تواصلت في مصر مبادرات سياسية من أجل احتواء الأزمة الجارية في البلاد، بين المجلس العسكري الحاكم من جهة، وثوار ميدان التحرير في الوقت الذي جدد فيه المرشح الرئاسي المحتمل الدكتور محمد البرادعي دعوته لـ"العسكري" بأن يبادر بإصدار أوامره لقوات الجيش والشرطة الموجودة في محيط مجلس الوزراء بالوقف الفوري لاستخدام القوة، وقصر نشاطها على حماية المنشآت العامة، وإتاحة الفرصة أمام مبادرات أطلقها القوى السياسية لتهدئة الأمور والحيلولة من دون سفك المزيد من الدماء.
وجددت 15 حركة وحزباً سياسياً أمس دعوة الشعب المصري إلى التظاهر في ميادين التحرير بعد غد الجمعة في مليونية "جمعة رد الشرف" احتجاجاً على استخدام العنف المفرط ضد المعتصمين خلال فض اعتصام مجلس الوزراء، ومطالبة المجلس العسكري بالتنحي فوراً عن السلطة وتسليمها إلى إدارة مدنية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة لإدارة المرحلة الانتقالية، في الوقت الذي استمر فيه تدفق الآلاف على ميدان التحرير للتضامن مع الشبان المعتصمين.
وكانت الاشتباكات قد تواصلت بين معتصمي ميدان التحرير وقوات مشتركة من الجيش والشرطة في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به طوال ليلة أمس الأول، ما أسفر عن سقوط عدد جديد من المصابين والجرحى، جراء استخدام الرصاص الحي، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية عن إصابة 120 من قوات الأمن بينهم ستة ضباط، جراء قذفهم بالحجارة من قبل المعتصمين.
ونظم آلاف الفتيات المصريات أمس مسيرة حاشدة طافت عدداً من شوارع وسط القاهرة للتنديد بالعنف الذي واجهت به قوات الأمن المصرية المعتصمات في ميدان التحرير.
واستمر تدفق مئات من الفتيات على ميدان التحرير حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس، حيث تجمع المئات منهن أمام مجمع التحرير للإعلان عن رفض استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شؤون البلاد والتنديد بالانتهاكات التي مارستها قوات الشرطة العسكرية ضد المتظاهرات.
وكانت مسيرة "مليونية نساء مصر" قد انطلقت عصر أمس مع هتافات، "المصرية ما تتعراش" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
وأطلق حمدين صباحي المرشح المحتمل للرئاسة مبادرة جديدة لوقف الاشتباكات في الميدان عبر تشكيل مجلس رئاسي مشترك يضم مدنيين وعسكريين يتولى مهمة استكمال المرحلة الانتقالية، يضم في عضويته خمسة من قضاة تيار الاستقلال.
وعرض صباحي لمبادرته ليل الاثنين عبر شاشة إحدى الفضائيات المصرية، مقترحا أن يتكون المجلس من خمسة من القادة العسكريين، بينهم قائد الأركان وقادة الجيوش أو الأسلحة الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، مقابل خمسة أعضاء من القضاة بينهم المستشار محمود الخضيري، والمستشارة نهى الزيني والمستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادي القضاة السابق وغيرهم.
وتزامنت مبادرة صباحي مع مبادرة أخرى أطلقتها قبل يومين قوى سياسية طالبت بتبكير موعد الانتخابات الرئاسية إلى يناير المقبل بدلا من يونيو 2012 حسبما أعلن المجلس العسكري قبل أسابيع، وهي المبادرة التي أعلن المرشح الرئاسي المحتمل عمرو موسى تأييده لها أمس، مشددا على ضرورة أن يتحلى العسكري بإدارة الأزمة الحالية "بشكل يمنع الوصول إلى نتائج كارثية"، مضيفاً أن الهدف من هذه المبادرات يجب أن يظل دائما في حدود العمل على قيام الجمهورية الجديدة ونقل الحكم من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة، في إطار يجعل انتخاب الرئيس وكتابة الدستور وإنهاء الانتخابات البرلمانية يتم في جو مقبول وهادئ.
وانضم حزب "المصريين الأحرار" أمس إلى دعوات قوى سياسية بالتبكير بموعد الانتخابات الرئاسية، مطالباً بأن تبدأ هذه الانتخابات فور اكتمال تشكيل البرلمان الجديد.
وكان الدكتور محمد البرادعي قد دعا ليل الاثنين المجلس العسكري إلى إرسال إشارات واضحة لمختلف القوى السياسية في البلاد، تؤكد التزام قوات الجيش والشرطة بضبط النفس في تعاملها مع المواطنين، والتزام المجلس العسكري بتقديم المسؤولين الأمنيين المتورطين في الأحداث إلى محاكمات عادلة، مشيراً إلى أن الحل الوحيد للأزمة هو أن يعود الجميع مرة أخرى "شعباً وجيشاً" للعمل على تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
اضف تعليق