يخشى المراقبون للأزمة السورية مخاطر حصول تقسيم، وهو ما تم التطرق إليه غالبا منذ بدء الثورة، حيث يرون في ذلك أرضاً خصبة لفوضى مستقبلية على الصعيدين الداخلي والدولي.
وبدأ تقطيع الأراضي مع إقامة مناطق محررة، حيث لم يعد لقوات الرئيس السوري بشار الأسد سلطة عليها.. في حين يتولى نحو 700 ألف شخص، بحسب مصادر فرنسية، من أصل السكان البالغ عددهم 23 مليون نسمة تسيير أمورهم بأنفسهم في هذه المناطق الواقعة في شمال البلاد قرب تركيا، وجنوبا قرب الأردن تحت حماية الجيش الحر. وبالطريقة نفسها، بدأ نحو مليوني كردي يقيمون في مناطق موزعة في سوريا من الشمال وصولا إلى شمال شرق البلاد، تنظيم صفوفهم مع رغبة في تشكيل نواة دولة.
ويرى الأستاذ في جامعة ليون الثانية فابريس بالانش أن «الجيش السوري يتركهم يقومون بذلك. النظام ليست لديه الإمكانات للامساك بهذه المناطق. وهو يعلم من جانب آخر أن الأكراد معارضون بقوة للجيش السوري الحر، وتلك ورقة في يديه».
ويعيش نحو مليون كردي أيضا في دمشق وحلب. وأكد بالانش أن الأقلية الدرزية، 700 ألف نسمة، قد تغريها أيضا فكرة إقامة منطقة حكم ذاتي في الجنوب.
مصدر المخاطر
لكن مخاطر التقسيم مصدرها الأقلية العلوية، التي ينتمي إليها الأسد، التي تشكل نحو 11 في المئة من الشعب، والتي إذا شعرت بأنها وصلت إلى وضع ميؤوس منه يمكن أن تلجأ إلى معقلها في المنطقة الساحلية غربا في جنوب غربي حمص وصولا إلى مرفأ اللاذقية المتوسطي إلى الشمال ونحو حماة.
ويقول بالانش ان «عملية التقسيم ليست واقعا بحد ذاته، لكن إذا سقط نظام الأسد فمن الواضح ان العلويين سيتحصنون في مناطقهم على الساحل، فيما سيأتي قسم من المسيحيين أيضا، وهم 10 في المئة من الشعب، إلى هذه المنطقة».
وأضاف بالانش أنه إذا تولت الغالبية السنية، 74 في المئة من الشعب، السلطة، فإن الروس والإيرانيين سيكتفون بإبقاء العلويين المدعومين من قبلهم في هذا القسم من الساحل السوري، حيث تملك موسكو في طرطوس قاعدتها الوحيدة في الشرق الأوسط. وأردف القول إنه «في حال بدأ التقسيم المفتوح على كل الاحتمالات يظهر، فسيوقظ ذلك رغبات في التقسيم في لبنان الذي يمكن ان يدخل حربا كما في الثمانينات، أو حتى العراق أو تركيا»، متوقعا ان تحصل في سوريا «عمليات ترحيل سكان كبرى ومجازر، أو حتى تطهير».
اعتراف دولي
ويرى كريم اميل بيطار من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أن هذه الفرضية بتراجع الأسد إلى الساحل كملاذ آخير رغم أنها «ممكنة»، فإنها «لن تكون قادرة على الاستمرار».
ويقول بيطار ان دولة علوية مصغرة لن تتمتع بالحكم الذاتي اقتصاديا، ولن تحظى باعتراف دولي، كما ان ضمان «الوحدة الطائفية في المنطقة لا يمكن ان يتم من دون القيام بنوع من تطهير أو ترحيل سكان ما سيكون مأساوياً». وأضاف أنه «حتى الروس قد يترددون بعض الشيء. وإيران أيضا بحاجة لسوريا كاملة تكون حليفتها»، حيث ان انبثاق جيب علوي لن يكون في صالح إيران.
أما الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية فيليب مورو ديفارج فيقول ان «الخطر في سوريا، لا يكمن على الإطلاق في التقسيم، وإنما في الغرق للأسف بالنزاع مع المزيد من الدماء التي تراق».
اضف تعليق