ارتفعت وتيرة عمليات القصف صباح اليوم الأحد على مدينة القصير بريف حمص استخدمت فيها قوات الأسد جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي الذي قصفها بالقنابل الفراغية والعنقودية، فيما استشهد جراء القصف 12 شخصًا وأصيب العشرات.
وقالت تنسيقية حي الخالدية بحمص إن مدينة القصير بريف حمص تتعرض لحرب إبادة منذ ساعات الصباح الأولى من قبل قوات الأسد المدعومة بميلشيا حزب الله الشيعي حيث شن الطيران الحربي عدة غارات جوية على المدينة وقصفها بالقنابل الفراغية والعنقودية بالتزامن مع قصف عنيفبصواريخ أرض – أرض.
ومن جانبه أفاد الناشط هادي العبد الله عبر صفحته الرسمية أن أكثر من 50 قذيفة هاون ودبابات ومدفعية ثقيلة تسقط على المدينة من كل الاتجاهات بمعدل كل دقيقة فقط، كما تم قصف المدينة برشاشات الـ 23 والـ 157 وقاذفات القنابل، محذراً من ارتكاب قوات الأسد مجزرة جديدة في المدينة.
الغرب قد يتحرك
وبدأت في الغرب عملية أمنية واسعة للبحث عمن يقف وراء الجيش الالكتروني السوري. وقال مراقبون إن الحكومات الغربية قد تتحرك مباشرة ضد النظام السوري إذا ثبت انه الجهة التي تقف وراء هذه المنظمة الغامضة.
وكان الجيش الالكتروني السوري نفذ قرصنة جديدة يوم الجمعة مخترقًا حسابات صحيفة فايننشيال تايمز على توتير وعناوين مدوناتها. وجاءت القرصنة الالكترونية الأخيرة في إطار حملة من الهجمات التي نفذتها هذه المنظمة ضد وسائل إعلام مختلفة، بينها وكالة اسوشيتد برس.
البورصة كادت تنهار
ويقترن نشاط الجيش الالكتروني السوري الذي لا يخفي موالاته لنظام الرئيس بشار الأسد بحملة أقل ضجيجًا يشنها النظام لمراقبة الإنترنت بهدف الكشف عن هويات معارضين ومقاتلين ضد نظام الأسد وأنشطتهم وأماكن وجودهم.
ويحاول المحققون في الغرب الآن أن يحددوا علاقة القراصنة المهرجين الذين يستعرضون مقالبهم على تويتر من جهة والتجسس الصامت الذي يشتمل أيضا على مراقبة موظفي المنظمات الإنسانية الأجانب من الجهة الأخرى.
وإذا اتضح أن لنظام الأسد ضلعا في قرصنة الجيش الالكتروني السوري فان الحكومات ذات العلاقة قد تختار الرد بسبب التداعيات المترتبة على مثل هذه الهجمات في العالم الحقيقي لا الافتراضي، لا سيما وأن الجيش الالكتروني السوري كاد أن يتسبب في انهيار أسواق البورصة مثلاً عندما دس خبرًا كاذبًا عن وقوع انفجار في البيت الأبيض عندما اخترق حساب اسوشيتد برس على توتير مؤخرًا.
ويكتسب الغموض الذي يكتنف طبيعة هذه المنظمة دلالات قد تكون بالغة الأثر نظر لاعتقاد باحثين بأن القراصنة الالكترونيين الذين يسمون أنفسهم الجيش الالكتروني السوري هم أنفسهم الذين بدأوا حملة موالية للأسد قبل عامين.
ويرى خبراء أن نظام الأسد يستثمر هذا الغموض والإبهام لمصلحته. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الخبير الأمني في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية جيمس ويست أن هؤلاء "أوجدوا فضاء إضافيا بينهم وبين القانون الدولي والرأي العام العالمي".
ويشير الخبراء إلى أن الجيش الالكتروني السوري نشأ في أيار/مايو 2011 خلال الانتفاضة السورية للرد على أخبار الانتفاضة وتطوراتها بروايات مضادة موالية للأسد. وكان الأسد نفسه وصف الجيش الالكتروني السوري في خطاباته بأنه فيلقه الأمني على الانترنت، مشيرا إلى أن المنظمة "جيش حقيقي في واقع افتراضي".
بنية هرمية
ولاحظ باحثون انه كانت لدى الجيش الالكتروني السوري بنية هرمية واضحة المعالم بقيادة وخبراء تقنيين وذراع إعلامية ومتطوعين. وكان العديد من الأعضاء الأوائل ينتمون إلى الجمعية السورية للمعلوماتية برئاسة الأسد نفسه قبل أن يصبح رئيسا. وتبين السجلات الرقمية حتى نيسان/ابريل الماضي أن هذه الجمعية ما زالت تدير جوانب عديدة من البنية التحتية للجيش الالكتروني السوري.
