قررت لجنة حكومية تونسية أمس الجمعة مصادرة أملاك عدد من رجال الأعمال الذين تم وضعهم تحت الاقامة الجبرية بموجب قانون الطوارئ بتهم تتعلق بالفساد وتهديد أمن واستقرار الدولة، فيما فتحت النيابة العسكرية تحقيقا مع أحد هؤلاء وهو شفيق الجراية بتهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك.
وأعلن رئيس لجنة المصادرة منير الفرشيشي تجميد أرصدة وحجز الممتلكات العقارية والمنقولة لكل من منجي بن رباح وشفيق الجراية وياسين الشنوفي ونجيب بن اسماعيل وعلي القريوي وهلال بن مسعود بشر ومنذر جنيح (شقيق اثنين من رجال الأعمال الموقوفين) وكمال بن غلام فرج، تنفيذا لمقتضيات مرسوم المصادرة.
وتم اتخاذ قرارات المصادرة استنادا إلى تحقيقات اثبتت وجود علاقات لبعض رجال الأعمال بعائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي اطاحت به ثورة شعبية في يناير/كانون الثاني 2011 وأصهاره، حققوا من خلالها أرباحا طائلة بشكل غير مشروع.
وأوضح الفرشيشي أن “اللجنة اعتمدت على وثائق موضوعية وشرعية ورسمية بالرجوع إلى محاضر من قبل جهات بحث وتحقيق”.
ويبدو أن عمليات التقصي امتدت لأشهر قبل صدور قرارات بالإيقاف التي بدأت منذ الثلاثاء الماضي.
وعمليا سيشمل قرار المصادرة العقارات والمنقولات والأرصدة المالية والأسهم والأموال في الخارج للموقوفين.
ويعد هذا التحرك الحكومي الأكثر جرأة منذ استلام الحكومة لمهامها في أغسطس/اب 2016 بعد سنوات من الضغوط والاحتجاجات في الشوارع ضد الفساد.
وقال القاضي إن اللجنة سعت قدر الامكان إلى ضمان المحافظة على حقوق الأفراد كما سعت لضمان حقوق الدولة ومنافع المجموعة الوطنية.
وصرح رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأن الحكومة ستمضي في معركتها ضد الفساد حتى النهاية.
ولقي قرار وضع رجال أعمال تحوم حولهم شبهات فساد تحت الاقامة الجبرية، تفاعلا شعبيا فيما أثارت التوقيفات دون علم النيابة العمومية (الادعاء العام) الكثير من الاسئلة رغم أن القرار اتخذ استنادا لقانون يتعلق بحالة الطوارئ.
وذكرت وكالة تونس افريقيا للأنباء الرسمية أن النيابة العسكرية بتونس قررت فتح بحث تحقيقي ضد رجل الأعمال شفيق جراية وكل من تكشف التحقيقات تورطه في الاعتداء أو التخطيط للاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم.
ويأتي قرار اصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق جراية على اثر شكاوى تتهمه بالانخراط في ارتكاب أفعال من شأنها المساس بأمن الدولة.
وبحسب المصدر ذاته، أفادت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري في بيان أصدرته أمس الجمعة بأن قرارها جاء طبقا للفصول 60 مكرر فقرتين أولا وثانيا و60 رابعا الفقرتين الثانية والرابعة و32 من المجلة الجزائية و123 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
وكان جراية بائع خضراوات متجولا في صفاقس (وسط شرق) ثم أصبح بفضل “ذكائه” رجل أعمال يدير “مشاريع في أربع قارات بمئات المليارات” بحسب ما صرح لتلفزيون محلي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وقال يومها إنه تعوّد على وصفه بـ”رمز من رموز الفساد” في تونس، معتبرا أنه يتعرض لعملية “شيطنة”.
وأضاف أنه من مناصري ومموّلي حزب نداء تونس الذي أسسه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي.
وتتهم وسائل اعلام وسياسيون جراية بـ”اختراق” عدة أجهزة في الدولة مثل القضاء والأمن والبرلمان ووسائل اعلام محلية وهي اتهامات وصفها خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني بـ”الترّهات”.
وكان فساد نظام بن علي وعائلته وأصهاره من أبرز أسباب الثورة التي اطاحت به في 14 يناير/كانون الثاني 2011. وبعد الثورة، تفاقم الفساد في تونس، وفق البنك الدولي.
وتراجع ترتيب تونس في لائحة الفساد لمنظمة الشفافية الدولية من المرتبة 59 في 2010 إلى المرتبة 75 في 2016.
وسنويا، تخسر تونس نقطتين في الناتج المحلي الاجمالي بسبب الفساد ومثلهما بسبب اللاحوكمة، وفق البنك الدولي.
وتقول الحكومة إن نقطة نمو واحدة في الناتج المحلي توفر سنويا 15 ألف وظيفة جديدة في البلاد.
وتفوق نسبة البطالة العامة في تونس اليوم 15 بالمئة وفق معهد الاحصاء الحكومي.
تونس تسترد 3.9 مليار دولار
وفي تطور آخر، قالت السلطات السويسرية أمس الجمعة إنها أعادت نحو 3.5 مليون يورو (3.91 مليون دولار) إلى السلطات التونسية وهو مبلغ كان بحوزة أحد أقارب الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وذلك في إطار استعادة أصول وأموال منهوبة من الدولة.
وقالت وزارة الخارجية إن الحكومة السويسرية جمدت في أوائل 2011 أصولا في سويسرا تعود للرئيس التونسي الأسبق وحاشيته في إطار جهود لمنع تسرب رؤوس أموال يشتبه في أنهم حصلوا عليها بشكل غير شرعي فيما يجري البلدان تحقيقا جنائيا منذ ذلك الحين.
وقالت وزارة الخارجية السويسرية في بيان “بناء على طلب من تونس لتبادل المساعدة القانونية أمر مكتب النائب العام في سويسرا في 26 مايو/ايار بتحويل مبلغ إضافي يبلغ حوالي 3.5 مليون يورو”.
وأضاف البيان أن السلطات “جمدت أصولا في سويسرا لها صلة بأحد الأقارب المقربين من الرئيس التونسي الأسبق وهي بصدد تحويلها إلى السلطات التونسية الحالية بموافقة ذلك الشخص”.
وتأتي هذه الخطوة بعد تحويل مبلغ أصغر قدره 250 ألف فرنك سويسري (256384 دولارا) إلى تونس في مايو/أيار 2016.
اضف تعليق