استعادت ميادين مصر أمس حشودها، وزحف ملايين المصريين إلى مختلف الميادين الرئيسة في القاهرة ومدن المحافظات لإحياء الذكرى الأولى للثورة، التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك، مجددين مطالبهم بتسليم المجلس العسكري السلطة فوراً للمدنيين، والبدء في محاكمات حقيقية وعادلة لقتلة الشهداء، وتحقيق مطالب الثورة بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
ودعت حركات شبابية عدة من بينها حركة "6 ابريل" إلى تنظيم تظاهرات غداً أطلقت عليها "جمعة الغضب الثانية"، فيما أعلن الإسلاميون أنهم سيغادرون الميدان بعد المشاركة في إحياء ذكرى الثورة.
وفيما تباينت الشعارات والهتافات التي رددها آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير أمس، تركزت معظم الشعارات على المطالبة بـ"القصاص" من قتلة الثوار، وإنهاء الحكم العسكري، فقد رفع بعض المتظاهرين صورة ضخمة تحمل صور الرئيس السابق، ووزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، بالإضافة إلى المشير حسين طنطاوي، وقد التف حبل المشنقة حول رقابهم، وكتب تحتها عبارة "حكم الشعب".
وربما تعكس هذه الصورة رغبة عدد من متظاهري ميدان التحرير بتقديم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ إعلان تنحي الرئيس "المخلوع" عن السلطة، في 11 فبراير/ شباط الماضي، إلى المحاكمة هو الآخر، إلى جانب مبارك والعادلي.
كما تشير الصورة إلى حالة "الغضب" التي تنتاب العديد من أهالي ضحايا الثورة تجاه المشير، الذي أنكر في شهادته أمام محكمة جنايات القاهرة، التي يمثل أمامها مبارك ونجليه، إضافة إلى العادلي و6 من كبار مساعديه، أن يكون الرئيس السابق قد أصدر أي أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين.
انقسام في الميادين
وخرج أمس عدة ملايين لكنهم لم يكونوا على قلب رجل واحد بسبب الانقسامات حول المدى الزمني لتسليم السلطة، حيث تطالب الحركات الثورية بتسليم السلطة فورا للمدنيين وخفض السقف الزمني لتسليم السلطة بما لا يتعدى شهر مارس المقبل بفتح باب الترشيح فورا لانتخابات الرئاسة وعدم الانتظار لحين انتهاء انتخابات مجلس الشورى ووضع الدستور، في الوقت الذي تؤيد فيه التيارات الإسلامية، المستفيدة من الوضع الحالي بعد فوزها بالأغلبية البرلمانية، الالتزام بالخطة الزمنية التي وضعها المجلس العسكري وتسليم الحكم بنهاية يونيو المقبل.
هذا الانقسام ظهر أمس في الميادين الرئيسية.. ففي ميدان التحرير تم نصب 8 منصات رئيسية تنوعت حسب كل تيار، حيث حرص الإخوان على إنشاء منصة خاصة بهم للسماح لقياداتهم بالحديث وقام المئات من شباب الجماعة بحماية المنصة بعد أن حاول بعض الشباب المنتمين لحركات سياسية منع إقامتها، وأمام مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية لم يختلف الوضع كثيراً عن القاهرة، حيث تجمع عدة آلاف من المواطنين ما بين الاصرار على مطالب الثورة التي لم تكتمل بعد، وبين الاحتفال بمرور عام على الثورة دون اغفال حقوق الشهداء والمصابين.
فيما اختلف الوضع تماماً في ميدان الاربعين بالسويس، حيث التفت جميع التيارات تحت شعار القصاص من قتلة المتظاهرين، خاصة أن السويس كانت أول مدينة يسقط منها شهداء العام الماضي.
الانقسام في المشهد العام ظهر خلال الشعارات التي أطلقها أنصار الفريقين، فالإسلاميون حرصوا على ترديد شعارات "ثوار احرار هنكمل المشوار" وعدم انتقاد المجلس العسكري، فيما قام شباب الثورة بترديد شعار "ارحل ارحل يا مشير" و"يسقط يسقط حكم العسكر"، وقاموا برفع صور للمشير ومبارك وحبل المشنقة حول رقبتيهما متهمين الإخوان بخيانة الثورة والتحالف مع العسكر.
اعتصام في التحرير
وتعهد عشرات المتظاهرين الشباب بالاعتصام في ميدان التحرير حتى يسلم المجلس العسكري الحاكم السلطة للمدنيين.
وغلب ارتفاع المعنويات على المحتشدين في ذكرى ثورة 25 يناير كانون الثاني الذين وحدهم الكفاح ضد مبارك وحكمه الذي استمر 30 عاما لكن حدث انقسام بين نشطاء يطالبون بانهاء الحكم العسكري فورا واولئك الذين يحتفلون بعدما حققوا مكاسب انتخابية كبيرة في أول انتخابات حرة منذ 60 عاما.
ومحاولة توسيع نطاق الاحتجاج الذي كان يأمل المجلس العسكري أن يقتصر على احتفال أمس تزيد من احتمالات اندلاع اعمال عنف.
وانتهت سلسلة من الاعتصامات في الاشهر الاخيرة بمواجهات مع قوات الامن وخلفت عشرات القتلى.
وقال علاء عبد الفتاح المدون الذي احتجزه الجيش بعد اشتباكات امام مبنى الاذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) خلفت 25 قتيلا في أكتوبر تشرين الاول "سيكون هناك اعتصام حتى يرحلوا بأي وسيلة لكن يجب ان يرحلوا."
وكان عبد الفتاح يتحدث خارج مبنى ماسبيرو بوسط القاهرة حيث تجمع مئات المتظاهرين بعد خروجهم من ميدان التحرير.
وقال عبد الفتاح وهو نشط بارز "كان يوما عظيما والمسيرات ضخمة… الخلافات في الميدان طبيعية. تنافسنا بعضنا مع بعض في مراحل مختلفة لكن لا يهم."
مرشحو الرئاسة في التحرير
وشارك في مليونيات الأمس جميع المرشحين المحتملين للرئاسة، وفى مقدمهم عمرو موسى وحمدين صباحي، كما شارك الأمين العام للجامعة العربية، د . نبيل العربي، فيما خرج الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن في وقت سابق انسحابه من السباق الرئاسي، في مسيرة حاشدة انطلقت من ميدان الجيزة باتجاه ميدان التحرير.
وأصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي أمراً بالإفراج عن نحو 3 آلاف سجين، بمناسبة مرور عام على ثورة 25 يناير التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك.
وألمح المجلس العسكري إلى "حقائق كثيرة"، سوف يعلن عنها في "الوقت المناسب"، تكشف عن الدور الكبير الذي لعبه الجيش في حماية ثورة الخامس والعشرين من يناير، و"تجعل الشعب المصري يزداد فخراً بأبنائه في القوات المسلحة".
ووجه رئيس الوزراء د. كمال الجنزورى كلمة إلى الأمة في المناسبة، ثمن فيها الدور الكبير الذى لعبه شهداء الثورة في تغيير مصر، مؤكداً ضرورة تحقيق مطالب الثورة بتقديم المتورطين من قتلة الشهداء إلى القضاء.
اضف تعليق