اعترف رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري بوجود خلافات مع مصر، وأدلى بتصريحات مثيرة للجدل حول الإخوان المسلمين ومستقبل العلاقات الأميركية المصرية في حال تمكن "الإخوان" من الهيمنة على السلطة في مصر، وذهب كيري أبعد إلى تحذير مصر من فعل ما يمس "اتفاقية السلام" مع إسرائيل (كامب ديفيد) أو عدم المضي قدماً في إبرام اتفاقية تحصل بمقتضاها القاهرة على قرض من صندوق النقد الدولي، في وقت بدأ المصريون في الخارج التصويت لاختيار الرئيس الجديد، ويترقب الجميع حسم الطعون الانتخابية اليوم.
وهذه هي المرة الأولى التي يفصح فيها مسؤول أميركي كبير عن اهمية حصول مصر على قروض إلى درجة مساواتها من حيث الأهمية مع "الاتفاقية" مع إسرائيل.
وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية قد رفض عرضاً من صندوق النقد والبنك الدوليين لمنح مصر قروضا بشروط ميسرة وذلك في بدايات الثورة ، كما رفضتها قطاعات سياسية مصرية رأت في القروض المعروضة رغم ضآلتها – أقل من 4 مليارات دولار – محاولة لتكبيل مصر للتأثير في قرارها السياسي والسيادي، إلا ان مصر غيرت موقفها مؤخراً حتى مع تغير الشروط الميسرة لشروط أكثر تشدداً، لتدخل في مفاوضات لم تتم حتى الآن مع الصندوق الدولي.
تصريحات كيري الذي عاد لتوه من جولة شملت مصر ودولاً أخرى من المقرر ان تنشرها كاملة مجلة "ناشيونال جورنال" في عددها الصادر اليوم السبت.
ولدى سؤاله عن وجود شد في العلاقات الأميركية مع القاهرة قال كيري "نعم لدي هذا الشعور، ومصر حقيقة في خطر . والموضوعان المهمان في ميزاننا الآن هو نتيجة الانتخابات الرئاسية والاتجاه الذي سيقرر الاخوان المسلمون السير فيه، ولو لم يرغب الاخوان أو لم يتقبلوا القوانين الأساسية للاقتصاد وكيفية جذب رؤوس الأموال مرة أخرى إلى مصر فمن الصعب جداً حينئذ أن نرى تعافي الاقتصاد".
ورداً على سؤال حول تأييده لقرار وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون باستمرار المساعدات العسكرية لمصر، وفي الوقت نفسه تحذيره المصريين من افتراض ان كل شيء مضمون، قال كيري: "أنا أبلغت المصريين بمنتهي الوضوح اننا نؤمن بأهمية هذه العلاقة ولدينا النية الحسنة ومستعدون لاحترام التزماتنا ونتوقع المثل منهم، لكن إذا لم يفعلوا فكل شيء محتمل. إذا قاموا فجأة بشد البساط من تحت اتفاقية السلام مع إسرائيل، أو وضعوا فجأة قوانين مقيدة، واذا أصبحوا غير قادرين على ابرام قرض صندوق النقد الدولي، فإننا ساعتها سنبدأ في التساؤل عما نفعله".
وعن رأيه في دور الإخوان بعد حصولهم على الاغلبية، أكد كيري ضرورة ايجاد طريقة للتعامل معهم، وأنه إذا جعل الاخوان الامر مستحيلا حين يقومون باعتماد سياسة لا يمكن ان يقبلها الأميركيون فساعتها ستكون هناك مشكلة، لذا فالولايات المتحدة تحاول تقديم المساعدة لتوضيح استعدادها لعلاقة جيدة معهم . ورأى كيري ان عدم التواصل مع الاخوان واعطاء أميركا ظهرها لهم قد ينتج عنه توجه الاخوان للعمل مع آخرين مثل ايران، وبالتالي ستصبح واشنطن ساعتها كمن يقطع انفه ليغيظ وجهه.
وأكد كيري وجود أمل لديه للتعامل مع الاخوان ليس من منطلق ثقته بكل شيء يقولونه، ولكن لأن كل مايقولونه اليوم أفضل مما كانوا يرددونه في السابق، واضاف كيري "انهم يتكلمون عن التعددية والتنوع واحترام حقوق الأقليات، إنهم يدركون عدم قدرتهم على وضع نظام إسلامي متطرف لأن ذلك مخالف للحضارة والثقافة المصرية".
وقال كيري: "لن يكون كل شيء رائعا في صبيحة اليوم التالي للانتخابات الرئاسية في مصر، فهناك توازنات ينبغي ان يقوم بها الاخوان وأن يشتغلوا على الدستور بشكل سريع".
ورأى كيري ان الاخوان حالياً يحرقون احتياطيهم لدى الشعب وكذلك صبر المصريين، وقال: "هذه الثورة لم تبدأ كثورة اسلامية بل بدأت كثورة اجيال من الشباب الذين يريدون الوظائف والمستقبل ويرغبون في مصر مختلفة، وأي شخص سينسى هذا، فسيكون في مواجهة (ميدان) تحرير آخر".
وفي هذه الأثناء تزامناً مع حالة الهدوء التي عاشتها القاهرة أمس، مع إلغاء المليونية التي دعا إليها أنصار المرشح الرئاسي المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، وهو ما دفع المجلس العسكري إلى رفع قرار حظر التجول في ميدان العباسية، الذي استمر لليوم الثامن على التوالي، سادت حالة من الترقب على هذه الجبهة، انتظاراً لما سوف يسفر عنه قرار المحكمة الإدارية العليا اليوم السبت، في الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة ضد قرارها السابق بوقف الانتخابات الرئاسية، في وقت بدأ المصريون في 166 دولة حول العالم، الإدلاء بأصواتهم في أولى مراحل انتخابات الرئاسة لاختيار رئيس من بين 13 مرشحاً خلفاً للرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحته الثورة الشعبية في 11 فبراير/ شباط العام الماضي .
وقال المستشار أيمن عبد الغني المتحدث الإعلامي للهيئة الادارية العليا أمس إن الحل سوف يكون في يد المجلس العسكري بدعوة الناخبين للاقتراع، في حالة رفض المحكمة الطعن على حكم القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يحل الأزمة الحالية، وإلا فإن الانتخابات سوف تصبح مهددة بالبطلان.
وكانت المنطقة المتاخمة لميدان حدائق القبة القريب من مقر وزارة الدفاع، قد شهدت تظاهرة مؤيدة للمجلس العسكري تخللها مشادات بين عدد من مؤيدي "العسكري" وعدد من النشطاء من أهالي المنطقة، الذين طالبوا المتظاهرين بالانصراف، في وقت نظم فيه العشرات وقفة بالقرب من الميدان، مطالبين برحيل المجلس العسكري، وإطلاق النشطاء المعتقلين خلال أحداث العباسية، ما أدى إلى تدخل قوات الأمن المركزي للفصل بين المتظاهرين.
اضف تعليق