الرئيسية » أرشيف » التحرك العربي مطلوب لمواجهة السيناريوهات السورية الأسوأ
أرشيف

التحرك العربي مطلوب لمواجهة السيناريوهات السورية الأسوأ

بقلم: احمد وجدى

من حقنا أن نقلق علي سورية، فالتوقعات لا تبشر بخير، ومصدر القلق ليس إصرار بشار الأسد علي التمسك بكرسي الحكم تحت شعار «أنا أو سورية» مستخدماً كل ما في ترسانته العسكرية من أسلحة فتاكة التزاماً بهذا الشعار، بل مصدره التحليلات المتشائمة لسورية ما بعد بشار، فسقوط بشار حسب هذه التحليلات لن يكون نهاية لأزمة سورية، بل بداية لأزمة قد تكون أشد خطورة.

التوقعات، غربية وشرقية، تقول إن سورية مهددة بالصوملة أو العرقنة أو التقسيم، فقد تتحول سورية إلي صومال أخري بحكم وجود جهاديين بين صفوف الثوار يتحركون كفصيل منفصل عن الثورة، ويحقق إنجازات عسكرية علي الأرض، خاصة في منطقة حلب، حيث نجح في السيطرة علي عدة قواعد لقوات الأسد وغنم منها أسلحة كثيرة، وهذا الفصيل لن يلقي السلاح بعد نجاح الثورة، لأنه يعمل وفق أجندة مرتبطة بالقاعدة.

وسيناريو العرقنة وارد أيضاً، فالانقسام السني – العلوي واضح، والمعلومات تشير إلي أن بشار الأسد أعد العدة للانتقال إلي اللاذقية علي الساحل السوري ذي الأكثرية العلوية، ومهّد لهذا الأمر، بنقل نخبة من كتائب المغاوير الشرسة والتي تدين له بالولاء الأعمي، بالإضافة إلي كتيبة صواريخ مزودة برؤوس كيماوية، كما مهد لهذا الأمر بإجراء تصفية للجيوب السنية الموجودة في المنطقة، ومن هنا التوقعات بظهور صراع عسكري سني – علوي طويل المدي.

وقد يؤدي سيناريو العرقنة إلي سيناريو التقسيم، وهذا مشروع قد بدأ الترويج له فعلاً، وتدعمه إيران وروسيا وربما الصين أيضاً، لأنه يحافظ علي الحد الأدني من مصالح هذه الدول في سورية المقسمة.

وفي كل هذه السيناريوهات تنجلي حقيقة مرة، وهي غياب الإرادة العربية، فالدول العربية تدعم المعارضة السورية، ولكنها لا تملك رؤية لمرحلة ما بعد بشار، ولا تملك الحلول للسيناريوهات السلبية، صحيح أننا نسمع تصريحات عن رغبة الدول العربية في رؤية سورية حرة وديمقراطية وموحدة، إلا أن أياً منها لا يملك الإرادة والقوة لفرض وجهة نظره.

وتجنب المصير الأسود لسورية يقتضي تفاهماً عربياً – عربياً غير موجود حالياً، ولكنه غير مستحيل إذا ما صفت النوايا، وهذا التفاهم مصيري، فنحن لا نستطيع تحمل عبء خسارة سورية، وتحولها من دولة مواجهة قوية إلي دولة ضعيفة أو مقسمة، فإن هذا الوضع يلحق أكبر الضرر بالتوازن العربي – الإسرائيلي في وقت نحث فيه السعي لحل القضية الفلسطينية وإغلاق ملف السلام في الشرق الأوسط.