أعلن نائب رئيس الحكومة السورية قدري جميل، أمس، أن سوريا مستعدة لمناقشة استقالة محتملة للرئيس السوري بشار الأسد في اطار مفاوضات مع المعارضة.
وقال قدري في مؤتمر صحفي عقده في ختام لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو "خلال عملية المفاوضات يمكن دراسة كل المسائل، ونحن مستعدون حتى لدراسة هذه المسألة".
لكنه اعتبر ان فكرة "الاستقالة كشرط لاجراء حوار تعني ان من المستحيل البدء بهذا الحوار".
جاء ذلك فيما كانت كتائب الرئيس السوري بشار الأسد تواصل عملياتها العسكرية والأمنية ضد مناطق سورية عدة، مما أسفر عن مقتل العشرات، بينهم صحافية يابانية قضت خلال تغطيتها المعارك في حلب، حيث تؤكد المعارضة أنها أصبحت تسيطر على ثلثي المدينة، و20 شابا قضوا عندما اجتاحت دبابات الجيش النظامي ضواحي دمشق، بعد ساعات من انفجار سيارة مفخخة في حي المزة وسط دمشق.
وبالتزامن، طالب رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا المجتمع الدولي بإعلان منطقة حظر جوي وبالتدخل "بشكل عاجل، وخارج نطاق الأمم المتحدة"، لحل الصراع المتفاقم في سوريا منذ 18 شهرا.
"الحر" يسيطر على حلب
فقد أعلن الجيش السوري الحر أنه يسيطر على حوالى ثلثي حلب، حيث تستمر الاشتباكات منذ أكثر من شهر، الأمر الذي نفاه مسؤول أمني في دمشق.
وأكد رئيس المجلس العسكري في المحافظة العقيد عبد الجبار العكيدي أن "الجيش السوري الحر يسيطر على أكثر من 70 في المائة من حلب"، وعدّد أكثر من ثلاثين حيا يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، أبرزها سيف الدولة وبستان القصر والمشهد وانصاري (جنوب غرب)، وهنانو والصاخور (شرق)، وبستان الباشا (شمال شرق)، والشيخ سعيد والفردوس (جنوب)، والكلاسة (وسط جنوب). أما حي صلاح الدين (جنوب غرب) فيسيطر عليه الجيش الحر بنسبة خمسين في المائة، وفق العكيدي الذي أشار أيضا الى أن حي التلل (وسط) هو أيضا تحت سيطرة المعارضة.
المعركة ستستغرق وقتا طويلا
وقال مسؤول أمني في دمشق "هذا الكلام عار عن الصحة"، مضيفا "الإرهابيون لا يحرزون أي تقدم، بل الجيش يتقدم شيئا فشيئا"، موضحا أن "الجيش يقصف مراكز المتمردين في حلب لمنع وصول السلاح والذخيرة" إليهم. وقال المصدر "هذه المعركة ستستغرق وقتا طويلا".
مقتل صحافية يابانية
في الوقت نفسه، تجددت الاشتباكات في حي سليمان الحلبي (وسط شرق حلب)، حيث لقيت صحافية يابانية تدعى ميكا ياماموتو (45 عاما) خلال تغطيتها المعارك مع مجموعة أخرى من الصحافيين، بينما فقد أثر ثلاثة صحافيين آخرين، هم لبنانية تعمل لصحيفة أميركية ومراسل قناة الحرة بشار فهمي ومصوره التركي جنيد اونال. كما تعرض حيّا قاضي عسكر والصاخور (شرق) تعرضا لقصف عنيف، وصل الى بلدتي مارع وتل رفعت في الريف.
وأكدت وزارة الخارجية اليابانية مقتل ياماموتو، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الحادث وقع في حي سليمان الحلبي (شرق حلب)، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة الاثنين بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة.
وقال المرصد إن الصحافية "أصيبت بجروح بالغة نتيجة تعرضها للقصف، وهي تغطي المواجهات".
وقال الصحافي الياباني ازوتاكا ساكو، الذي كان يرافق ياماموتو، إن زميلته قضت بنيران الجيش السوري النظامي. وأضاف أن "الجندي الذي كان يقف في الأمام كان يعتمر قبعة القوات الحكومية.. هربنا.. وفي تلك اللحظة، بدأوا يطلقون النار علينا، وكنا لا نبعد اكثر من 20 أو 30 مترا".
وبمقتل ياماموتو يصل الى 19 عدد الصحافيين الذين قتلوا في سوريا، منذ بدء الانتفاضة على نظام الأسد، بينهم 4 أجانب.
اعتقال 3 صحافيين
وأعلنت قناة الحرة أنها فقدت الاتصال باثنين من موظفيها العاملين في سوريا، وهما المراسل بشار فهمي والمصور جنيد اونال، بعدما دخلا حلب. لكنها لم تحدد جنسيتيهما. وتابعت ان "سلامة صحافيينا تشكل مصدر قلق كبير بالنسبة إلينا".
وكانت "الحرة" ذكرت أن اربعة صحافيين كانوا في سيارة تعرضت لهجوم من مقاتلين يبدو من ملابسهم، وكأنهم من عناصر الجيش السوري الحر وفق سائق السيارة. لكن الجيش السوري الحر نفى اي ضلوع له في ذلك، محملا القوات الموالية للنظام المسؤولية.
جثث وتفجير في العاصمة
في دمشق، قال سكان ونشطاء معارضون إن جنودا سوريين مدعومين بالدبابات دخلوا الى ضاحية المعضمية، وقتلوا 20 شابا على الأقل، وحرقوا متاجر ومنازل قبل انسحابهم تدريجيا.
وأضافوا أن جثث الرجال، وأغلبهم أطلقت عليهم النيران من مسافة قريبة، عثر عليها في الطوابق السفلى والمتاجر والمنازل التي نهبها أفراد الجيش. وبذلك يرتفع عدد قتلى هجوم الجيش على الضاحية السنية الواقعة في جنوب غرب دمشق، والذي بدأ الاثنين الى 50 شخصا.
في الوقت نفسه، عثر على جثامين ستة رجال في حي القدم، عليها آثار تعذيب واطلاق رصاص، وذلك بعد ساعات من خطفهم من مسجد سعيد بن عامر الجمحي في منطقة أشرفية صحنايا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكان عثر الإثنين على 12 جثة في دمشق، بينها طفلان في حي القابون. وأفيد عن تقارير عدة خلال الأيام الماضية حول العثور على جثث في مناطق من العاصمة وريفها.
وتزامن ذلك مع مقتل أربعة من القوات السورية في انفجار سيارة مفخخة في حي المزة (وسط دمشق)، حيث استهدف الانفجار حاجزا أمنيا قرب مدارس بنات الشهداء.
انسحاب تكتيكي من درعا
إلى ذلك، اضطر مقاتلو المعارضة للانسحاب "تكتيكيا" من مناطق في درعا، حيث تنفذ القوات النظامية "اعدامات ميدانية"، وتكثف قصفها الجوي والبري، الذي استهدف أيضا مناطق في دير الزور وحمص، مما أسفر عن مقتل العشرات أضيفوا الى حصيلة الـ167 قتيلا الذين سقطوا الإثنين.
ويصعب التأكد من حصيلة القتلى من مصدر مستقل، كما يتعذر التحقق من الوقائع الميدانية، بسبب الوضع الأمني والقيود الحكومية المفروضة على تحركات الإعلاميين.
اضف تعليق