أكد مصدر دبلوماسي غربي لـ"الوطن العربي" أن الاستخبارات الأميركية حددت أماكن الأسلحة الكيماوية في سوريا وبدأت في التنسيق مع إسرائيل لتدميرها في حال سقوط نظام الأسد تخوفاً من وقوع تلك الأسلحة في يد "القاعدة" أو "حزب الله".
وأكد المصدر الغربي أن واشنطن نسقت مع تل أبيب كيفية تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية في سوريا من خلال ضربة جوية إسرائيلية، أو إرسال قوة تدخل إلى سوريا لتأمين تلك الأسلحة، في حال انهيار النظام.
وكشف المصدر أن "اتصالات جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن، لتأمين ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا"، مشيراً إلى أن "المخططين العسكريين الغربيين منهمكون حالياً بالمساعي الرامية إلى منع الأسلحة الكيماوية من أن تُستخدم من قبل النظام السوري ، أو تتعرض للسرقة على يد الجماعات المتطرفة مع اشتداد حدة القتال بين القوات الحكومية والثوار".
وأضاف المصدر الغربي أن "القلق على مصير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية ظل مرتفعاً في الولايات المتحدة وإسرائيل طوال أحداث الانتفاضة".
ميدانيا، استمر المسلسل الدامي في سورية, حيث سقط أمس ما لايقل عن 147 قتيلاً غداة مقتل حوالي 300 شخص في المعارك الدائرة بين قوات النظام و"الجيش الحر" والثوار في مختلف المناطق, سيما دمشق وحلب.
وتزامناً مع استمرار المعارك في أحياء العاصمة رغم سيطرة قوات النظام على حي الميدان, شهدت احياء مدينة حلب, للمرة الاولى, معارك عنيفة بين جيش النظام والمقاتلين المعارضين.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان اشتباكات عنيفة دارت "للمرة الاولى" في العاصمة الاقتصادية للبلاد بين القوات النظامية والمعارضة, موضحا انها بدات منذ مساء اول من امس وتشمل "احياء صلاح الدين والاعظمية والاكرمية وارض الصباغ بالاضافة الى مدينة الباب".
واشار الى معلومات عن مقتل مواطن في حي باب النصر اثر اصابته برصاص قناصة, مضيفا ان مدينة الباب التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة اول من امس تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية, ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا.
أما في العاصمة, فتواصلت الاشتباكات لليوم السادس على التوالي, سيما في حي برزة الذي شهد ليل أمس "حرباً حقيقية" بين قوات النظام و"الجيش الحر".
وفي حين انسحب مقاتلو المعارضة من حي الميدان بعد يومين من الاشتباكات الضارية, اندلع حريق كبير في ثكنة عسكرية بدمشق كان الشبيحة يتدربون فيها, بعد حصار استمر يومين.
وقال الشاهد أبو العز المقيم في منطقة قريبة من مبنى مجلس الوزراء ان "النيران مشتعلة في ثكنة الصاعقة, وانسحب نحو 80 في المئة من الشبيحة وأفراد الجيش الذين كانوا يدافعون عنها".
إلى ذلك, انفجرت قنبلة صوتية في نفق بساحة الأمويين وسط العاصمة, في حادث هو الأول من نوعه منذ اندلاع الثورة قبل 16 شهراً.
وتواصلت المعارك في أحياء مختلفة من العاصمة, وفي مناطق أخرى من ريفها.
في موازاة ذلك, استخدمت قوات الامن الرصاص الحي لمواجهة السوريين الذين تظاهروا, أمس, في مختلف المدن والمناطق تحت شعار "جمعة رمضان النصر سيكتب في دمشق" خصوصا في دمشق وحماة وحلب.
ولفت المرصد الى خروج تظاهرات من مساجد عدة في منطقة المزة في دمشق "طالبت باسقاط النظام واعدام الرئيس السوري", مشيراً إلى "خروج تظاهرات في حي كفرسوسة", في حين "سمعت اصوات اطلاق رصاص في حي ركن الدين الذي شهد تظاهرة, فيما خرجت تظاهرات في منطقة دمر, وسمعت اصوات اطلاق رصاص في شارع خالد بن الوليد".
ولفت مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى ان تظاهرات عدة انطلقت من مساجد حي الميدان على الرغم من اقتحامه من قبل القوات النظامية, موضحا انها "تظاهرات طيارة اي لا تزيد مدة الواحدة منها على خمس دقائق".
واشارت تنسيقية دوما الى "انتشار أمني امام جامع الساعور في حي الشرقية", مضيفة ان "تظاهرة خرجت من مسجد البغدادي الغربي ومسجد الكبير وتم تفريقها بإطلاق نار عليها من بعض الشبيحة المتجولين باحدى السيارات".
واظهرت مقاطع فيديو وزعتها التنسيقية لتظاهرات دوما العشرات يتظاهرون بالقرب من جامع الهدى هاتفين "الجيش الحر للابد, داعس ع راس الاسد", بالاضافة الى تظاهرة خرجت من مسجد الهدى شارك فيها العشرات ايضا.
واظهر شريط فيديو آخر اقل من عشرين شابا في تظاهرة بالقرب من جامع البغدادي يحملون راية بيضاء كتب عليها "لا اله الا الله محمد رسول الله", وهتفوا "زينت الشام يا ثورة".
