وترددت تقارير تفيد بأن المبعوث الأميركي عاموس هوشستين من المتوقع أن يزور لبنان قريباً ويطرح مقترحاً لمنع أي تصعيد إضافي بين حزب الله وإسرائيل، مستوحى من تفاهم نيسان/أبريل عام 1996 الذي أنهى حرب عناقيد الغضب. والحقيقة هي أن هذا الفهم لا يزال حياً، وهو بالضبط ما يبقي الصراع في جنوب لبنان تحت السيطرة. في الواقع، يمكن للمرء أن يقول، إذا لم يكن مكسورًا، فلماذا يتم إصلاحه؟
لبنان كبلد مكسور، بل وممزق، تماماً مثل الوضع الحالي. ولكن تفاهم إبريل/نيسان وقواعد الاشتباك لعام 1996 بين حزب الله وإسرائيل، والتي بدأت أثناء الولاية الأولى لرفيق الحريري كرئيس للوزراء، لا تزال سارية المفعول. واليوم، يؤثر هذا الفهم أيضاً على طريقة سير المناوشات على الأراضي السورية. لذا قد يتساءل المرء: هل هناك خطر في تحول هذه الحرب نحو حرب إقليمية، بحيث تمتد من الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى صراع شامل مثل حرب عام 2006، على سبيل المثال؟
الجواب باختصار هو أن ما يجري على الحدود لن يكون سبباً في هذا التصعيد. والطريقة الوحيدة التي يمكن أن يحدث بها ذلك هي إذا تم انتهاك القواعد التي تم وضعها، وهو ما لن يفعله حزب الله إلا إذا أمرته طهران بذلك. وللتذكير، في العام 2006، لم يلتزم حسن نصر الله بالترتيبات، ودفع لبنان ككل ثمناً باهظاً. ويبدو أن خطاباته الأخيرة، التي قد تكون خادعة، تشير إلى الالتزام الكامل بالقواعد هذه المرة.
وهكذا، إذا نظرنا إلى تفاهم إبريل/نيسان، الذي كان يهدف إلى إنشاء إطار لمنع تصعيد الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان من خلال وضع قواعد الاشتباك، فبوسعنا أن نلاحظ بسهولة أنه لا يزال قائماً. وتضمن الاتفاق بنوداً لوقف الأعمال العدائية، وإجراءات لتعزيز الوضع الأمني على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، واتفاقاً حول نشر مراقبين دوليين من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وغني عن القول أن هذا أدى إلى تمكين حزب الله وزيادة قبضته على الحدود، وكذلك على السياسة اللبنانية.
ومن ثم فإن أي اقتراح جديد بنفس الروح هو ما يمكن أن نسميه ضمادة على جرح ناجم عن رصاصة ومضيعة للوقت الدبلوماسي والموارد والجهد. وأي قرار بالتصعيد لن يتخذ على الحدود. سيتم اتخاذها في طهران. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن الاشتباكات المستمرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل قد أدت إلى وقوع إصابات ونزوح وتوترات. ولكن الحل الحقيقي للسلام والاستقرار في المنطقة يكمن في مكان آخر، والجميع يدركون ذلك جيدا.
إنه موضوع مختلف تمامًا وليس مطروحًا على الطاولة الدبلوماسية العالمية اليوم، لكن ما يمكن أن يصلح لبنان فعليًا ويجلب الاستقرار على المدى الطويل إلى الحدود هو أحد السيناريوهات التي قد تؤدي إلى حرب شاملة. وفي حين أن تفاهم عام 1996 لا يزال قائماً، إلا أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 لم يتم تنفيذه قط. ويدعو هذا القرار، الذي أنهى حرب عام 2006، الأمين العام للأمم المتحدة إلى وضع مقترحات لتنفيذ الأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وكذلك قراري مجلس الأمن رقم 1559 (2004) و1680 (2006). وباختصار، فهو يدعو إلى نزع سلاح كافة الميليشيات المسلحة في لبنان، بما في ذلك حزب الله.
ومن الواضح أن المرء يتفهم الوضع المؤسف في لبنان، لأن تنفيذ هذا القرار هو على وجه التحديد ما قد يؤدي إلى تحول المناوشات الحدودية إلى صراع شامل. لذا فإن الدبلوماسيين الأجانب يضيعون وقتهم في تعديل قواعد الاشتباك القائمة والعملية، في حين يحكمون على لبنان بالبؤس والبقاء منكسراً تحت سيطرة حزب الله.
وبينما نلاحظ تصاعد حدة مناطق الصراع الأخرى بين الولايات المتحدة وإيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا أنهما جميعًا، في الوقت الحالي، يعملان في صوامع منفصلة. بمعنى آخر، تلتزم كل منطقة أو نقطة صراع بقواعد الاشتباك الخاصة بها، سواء كانت بحرية أو برية أو جوية. ومع ذلك، هناك سيناريو قد يدفع فيه تصاعد التوترات في إحدى هذه المناطق طهران إلى الرد من خلال حزب الله.
وهذا أمر غير متوقع حالياً ولكن لا يمكن استبعاده، خاصة عندما نعلم ونفهم أن هذا هو الهدف الرئيسي والوحيد لحزب الله: كونه خط الدفاع الأول والأخير لإيران. ومن الواضح أيضاً أننا، لأننا في عام انتخابي في الولايات المتحدة، هناك خط أحمر لن يتجاوزه أحد ببساطة لأن الجميع يعتقدون أن هذه الانتخابات قد تؤدي إلى نتائج أفضل من صراع كامل. ومع ذلك، فإن الأخطاء – أحيانًا تكون طوعية – تحدث ويمكن أن تتسبب في تصعيد الموقف.
وهكذا، فإننا ندرك بوضوح أن السبب الأقل منطقية لتصاعد الصراع إلى حرب إقليمية هو في الواقع المكان الذي يدور فيه الصراع. وهذا يؤكد مرة أخرى كيف أصبح لبنان متخندقاً ومتورطاً في النظام المعطل الذي يحافظ على الاستقرار، أو ما يشبهه على الأقل. هذه التوازنات التاريخية هي التي جردت البلاد من قدرتها على اتخاذ القرار وأبقت المنطقة في حلقة مفرغة.
ومع ذلك، هناك تطور في الترتيبات الجديدة المقترحة يكشف أن الدبلوماسيين الأجانب، بينما يتلاعبون بالوقت، قرروا أن النظام في سوريا لم يعد لاعباً رئيسياً في هذه اللعبة الحدودية مع إسرائيل. إن تصرفاتهم ومقترحاتهم لإنهاء الصراع تشير إلى ذلك بوضوح. ومع ذلك، فإن الاعتقاد بأن بإمكانهم تجريد دمشق من يدها في لعبة البوكر اللبنانية هو مقامرة كبيرة. لقد ضعف النظام ولم يعد يتمتع بنفس القوة التي كان عليها في عام 1996 أو 2006، لكنه لن يتخلى عن كل أوراقه بسهولة. عدم الاستعداد لذلك قد يكون السبب الأخير لانفجار الصراع.
اضف تعليق