نفذ مقاتلو المعارضة السورية عملية نوعية مزدوجة ضد الجيش السوري النظامي باستهداف مقر قيادة هيئة الأركان في قلب دمشق، أمس، تزامنت مع تفجير آخر استهدف آمرية الطيران في منطقة أبو رمانة المجاورة، في وقت كانت القوات النظامية تواصل عملياتها العسكرية والأمنية في أنحاء عديدة من البلاد، لاسيما العاصمة حيث نفذت عمليات إعدامات طالت نحو 16 شخصا، وفي درعا حيث اعدم 15 من الجيش الحر، وحلب حيث أسفرت الغارات الجوية والبرية عن سقوط عشرات القتلى، وبانياس حيث نفذت حملة دهم واعتقالات طالت العشرات.
يأتي ذلك غداة مقتل أكثر من 220 شخصا في أعمال عنف وقصف طالت محافظات سورية عدة. وأيضا غداة اجتماعات للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تركزت كلمات كبار المشاركين فيها على تنحي الرئيس السوري بشار الأسد كشرط أساسي وضروري لحل الأزمة السورية التي تزداد دموية يوما بعد يوم منذ 18 شهرا، ما أسفر عن مقتل نحو 30 ألف شخص حتى الآن، غالبيتهم من المدنيين، بحسب آخر إحصائية للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويصعب التأكد من حصيلة القتلى من مصدر مستقل، كما يتعذر التحقق من الوقائع الميدانية بسبب الوضع الأمني والقيود الحكومية المفروضة على تحركات الإعلاميين.
"الأمويين" و"أبو رمانة"
وفي تفاصيل العملية النوعية، أن مقاتلي المعارضة استهدفوا مقر قيادة هيئة الأركان، في ساحة الأمويين في قلب دمشق، بتفجيرين متتاليين، قال مصدر عسكري إنهما نفذا بواسطة سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان. وعلى أثر التفجيرين نجح المقاتلون المعارضون في اقتحام المبنى واحتلاله لعدة ساعات، خاضوا خلالها اشتباكات عنيفة مع عناصر الجيش النظامي وضباطه، الذين اضطروا للاستنجاد بقوة كبيرة من المقرات العسكرية المجاورة ومن ميليشيا الشبيحة قبل أن يتمكنوا من إخراج المقاتلين المعارضين.
وأدت الاشتباكات، التي دارت داخل المجمع وفي ساحاته، الى وقوع اصابات بين الطرفين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي تحدث عن "معلومات (تشير) الى خسائر بشرية بصفوف الطرفين".
وأوضح المرصد أن الاشتباكات "هي الأعنف في العاصمة السورية منذ بدء الثورة"، كما أن التفجيرين هما الأشد في دمشق منذ تبني الجيش الحر تفجيرا أدى الى مقتل أربعة من القادة الأمنيين في 18 يوليو الماضي، بينهم وزير الدفاع داود راجحة والعماد آصف شوكت، صهر الرئيس الأسد.
وأضاف المرصد أن وقوع تفجيرات واشتباكات في مجمع الأركان "يعني أن القيادة العسكرية العليا في سوريا قد تلقت ضربة في الصميم".
ولم ترد أي تقارير رسمية دقيقة عن حدوث خسائر بشرية، وأمكن سماع أعيرة نارية وانفجارات أصغر بعد الانفجارين القويين. كما أمكن سماع صفارات سيارات الإسعاف وهي تهرع للمنطقة التي تم إغلاقها بالكامل ومن جميع الجهات.
استهداف آمرية الطيران
وعلى مقربة من ساحة الأمويين، وتحديدا في منطقة أبو رمانة، انفجرت عبوة ناسفة ضخمة استهدفت مبنى آمرية الطيران، الذي يضم قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي، ما أدى الى نشوب حريق هائل في المبنى وشوهدت أعمدة الدخان من مسافة بعيدة.
"الحر" يعلن مسؤوليته
وأعلن الجيش الحر مسؤوليته عن التفجيرين اللذين استهدفا مقر قيادة الأركان في ساحة الأمويين، وهو أحد أهم مباني القيادة العسكرية السورية في العاصمة والبلاد كلها.
