالم.
ويبدو أن ما أعلنته القيادات الحقوقية أربك حسابات وزير الداخلية الذى ما لم يلبث أن يسد ثغرة فى وزارته حتى تظهر له ثغرات أخرى ، فبعد أحداث مجلس الوزراء تلتها مذبحة بورسعيد، ثم إعلان بعض الضباط إطلاق لحاهم، وأخيراً النقابة العامة للشرطة، بالإضافة إلى سقوط شهداء ومصابين من رجاله أبناء الشرطة بين الحين والآخر، حيث كلف إدارة شئون الضباط باستدعاء  المقدم محمد نبيل عمر الذى يوصف داخل الوزارة بأنه «العقل المدبر» فى الائتلاف العام لضباط الشرطة ثم النقابة العامة لضباط الشرطة ، والتقى "عمر" بمساعد وزير الداخلية لشؤون الضباط والذى أكد له أن الوزير يطالبه وزملاءه تحت ما يسمى باسم «نقابة الشرطة» بتوجيه جهودهم إلى نادى الشرطة، وصرفهم عن تأسيس النقابة، وهو ما رفضه الضابط، أنه حق للضباط ولن يتراجعوا عن المطالبة به والمضى فى تنفيذه مهما كلفهم الأمر.

نقلاً عن الطبعة الورقية