يبدو أن معركة إدلب ستكون الفصل الأخير في الثورة السورية الذي تحول إلى صراع إقليمي ،بما يعنى اتساع دائرة المخاطر. ففي الأسبوع الماضي ، وللمرة الأولى ،أطلقت القوات التركية طائرة بدون طيار وشنت غارة جوية على المواقع السورية والإيرانية ، رداً على مقتل أكثر من 33 من جنودها . فى المقابل أفضى هجوم أنقرة إلى مصرع ما لا يقل عن ثمانية من مقاتلي حزب الله و 21 من المقاتلين الشيعة الأفغان والباكستانيين ضمن الألوية المدعومة من قبل النظام الإيراني.
كانت مشاركة حزب الله في هذه المعركة بمثابة تذكير ، إذا لزم الأمر ، بالدور الاستراتيجي الرئيسي الذي منحته طهران للمجموعة اللبنانية على المستوى الإقليمي , بهدف تنفيذ أجندة النظام الإيراني الذى يرمي إلى توسيع نفوذه والتسلل خفية ومن ثم فرضه وجوده عسكرياً. كما كانت هذه الضربة بمثابة لفت انتباه جديد لمسألة وجود ألوية شيعية مسلحة في سوريا ساعد حزب الله في عمليات تأسيسها و تدرييبها ، ويشرف عليها اليوم , بشكل محدود , فى حين يتولى فيلق القدس مهمة الدعم اللوجستي لتلك المجموعات ..
فعلى الرغم من أن لبنان في أزمة ، لا يزال حزب الله يقاتل في سوريا لدعم نظام الأسد من أجل حماية المصالح الإيرانية. بناءً على هذا الوضع وفى ظل تلك الظروف ، كيف يمكن للمحللين الإشارة إليه كحزب سياسي لبناني؟ إنه ببساطة وحدة قتالية فى الحرس الثوري تستخدم لبنان كغطاء. إن الموقف الراهن يذكرنا مجدداً بأن حزب الله لا يحترم سيادة الدولة أو الحدود ؛ وأن المهمة المسندة إليه هي ما يعنيه فى المقام الأول .
ونتيجة لذلك , تكبد حزب الله خسائر فادحة خلال الأشهر الأخيرة ، حيث ربطها بعض المحللين بمقتل قائد قوة القدس اللواء قاسم سليماني وضعف هيكل السلطة في ساحة المعركة بيد أن نزيف المغامرة السورية بات يشكل ضغطاً متزايداً على الوكيل اللبنانى لاسيما من جانب مقاتليه ، إذ يواصلون التشكيك بأسباب وجوده في سوريا بينما يواجه الجزب صعوبات مالية جراء العقوبات الأمريكية ، فضلاً عن الوضع العام للبلاد . .
.
وبالرغم من تلك الظروف ،لن يعدم حزب الله وسائل للبقاء على الساحة ،والحفاظ على ولاء مجتمعه بغض النظرعن تداعيات ذلك على لبنان , وهذا يعو د بشكل رئيسي إلى كونه يستطيع الاعتماد على الدعم المالي الإيراني ، والذي سمح لهببناء مؤسسات موازية للدولة. كما أن لديه من يمكنه استخدامهم كبش فداء و التضحية باعتبارهم حلفاء الفاسدين لتخفيف الضغط إذا لزم الأمر.ناهيك عن ورقة الفوضى الكاملة التي يهدد باستخدامها ، وكحل أخير ، قد يقرر حزب الله تشكيل الحكومة بالكامل مباشرة وفرض نظام جديد في لبنان يتوافق مع نظام طهران , فقد أشار المحللون مؤخرًا إلى أن التجارة الإيرانية غير القانونية في تزايد ، وبالتالى يمكن تفعيل الأدوات المالية البديلة.
في سوريا ، يواجه حزب الله مخاطر دفع ثمن أي صفقة محتملة بين موسكو وأنقرة بموافقة واشنطن ، خاصة وأن بوتين و أردوغان يبحثان عن سبل للتراجع. فبغض النظر عن تباين مواقفهما إزاء مستقبل نظام الأسد ، إلا أن تركيا وروسيا لديهما تفاهمات بشأن ضرورة تحجيم النفوذ الإيرانى في سوريا. إذ لاترغب أنقرة فى أن يكون للحرس الثوري الإيراني وحزب الله على أى تواجد على حدودها ،فى حين ترحب روسيا بفكرة عدم إضطرارها إلى مشاركة الكثير من النفوذ مع إيران في مراكز القوة السورية الرئيسية. وهوما يتماشى أيضا مع أهداف إسرائيل.
عندما يتعلق الأمر بلبنان ، فإن مركز صناعة القرار النهائي لحزب الله موجود في إيران لذلك ,فإن أى خطوة سيقوم بها ، سواء كانت تهدئة أو تصعيدً ، ستكون متوافقة دائمًا مع الأهداف والإستراتيجيات الإيرانية. كما أن النظام الإيراني بالتأكيد ليس لديه استعداد للتضحية بقوته بالوكالة في المنطقة من خلال السماح لحزب الله بالرحيل. وهو ما يجب أن يستوعبه اللبنانيون ويتصرفوا وفقًا له.
الرابط الأصلى للمقال : https://www.arabnews.com/node/1637256
اضف تعليق