أولت سلطنة عمان اهتماما كبيرا بالبيئة وصون التنوع الإحيائي منذ بداية نهضتها نظرا لما حباها الله من تميز واختلاف في بيئتها البرية وتشكيلاتها الجيولوجية، وما تحتويه من فصائل نادرة وكائنات مختلفة في بحارها الشاسعة، وإدراكا منها بدور البيئة الهام في تحقيق أهدافها التنموية. وتشكيل التوازنٍ الطبيعي للمنطقة وحماية للمعالم الطبيعية التي بدأت تدريجيًا في الاندثار، كما عززت من السياحة البيئية.
وتعد سلطنة عمان أول دولة عربية تنشئ وزارة خاصة بالبيئة، لضمان الاستغلال الأمثل لثرواتها الطبيعية؛ ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان التوازن بين الأبعاد البيئية والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما تم التأكيد عليه ضمن أولويات ومحاور رؤية عمان 2040 المرتبطة بمحور البيئة المستدامة ،كما تم تخصيص أول جائزة عربية في عام 1989م ،هي (جائزة السلطان قابوس للحفاظ على البيئة )بمبادرة من السلطان الراحل قابوس بن سعيد وبموافقة وترحيب ورعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ،ويتم منحها على المستوى العالمي في مجال حماية البيئة مرة كل سنتين “لتكريم المساهمات البارزة للأفراد أو مجموعات الأفراد أو المعاهد أو المنظمات”. المتخصصة في إدارة البيئة أو الحفاظ عليها، بما يتوافق مع سياسات اليونسكو وأهدافها وغاياتها.
وانطلاقا من هذه الرؤية البيئية المتوازنة عملت سلطنة عمان على حماية الحياة الفطرية والحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض وذلك من خلال إنشاء محميات طبيعية برية وبحرية، بلغت حتى الآن (30) محمية طبيعية، وذلك بعد إصدار المرسوم السلطاني مؤخرا بإنشاء 3 محميات طبيعية جديدة ، سيتم التركيز عليها في هذا التقرير ، وهي: محمية الجبل الغربي، ومحمية الظاهرة الطبيعية، ومحمية واحة البريمي الطبيعية.
تقع محمية الجبل الغربي الطبيعية في شمال سلطنة عُمان بين محافظتي شمال الباطنة والبريمي، وهي عبارة عن سلسلة جبلية ممتدة يفصلها من الجنوب وادي الجزي ومن الشمال وادي رجمي، وتبلغ مساحتها قرابة 485 كم2.
وتتميز المحمية بتنوع أحيائي واسع، حيث رصد فيها 58 نوعًا نباتيا منها الشوع والعسبق والحبن والهندبوب، و5 أنواع من الثدييات حيث أثبتت الدراسات الميدانية البيئية وجود الوعل العربي (الطهر)، وأنواع متعددة من الزواحف، بالإضافة إلى تسجيل 13 نوعًا من الطيور المهاجرة والمستوطنة منها الحجل الرملي وحمام الجبل.
وأما محمية الظاهرة الطبيعية فتقع في محافظة الظاهرة وتحديدًا ضمن السلسلة الجبلية الممتدة من جنوب وادي الفتح بولاية ينقل وحتى منطقة المازم شمال غرب ولاية عبري، حيث تعتبر منطقة المازم من المواقع الهامة لطائر الحبارى أثناء هجرته في موسم الشتاء، وتبلغ مساحة المحمية أكثر من 860 كم2.وتمتاز المحمية بوجود السلسلة الجبلية التي تقطعها بعض الأودية الرئيسية بالمحافظة والتي تتجه إلى الجنوب الغربي لتصب في صحراء الربع الخالي.
وأثبتت المسوحات الميدانية تسجيل أكثر من 70 نوعًا من النباتات البرية، أبرزها الغاف والراك والسلم والسدر، وأنواع من الثديات الكبيرة فقد رصد الوعل العربي (الطهر) والغزال العربي والوشق والثعلب الجبلي والأرنب البري والقط البري، كما تم تسجيل 17 نوعًا من الطيور البرية، بالإضافة إلى انتشار الضب العُماني بشكل ملحوظ.
وتقع محمية واحة البريمي الطبيعية في 3 محافظات وهي: محافظة البريمي، ومحافظة شمال الباطنة، ومحافظة الظاهرة، وبالتحديد ضمن السلسة الجبلية من شمال الشوعية بولاية عبري بمحافظة الظاهرة تحدها قرية العقير بولاية صحم بمحافظة شمال الباطنة من جهة الشرق وقريتي الخد وخضراء المكاتيم بولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة من جهة الشمال وحتى وادي صاع بولاية البريمي بمحافظة البريمي من الشمال الغربي.
وتضم المحمية أنظمة بيئية مختلفة وتنوعا أحيائيا حيوانيا ونباتيا غنيا، فقد تم تسجيل 80 نوعًا من النباتات، و17 نوعًا من الطيور، ورصد بعض أنواع الزواحف، بالإضافة لرصد الوعل العربي (الطهر) والغزال العربي والوشق والثعلب الجبلي والثعلب الأحمر. كما يطلق السكان المحليون على هذه المنطقة بحصن الوعل نظراً لوعورتها وارتفاعها وتضم في جنباتها مجموعة هامة من الوعل العربي المهدد بشدة لخطر الانقراض.
هذا ويتم العمل في الوقت الحالي على الاصدار النهائي من صياغة المسودة النهائية لاستراتيجية المحميات الطبيعية التي تتضمن اعتماد سلسلة من السياسات الشاملة للمحميات الطبيعية، وذلك بالتنسيق مع شركاء يمثلون مجموعة من القطاعات الحكومية الفاعلة في مجال التنمية.
وتتضمن الاستراتيجية عدة محاور، أهمها السياسات العامة لإنشاء المحميات الطبيعية وكيفية إنشاء المحميات الطبيعية وكيفية إدارة المحميات الطبيعية وكيفية تقييم فاعلية إدارة المحميات الطبيعية وأهم المعلومات الخاصة بالمحميات المعلنة والمقترحة، بالإضافة إلى المؤشرات البيئية التي تخص المحميات والمستهدفات بحسب المذكور في استراتيجية عُمان للبيئة.
اضف تعليق