وكشفت غارة الكترونية على مجالات المنظمة السرية الشهر الماضي أن غالبية أعضاء الجيش الالكتروني السوري ما زالوا مسجلين في الجمعية السورية للمعلوماتية.
وانشأ أعضاء الجيش الالكتروني السوري في البداية صفحات موالية للأسد على فايسبوك وأغرقوا صفحات ذات شعبية واسعة مثل صفحة الرئيس اوباما واوبرا وينفراي بالتعليقات المؤيدة للأسد. ولكن أنشطة الجيش الالكتروني السوري أصبحت تتسم بالتخطيط والترصد منذ خريف 2011 وتمكن عناصره من اختراق مواقع مثل موقع جامعة هارفرد برسائل موالية للأسد.
وقال جاكوب ويست المدير التكنولوجي في شركة هيولت باكارد لصحيفة نيويورك تايمز "إن فرصة التعاون بين الجيش الالكتروني السوري والنظام فرصة واضحة". مضيفا أن لدى النظام أسبابا وجيهة للإنكار في وقت تدرس حكومات غربية التصدي للنشاط الالكتروني المعادي بردود أقوى.
وقبل ان يعمد الجيش الالكتروني السوري إلى تمويه نشاطه بإجراء تغييرات في الكادر اكتشف باحثون أمنيون وجود حملة مراقبة بعيدة عن الأضواء لاستهداف المعارضين. وامتدت الحملة لتشمل موظفي منظمات الإغاثة.
واكتشف الباحث مورغان ماركيز بوير من جامعة تورنتو الكندية برمجيات تجسسية بأسماء مثل "المذنب الأسود" و"الظلال السوداء" ترسل معلومات إلى شركة اتصالات مملوكة للدولة السورية. وانتحلت البرمجية التجسسية صفة خدمة ترتبط بخدمة سكايب واسعة الانتشار بين الناشطين السوريين.
واكتشف ماركيز بوير أكثر من 200 عنوان من عناوين بروتوكل الانترنت تدير البرمجية التجسسية. وكان بعضها من العناوين القليلة التي استمر في العمل على الانترنت عندما تعطلت الشبكة في سوريا الأسبوع الماضي. وفي نهاية الأسبوع الماضي اقتفى باحثون آثار احد الهجمات التي أوصلتهم إلى عنوان انترنت مسجل على شركة سيرياتيل للاتصالات التي يملكها رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد.
وقال معارضون سوريون إن هذه العلاقة دليل على أن الجيش الالكتروني السوري مدعوم من نظام الأسد وان هجماته على تويتر هي الوجه الظاهر لحملة مراقبة أعمق.
قائمة باسماء قياديين في المعارضة
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دلشاد عثمان، وهو سوري مقيم في واشنطن يساعد المعارضة على مكافحة البرمجيات التجسسية قوله إن ما لا شك فيه أن الجيش الالكتروني السوري ونظام الأسد "شيء واحد". ويشير عثمان ومعارضون آخرون إلى هجوم الجيش الالكتروني السوري العام الماضي على برهان غليون، القيادي في المعارضة السورية.
ومن الأدلة الأخرى على علاقة هذه المنظمة بالنظام السوري قائمة بأسماء قياديين في المعارضة ظهرت في تموز/يوليو الماضي بعد أن تبجح أعضاء الجيش الالكتروني السوري بأنهم يستطيعون مساعدة النظام على البحث بسرعة عن أسماء خصومه. وقال عثمان إن هذه التبجحات دليل على عمل هذه المنظمة مع النظام ومراقبتها المعارضين.
والمفارقة ان أبحاث المعارضة هي التي دفعت الجيش الالكتروني السوري إلى إجراء تغييرات داخلية في كوادره. وقال ناشطون إن جهود المعارضة نجحت في فك الشفرة المستخدمة في نشر القائمة. وأشار جون سكوت ريلتون الباحث في جامعة تورنتو إلى أن هناك من يرى أن النظام حمَّل الجيش الالكتروني السوري مسؤولية هذا التسريب.
وفي الأيام التي أعقبت ذلك اسودَّت صفحات أعضاء معروفين في الجيش الالكتروني الحر على فايسبوك واختفت بصورة مفاجئة أسماء مستعارة لأعضاء المنظمة رصدها الباحثون. وظهر أعضاء جدد بأسماء مستعارة جديدة يتحدثون باسم الجيش الالكتروني السوري. وقال باحثون إن هوية القراصنة الالكترونيين وراء الموجة الأخيرة من الاختراقات التي استهدفت توتير ليست معروفة كالأسماء السابقة.
ولفتت الهجمات على توتير الانتباه إلى الجيش الالكتروني السوري خارج سوريا، ولكن القضية لم تلق اهتمامًا في الداخل حيث ينصب اهتمام المعارضين على تزايد البرمجيات التجسسية ومعها تزايد الاعتقالات. ولاحظ الباحثون أن البرمجيات التجسسية أخذت ترصد هدفا جديدا هو موظفو المنظمات الإنسانية.
اضف تعليق