الرئيسية » تقارير ودراسات » اطردوا “سليمانى” من العراق
الرأي تقارير ودراسات رئيسى

اطردوا “سليمانى” من العراق

قاسم سليماني
قاسم سليماني

ظهور قاسم سليمانى فى عمق المنطقة البغدادية الخضراء لايحمل أى علامات استفهام ولا يتطلب الاجتهاد فى البحث عن تفسيرات,فأهداف قائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري وغاياته من الزيارة المفاجئة شبه معلومة للجميع لاسيما بعد أن جاءت رياح الانتخابات النيابية بمالا تشتهى طهران.

الجنرال الذى يتندرون بأن إصابته بالصداع ربما تؤثر على سلامة الملايين و تحدث انقلاباً فى دمشق , وصل إلى بغداد بعد يوم واحد فقط من تغريدة الصدر التى وصفت بأنها نارية, ورسم بها خارطة تحالفات “سائرون ” مستبعداً أي تحالف مع قوائم “الفتح” التابعة لميليشيا الحشد لشعبي و”دولة القانون” التي يترأسها رئيس وزراء السابق نوري المالكي.

وألمحت التغريدة إلى نية الصدر تكوين تكتل “عابرا للطائفية”،لتشكيل حكومة تكنوقراط وذلك من خلال التحالف مع تيار الحكمة الذي يرأسه عمار الحكيم وائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوي وقائمة النصر بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادى وختم الصدر التدوينة بالإشارة إلى سعيه بأن تكون كتلة الكفاءات التي يرأسها هيثم الجبوري ضمن تشكيلة التحالف التي ينشده .

الأنباء المتواترة تشير إلى أن حضور سليمانى يعود إلى رغبة إيران فى جمع الكتل الشيعية لتشكيل تحالف يستطيع أن يمرر التشكيلة الحكومية.كما يهدف للضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي للالتحاق بالتحالف الشيعى المرتقب وعزله حال امتناعه. ليتم بذلك الالتفاف على كتلة سائرون بزعامة الصدر وينتهى المطاف بتشكيل حكومة عراقية المظهر إيرانية الهوى.

محادثات سليمانى المعلنة مع ساسة منافسين لتمهيد الطريق من أجل الاتفاق على تشكيل تحالف شيعي حاكم ,تنسجم مع تصريحات إيران ,قبيل الانتخابات , بأنها لن تسمح لتكتل الصدر والجماعات العلمانية بالحكم, غير أن مهمة قائد فيلق القدس تبدو صعبة هذه المرة,نظراً لتعدد الكتل وحالة الانقسام داخل المعسكر الشيعي فضلاُ عن أن جميع المعطيات تظهر أن تحالفات الصدر والعبادى وتيار الحكمة الأقرب لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر عددا، مع انضمام قوى سنية وكردية إليهم.

لكن خطورة “سارق الماعز” كما أطلقت عليه الإذاعة الإيرانية , تظل كامنة فى قدرته على خلق تحالفات جديدة وغريبة لخدمة أهدافه فهو بارع بالتمدد و حياكة المؤامرات وقلب الموازيين وتتنوع أدواته فى تحقيق استراتيجياته وفقا للنطاق الجغرافى للعمليات ولكنها جمبعاً تتدرج من تقديم الرشاوى المالية لاستمالة الساسة واستئجار الخصوم وتخويفهم عند الحاجة، والاغتيال كآخر الوسائل. ولا تقتصر عمليات سليمانى على العراق فحسب بل تمتد حتى حدود لبنان وسوريا , إذ يعد المسئول الأول عن تفتيت المنطقة.

وفى العراق اتبع سليمانى سياسة توظيف الخلافات الشيعية الشيعية والانشقاقات لإحكام السيطرة على الجماعات المختلفة . وقد نجح بالفعل فى تحقيق تلك الاستراتيجيه بل وتطويرها لدرجة دفعت تقارير إعلامية غربية إلى وصفه بأنه “الحاكم الفعلى السرى للعراق.

فقد أرسل فى مطلع عام 2008 رسالة إلى الجنرال ديفيد بترايوس عندما كان قائدًا للقوات الأمريكية في العراق على هاتفه الشخصي يقول فيها : أنا قاسم سليمانى أتحكم في السياسة الإيرانية المتعلقة بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان، والسفير الإيراني لدى بغداد عنصر من عناصر فيلق القدس، والسفير الذي سيحل محله عنصر أيضاً.

ليس ما ذكرناه رجماُ بالغيب ولا ظناً ولكنه واقع تدلل عليه شواهد عدة , فالرجل ذو القامة القصيرة والنظرة الثاقبة فتت العراق واشترى أحزابه ، وتمدد على أرضه دون وجه حق، ويسعى عبر مخططات الملالى إلى تصعيد العنف والقفز على مكتسبات الانتخابات الأخيرة لذلك فأن طرده من الأراضى العراقية واعتباره شخصا غير مرغوب فيه سينهي كل الخطط الطائفية ويقوض المشروع الإيرانى.

لقد حان الوقت لكى يعيد العراق صوته ولا سبيل لتحقيق ذلك سوى بزوال سليمانى وإخراجه من المحيط العراقى, في إطار حكومة مستقرة وذات سيادة .فالانتخابات الأخيرة حملت بشائر التخلص من التبعية ومن غير المرجّح أن تفرز حكومة شيعية موالية لإيران لذلك يتعين على العراقيين استكمال ما بدأوه والاستمرار فى إعادة هندسة المشهد الداخلى بما يضمن أن يصب مخرجاته لصالح حكومة العراق القوية والتى ستكون مفتاح التوازن و” ترموميتر” الاستقرار في كل الشرق الأوسط كما أن من شأنها أيضا إحداث تحول جذرى فى ديناميات العلاقات العربية الإيرانية.