في انتهاك جديد لحرية الرأي والتعبير، استُدعي الباحث والكاتب السياسي مكرم رباح أمام دائرة التحقيق الأمني في الأمن العام، حيث ، استُبقي رباح محتجزاً لحين تسليم هاتفه المحمول، وكان رباح رفض تسليم هاتفه، وهو لم يكن يحمله معه، وفق المعلومات.
اعتقال رباح لساعات جاء على خلفية مقابلة أجراها على موقع “spot shot” منذ أيامٍ، والتي اعترض فيها على “جرّ” لبنان إلى حربٍ مع إسرائيل، معتبرًا أن “حزب الله هو الذي استفز إسرائيل في الثامن من تشرين الأول”، كما تناول في مقابلته بعض التفاصيل حول مناطق لبنانية تعرضت لقصف إسرائيلي “نتيجة توزع مراكز ومخازن تابعة لحزب الله”.
التحقيق المطول استند إلى شبهة تخابر أمنية تبدو غير منطقية تتعلق بالتعامل مع إسرائيل حيث أكد رباح أن الأمن العام تطرق إلى هذه “الشُبهة” ،وحاول اتهامه بها أثناء التحقيقات، وطُلب منه تسليم هاتفه للإطلاع عليه فرفض. وأضاف، أن أسئلة التحقيق تمحورت حول مصدر هذه المعلومات التي ذكرها، ليؤكد رباح أن جميع هذه التفاصيل هي معلومات منشورة في مجموعة من الصُحف وليست جديدة! أما بما يتعلق باتهامه بأن “حزب الله يشتري بضائعه الإلكترونية من شركة “قطرنجي” للإلكترونيات”، فأوضح أن الخزانة الأميركية سبق وأن فرضت عقوبات على هذا المتجر لاتهامه بالتعامل مع حزب الله”.
وتتقاطع تأكيدات رباح بأن قرار “فادي عقيقي” مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتوقيفه وأن ما حصل يثبت أن المحكمة العسكرية أداة للضغط على الناشطين المعارضين لحزب الله”.مع الأوضاع الراهنة فى لبنان , إذ باتت سياسة تكميم الأفواه هى سيدة الموقف بامتياز وتحولت الأجهزة الأمنية إلى “أجهزة بوليسية” لقمع الرأي العام ومنع أي معارض للأحزاب السياسية بالتعبير عن رأيه بحرية. وأن هذه التجاوزات باتت تشكل خطرًا كبيرًا على الحريات في لبنان، وأن السلطة تتورط في قمع الحريات والحد منها.
إذ يشير واقع الحال فى لبنان ، إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُطلب من رباح الحضور إلى جلسات للتحقيق، فسبق وأن استُدعي سابقًا إلى المباحث الجنائية المركزية وأدلى بإفادته على خلفية إخبار قُدم من الأمن العام اللبناني بحقه، بسبب مداخلته خلال ندوة انتقد فيها “الخطاب العنصري” لوزير الخارجية آنذاك جبران باسيل، ووصفه بـ”غوبلز لبنان”، نسبة لوزير الدعاية النازي. كما جرى توقيفه العام 2020 أيضًا عبر الأمن العام اللبناني خلال مغادرته مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وصادر جواز سفره وهاتفه من دون ذكر أي أسباب، وأفرج عنه فيما.
سلسلة الملاحقات الأمنية لاتتوقف عند رباح على سبيل المثال، قال ميشال قنبور، وهو صحفي لبناني ومؤسس صحيفة “ليبانون ديبايت” الإلكترونية، لـ “هيومن رايتس ووتش” إن المسؤولين الحكوميين رفعوا عليه دعاوى قدح وذم حوالي 20 مرة منذ 2015، وأغلبها نتيجة لنشره تقارير عن الفساد وسوء السلوك من قبل المسؤولين. في مارس/آذار 2018، حكمت محكمة المطبوعات غيابيا بحبس قنبور ستة أشهر وتغريمه عشرة ملايين ليرة لبنانية (6,667 دولار أمريكي) لاتهامه مدير عام مؤسسة حكومية بالفساد. قال قنبور: “في 2019، من العار أن يصدر قضاتنا أحكاما بحبس الصحفيين. السبب الوحيد الذي يبرر حبس الصحفي هو التحريض على العنف. الإهانة المفترضة لشخص ما ليست مبررا”.
في قضية أخرى شهيرة، في 10 يناير/كانون الثاني 2018، حكمت المحكمة العسكرية على الصحفية والباحثة اللبنانية حنين غدار غيابيا بالحبس ستة أشهر لانتقادها الجيش اللبناني في تعليقات أدلت بها خلال مؤتمر في واشنطن. على الرغم من أن المحكمة العسكرية أسقطت حكمها ضد غدار وأحالت قضيتها إلى محكمة المطبوعات في 10 أبريل/نيسان 2018، معللة ذلك بعدم اختصاصها، قالت غدار إن الرسالة كانت واضحة: “انتهى زمن حرية التعبير التي تمتعنا بها لفترة، والآن عدنا إلى ما قبل 2005. لكن، بدلا من الجيش السوري، لدينا الدولة اللبنانية”. أقامت النيابة العامة العسكرية دعاوى ضد ما لا يقل عن 17 صحفيا آخر بين أكتوبر/تشرين الأول 2016 وسبتمبر/أيلول 2019.
استجوبت الأجهزة الأمنية أشخاصا آخرين عدة، بمن فيهم المعلق السياسي هاني النصولي، والصحفي أحمد الأيوبي، والناشط محمد عواد، للتعبير عن آرائهم وتحليلاتهم السياسية، والتي اعتبرها بعض اللبنانيين المتنفذين أنها تهيننهم أو تشوه سمعتهم. في قضية أثارت غضبا عاما، اعتقلت قوات الأمن داود مخيبر (80 عاما) بعد يوم من انتشار فيديو له على وسائل التواصل الاجتماعي يحتج فيه على قرار الحكومة بتركيب خطوط كهرباء التوتر العالي فوق بلدته. يظهر مخيبر في الفيديو وهو يستخدم لغة حادة ضد الرئيس ووزيرين – كلهم أعضاء في الحزب نفسه – للتعبير عن غضبه وخيبة أمله من تعدي الحكومة على حقوقه الأساسية.
بصفة عامة يعتمد حزب الله على استخدام نفوذه السياسي والعسكري لقمع أي صوت ينتقده أو ينتقد سياسته. يتم ذلك عادةً من خلال التهديدات، والاعتقالات التعسفية، والتشويه الشخصي للمعارضين.كما يتعرض النشطاء والنقاد السياسيون في لبنان للتهديد بالقتل أو بالاعتقال إذا كانوا ينتقدون حزب الله أو يعارضون سياسته.يضاف إلى ذلك سيطرة حزب الله وحلفاؤه على العديد من وسائل الإعلام في لبنان، مما يجعل من الصعب على الأصوات المناوئة لهم التعبير عن آرائها بحرية.فضلا عن لجانه الإلكترونية والتى تنال من المعارضين .
لكن وسط كل هذا الزخم من الأصوات المعارضة التى انطلقت وتنطلق مع اعتقال رباح ومن يماثله من النشطاء والصحفيين ثم تصمت مجددا ..يبقى السؤال الحائر بلا إجابة ..إلى متى سيستمر هذا الوضع المهترىء فى لبنان ؟
اضف تعليق