وفي محافظة حلب, اطلقت القوات النظامية الرصاص الحي لتفريق تظاهرة حاشدة في حي الشعار ما ادى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
من جهتها, افادت الهيئة العامة للثورة السوية ان منطقة الحولة في حمص تعرضت للقصف, تزامنا مع انطلاق التظاهرات.
وأضافت انه في اللاذقية توجه متظاهرون في مشروع الصليبة من جامع البيرقدار إلى ساحة الشهداء و"جوبهوا بالرصاص الحي من قبل عناصر الأمن", فيما خرجت كذلك "تظاهرة حاشدة في حي العوينة على الرغم من تواجد عناصر الشرطة العسكرية التي أطلقت النار على المتظاهرين".
وأفاد الناشط الاعلامي ابو غازي الحموي ان مدينة حماة شهدت 14 تظاهرة امس, و21 في ريفها, مؤكداً أن بعض تظاهرات تعرضت لاطلاق النار خاصة في حي الأربعين, وحي الصابونية.
واضاف ان "نحو ثلاثة آلاف خرجوا في حي باب قبلي وبمشاركة اهالي حي الجراجمة واهالي حي جنوب الثكنة, فيما شهدت مدينة كفرزيتا خروج نحو خمسة آلاف شخص".
الأسد مستعد لترك السلطة
إلى ذلك، نفت دمشق، أمس، موافقة الرئيس بشار الأسد على ترك السلطة، وقالت إن "الأمر عار عن الصحة".
وكان السفير الروسي في فرنسا الكسندر أورلوف أكد أن الأسد "يوافق على التنحي" ولكن بطريقة حضارية.
وقال أورلوف، في مقابلة أجرتها معه إذاعة فرنسا الدولية، إنه عند انعقاد اجتماع مجموعة العمل في جنيف يوم 30 يونيو الماضي نص بيان ختامي على مرحلة انتقالية في سوريا نحو نظام أكثر ديموقراطية، مشيرا الى أن الرئيس السوري قبل بذلك، وعين مبعوثا خاصا ليقود المفاوضات مع المعارضة من أجل هذا الانتقال.. وهذا يعني أنه قبل أن يرحل ولكن بطريقة حضارية.
وردا على سؤال من قبل الإذاعة حول ما إذا كان رحيل الأسد قد بات مسألة وقت، أجاب أورلوف "شخصيا أنا من رأيكم. أعتقد أنه من الصعب أن يظل بعد كل ما حصل".
واعتبر أن الصراع في سوريا لا يمكن أن يكون له سوى حل سياسي، وشدد على ضرورة البدء بالمفاوضات.
وسارعت وزارة الإعلام السورية الى إصدار بيان، بثه التلفزيون الرسمي، جاء فيه أن تصريحات السفير الروسي عارية عن الصحة تماما.
30 ألف لاجئء إلى لبنان
وكالعادة، في كل يوم جمعة خرجت تظاهرات في بعض المناطق، في ما استمر تسارع وتيرة التطورات العسكرية على الأرض، مع استخدام قوات الأسد- ولأول مرة- الدبابات لاستعادة السيطرة على أحياء في العاصمة، وسيطرة مقاتلي المعارضة على منافذ حدودية من جهة العراق وتركيا. وهذا ما دفع بعشرات آلاف السوريين للنزوح إما الى الخارج (لبنان والعراق وتركيا) وإما الى الداخل، مما تسبب، بحسب الأمم المتحدة بنفاد الأموال السائلة من البنوك السورية.
كما تسبب "تكالب السكان على الحصول على مساكن آمنة دفع الايجارات في بعض المناطق إلى الارتفاع إلى 100 دولار في الليلة".
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ميليسيا فليمنج "لدي تقرير من فريقنا يقول إن البنوك الحكومية والخاصة في سوريا ليس لديها أي أموال سائلة. لا أعرف ما إذا كان ذلك حال سائر البنوك".
وتقدر الأمم المتحدة عدد السوريين الذين لجأوا الى لبنان خلال الساعات الثماني والأربعين بنحو 30 ألف سوري. كما أكد مسؤولون عراقيون تدفق آلاف الأسر السورية الى العراق، فيما عبر ما يقارب من مائتي لاجئ سوري من بينهم 13 جنديا منشقا، الحدود السورية التركية.
هجوم مضاد
ميدانياً، شن الجيش السوري هجوما مضادا لاستعادة السيطرة على أحياء سيطر عليها مقاتلو المعارضة في دمشق، مستخدما الدبابات وناقلات جند مدرعة والأسلحة الثقيلة تحت غطاء جوي مكثف.
وأكد مصدر أمني رسمي "تطهير" حي الميدان من المقاتلين. وقال أبو عمر، أحد قادة المقاتلين، أنهم انسحبوا خلال الليل من أجل حماية المدنيين بعد تعرضهم لقصف عنيف. جاء ذلك بعد إعلان الجيش السوري الحر انه سيطر على حي ركن الدين.
في تلك الأثناء، استمرت حرب الشوارع في أحياء أخرى، وتعرض حي السيدة زينب لقصف من قبل المروحيات الحربية أوقع عشرات القتلى والجرحى.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حي جوبر في دمشق شهد اشتباكات وقصفا ادى الى إصابة عدد من المدنيين، فيما تتعرض مدينة داريا في ريف دمشق للقصف وكذلك سهل مضايا والزبداني.
اضف تعليق