خطاب نصر الله الأخير لم يأت بجديد ..فقد أضحت كلمات الأمين العام لحزب الله كالزبد فوق أمواج الاحتجاجا ت بالشارع اللبنانى .نوع من التكرار الممل لنفس الجمل الدعائية التى لاتخلو من نبرة التعالى .. ,باتت محل سخرية ولم يعد أحد يضيع وقته في الاستماع إليه , فقد تبدلت صورة زعيم حزب الله حين انكشف الغطاء المقدس وسقطت هالة المقاومة واتضح أن جل تركيزه ينصرف إلى تنفيذ الأجندة الملائية
انفصام الخطاب لدى نصر الله والتناقضات بين ثنايا كلماته تبدت بشكل كبير فى خطابه الأخير , فبينما يقف الشعب اللبنانى على حافة الهاوية بفعل الضغوط الاقتصادية والفقر , بدا زعيم الجماعة المسلحة وقد انفصل عن الواقع حين تفاخر بترسانة حزبه الصاروخية والتى لايدرى إلى أين سيوجهها ؟ او على من سيطلق رصاصها؟ .
إذ أن الحقيقة المؤلمة التى لابد من الوقوف بمواجهتها تتمثل فى أنها سلاح حزب الله بات يشكل خطراً على الدولة اللبنانية و أن نصر الله يتصرف وكأنه صاحب الكلمة العليا والآمر الناهى في لبنان وفى ظل امتلاكه للسلاح , مع الإقرار بواقع كون حزب الله القوة الأكثر تنظيماً, فإن الوضع قد يتطور إلى مالايحمد عقباه حال قرر النزول إلى الشارع والدخول على خط الاشتباك الحاصل لأن هذا يعنى أمرين لاثالث لهما إما دفع البلاد إلى دائرة العنف والفوضى ومن ثم الهلاك أو يكون لبنان تابعاً لولاية الفقيه. وأعتقد أن الشارع لن يقبل أن تكون الدولة ضحية لمغامرات حزب الله والملالى .
حالة الاستعصاء اللبنانية تستوجب خلط الأوراق ومن ثم إعادة ترتيبها مجدداً وإذا كنا نتحدث اليوم عن حكومة تكنوقراط وحلول للأزمة الراهنة , بعد أن قفز الحريرى من السفينة الغارقة متبرئاً من كل عيب شاب النظام الذى ترأسه لسنوات منح خلالها نصر الله غطاءاً سياسياً , فإن فرص لبنان للخروج من النفق المظلم تظل شبه معدومة وستبقى الأمور تراوح مكانها تقريباً إذا لم ينصب جل التركيز فيما يخص المطلب الرئيسي الواضح منذ اللحظة الأولى، وهو تغيير بنية النظام واجتتاث جذور الفساد الذى التهم مقدرات الدولة . حيث يعود جزء كبير نسبياً من مستوى الفساد المستشرى في كل من العراق ولبنان إلى التدخلات الإيرانية بالملفات الاقتصادية والتى عادة ما تكون أبرز تداعياتها تهميش الدولة وانحسار سيادتها.
مستجدات الأحداث وتعقيدات المشهد الراهن فى لبنان تتطلب ليس فقط , الذهاب إلى إجراء انتخابات نيبايبة مبكرة بل الاستفتاء على صياغة دستور جديد يتضمن فصلاً كاملاً بين السلطات لاسيما القضاء ,فمن دون وجود رغبة وإرداة حقيقة لترجمة ذلك سياسياً إلى خطوات مدروسة على أرض الواقع سيتعذر علينا بناء دولة المؤسسات التى يتطلع إليها الشعب اللبنانى .
إن الإرادة والقضاء المستقل فضلاً عن جيش لبنانى واحد بعد أن يتم نزع سلاح حزب الله أحد مصادر الفساد يعد أقصر الطرق لاستعادة لبنان المنهوبة , وهو ما لايمكن تحقيقه دون صياغة دستور ينص على الفصل الكامل بين السلطات , لكن المؤسف واقع الأمر أن فى لبنان سلطة واحدة فاعلة هى حزب الله وإيران وهؤلاء عليهم أن يدركوا مالآت الحراك الشعبى ,إذ لم يعد باستطاعتهم الانفراد بالقرار مجدداً أو إعادة التفاوض وفق البنأوراق اللعبة القديمة والتى لن تمتص غضب في الشارع اللبنانى.
معضلة لبنان لايمكن تجاوزها دون الانحياز الكامل لدولة المؤسسات لا التيارات ومن دون ذلك فإن كل الاجراءات والمطالبات بمساعدات خارجية سوف تذهب سدى , لذا ينبغى التشديد على أهمية تشكيل مجلس إنقاذ وطنى والاستفتاء على دستور جديد وفق معطيات الوضع الراهن ,يعيد إلى لبنان سيادته , ومع ذلك فأن فرص تحقيق ذلك تبدو ضئيلة ومحدودة لسبب بسيط وجوهرى هو أن سلاح حزب الله أو ما يعرف اصطلاحاً بسلاح المقاومة ليس موجهاً إلى أى عدو خارجى بل إن فوهة بنادقه ورصاصها على أهبة الاستعداد لتصوب ضد الشعب اللبنانى نفسه
اضف تعليق