استأنفت أمس مباحثات بين وفدي التفاوض لدولتي السودان وجنوب السودان بأديس أبابا تحت رعاية آلية الاتحاد الافريقي وذلك في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن نزاع النفط المتصاعد بين البلدين.
وكانت آخر جولة للمفاوضات في نهاية يناير الماضي ولم ينجح الطرفان في التوصل إلى حل بشأن قيمة الرسوم التي يجب أن تدفعها دولة جنوب السودان الحبيسة لضخ النفط شمالا عبر الأراضي السودانية في خط أنابيب ثم تصديره من ميناء بورسودان.
وكان الاتحاد الافريقي قد اقترح أن تقوم دولة جنوب السودان بدفع 5.2 مليارات دولار للسودان جراء فقدان النفط الجنوبي، وذلك على حسب تقديرات البنك الدولي في الفترة بين عامي 2011 الى 2015، على أن يتحمل السودان الباقي من خلال تبني سياسات اقتصادية ودعما من المجتمع الدولي.
غير أن هذا الاقتراح لم يلق قبولا من قبل دولة الجنوب.
وتوقع العديد من المراقبين عدم توصل هذه الجولة المرتقبة إلى حلول بشأن أزمة النفط المتصاعدة خاصة أن أجواء التوتر تتزايد يوما بعد يوم بين طرفي النزاع.
فمن جهة تتبادل دولتا السودان وجنوب السودان الاتهامات بشأن دعم المتمردين الذين يقومون بعملياتهم في المناطق الحدودية بين البلدين وكان آخر هذه الاتهامات ما قام به الجنوب من توجيه اتهام للخرطوم في نهاية يناير الماضي بتسليح المجموعة المهاجمة على ولاية واراب بجنوب السودان والتي تسببت في مقتل عشرات الأشخاص في هجوم قبلي.
ومن جهة أخرى يتهم الجنوب الحكومة السودانية بفرض حصار اقتصادي عليها منذ مايو الماضي مؤكدة أن الحكومة قامت بإغلاق الحدود والتجارة مع الجنوب إلى جانب إغلاقها الشركات التي يملكها مواطنون جنوبيون وقامت بتصفية الأصول المملوكة لجنوبيين في شركات مع السودانيين. كذلك لم يقم السودان بدفع متأخرات وديونا تطالب بها دولة الجنوب إلى جانب عدم دفعها معاشات الموظفين والعمال الجنوبيين في الشمال، وهو ما ساهم في زيادة حدة الأزمة بين الجانبين.
من جهة ثالثة تتهم دولة الجنوب الخرطوم بالتلاعب بأرقام الصادرات اليومية لنفط جوبا قبل الانفصال في يوليو 2011 مؤكدة أنها ستراجع علاقتها مع الشركات العاملة في تنقيب النفط إذا أظهرت التحقيقات أن هذه الشركات تواطأت مع الخرطوم. وردا على ذلك نفت الخرطوم اتهامات جوبا مشيرة إلى أن الحقول كانت تدار بشكل مشترك بين الحكومة السودانية وشركات من جنسيات أخرى وأن مسؤولي الجنوب كانوا شهودا على أرقام الإنتاج التي كانت تقدم لوسائل الإعلام شهريا.
وأكد الجنوبيون أنه لن يتم استئناف العمليات النفطية إلا بعد التوصل إلى اتفاق شامل مع الخرطوم على قضايا أخرى من بينها أمن الحدود ومنطقة أبيي المتنازع عليها، ويكون هذا الاتفاق تحت إشراف المجتمع الدولي، لأن تاريخ علاقات دولتي السودان والجنوب أثبت صعوبة قيام تعاون بينهما.
واستمرارا لأجواء التصعيد بين الجانبين سعت دولة جنوب السودان إلى إجراء مباحثات مع عدة مستثمرين أميركيين وإسرائيليين بهدف إنشاء خط جديد لنقل النفط وتصديره عبر ميناء "لامو" في كينيا وذلك حتى لا يضطر الجنوب إلى نقل إنتاجه النفطي عبر أراضي السودان.
غير أن هذه المباحثات باءت بالفشل للعديد من الأسباب أبرزها التكلفة الباهظة لعمليات الإنشاء بسبب طول المسافة التي سيقطعها خط الانابيب إضافة إلى وعورة المنطقة والانفلات الأمني الذي يشهده شرق أفريقيا فضلا عن طبيعة المنطقة التي تشتهر بكثرة المرتفعات.
اضف تعليق