وقال المكتب الإعلامي للمجلس العسكري للجيش الحر في بيان "إن مقاتلي المعارضة استهدفوا مبنى هيئة الأركان في ساحة الأمويين، وإن عشرات قتلوا في التفجيرين".
ومن جهتها، أوردت صفحة "المجلس العسكري في دمشق وريفها" التابع للجيش الحر على موقع فيسبوك، إن "الجيش الحر يضرب مبنى الأركان في دمشق ساحة الأمويين"، في خبر يتعذر التأكد من صحته.
الرواية الرسمية
لكن التلفزيون السوري نقل عن مصدر عسكري مسؤول قوله إن "جميع القادة العسكريين وضباط القياة العامة بخير ولم يصب أي منهم بأذى، وهم يتابعون تنفيذ مهامهم اليومية المعتادة". وإن أربعة حراس قتلوا وأصيب 14 من المدنيين ورجال الأمن.
وأضاف أن التفجيرين "عمل إرهابي جديد نفذته العصابات الإرهابية المسلحة المرتبطة بالخارج عبر تفجير سيارة مفخخة وعبوة ناسفة في محيط مبنى الاركان العامة، ما أدى الى أضرار مادية في المبنى واشتعال النار في بعض جوانبه وإصابة عدد من عناصر الحراسة".
بدوره، قال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن الانفجارين تسببا في "أضرار مادية فقط"، وإن قوات الأمن تتعقب "إرهابيين مسلحين"، وهو التعبير الذي تستخدمه السلطات في وصف المقاتلين الذين يسعون لإطاحة نظام الأسد.
وأضاف الزعبي أن إحدى العبوتين الناسفتين ربما تكون قد زرعت داخل مبنى هيئة الأركان نفسه، مطمئناً الى أن "العسكريين والإعلاميين جميعاً بخير.. وأنه سيتم عرض كل الأمور المتعلقة بالحادث فور انتهاء الأجهزة الأمنية من عملها".
مقتل صحافي
وفي سياق متصل، قتل صحافي في تلفزيون "برس تي في" الإيراني (الناطق بالانكليزية)، وأصيب مدير مكتب قناة العالم الإيرانية (الناطقة بالعربية) برصاص قناص في دمشق، أثناء مواكبتهما الاشتباكات في محيط مبنى الأركان.
وقال تلفزيون "برس تي في" إن "مراسله مايا ناصر قتل برصاص قناص في دمشق"، وإن "مدير مكتب تلفزيون العالم حسين مرتضى أصيب بجروح"، علما بأن الأخير لبناني الجنسية.
مجازر في دمشق وريفها
وفي تطور ميداني آخر، أعدم 16 شخصا على الأقل في حي برزة (شمال دمشق) على يد مسلحين موالين للنظام.
وقال المرصد السوري إن عناصر أمن النظام اقتحمت منازل الضحايا في حارة التركمان فجر الأربعاء واطلقوا النار بشكل عشوائي فقتلوا 16 شخصا، بينهم 6 نساء و3 أطفال. ووصفت الهيئة العامة للثورة السورية ما حدث بـ"مجزرة ارتكبها شبيحة النظام".
وعلى مقربة من مكان المجزرة، وتحديدا في منطقة الذيابية في ريف دمشق، عثر على 50 جثة. بالتزامن، شنت أجهزة المخابرات العسكرية حملة دهم واعتقالات واسعة في مدينة بانياس الساحلية، ما أسفر عن اعتقال نحو 68 شخصا على الأقل، بينهم 25 امرأة و3 أطفال.
تلفيّات بمبنى السفارة المصرية
أعلنت الخارجية المصرية تضرر مبنى سفارتها في دمشق بتلفيات مادية جراء التفجيرين اللذين استهدفا هيئة الأركان العامة في دمشق.
وقال المستشار نزيه النجاري نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية إن الانفجارين لم يستهدفا السفارة المصرية، مشيرا إلى أن "الضغوط المتولدة عن الانفجارين قد أحدثت بعض التلفيات المادية بمبنى السفارة".
اضف تعليق